تنظيم داعش هدف شعبي في ليبيا هذه الأيام. من الشرق والجنوب، يتقدم الجيش بقيادة خليفة حفتر، في اتجاه مدينة سرت، التي يسيطر عليها حوالي 5 آلاف من متطرفي داعش. ومن الغرب، أنشأت حكومة فايز السراج المدعومة من الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس مركز قيادة لمكافحة التنظيم. كما تستعد حكومة منافسة في الغرب للقتال، والأمر نفسه ينطبق على القبائل في محيط مدينة سرت.

إنه لمن العار، إذن، أن هذه الأطراف تثبت فشلها في العمل معا. الفجوة الرئيسية، هي ، أكثر من أي وقت مضى، ما بين الشرق، حيث ما يزال يدعم الجنرال حفتر حكومة أخرى، والغرب، حيث يكافح السيد السراج لبسط سلطته. ويرى كل جانب في مكافحة داعش فرصة لترسيخ وجوده على حساب الآخر. كلاهما يهرول نحو سرت وقد يتواجهان قريبا.. بين بعضها البعض، فضلا عن الجهاديين. وهنا.. تحذر الأمم المتحدة من حرب أهلية مرة أخرى.

أمريكا وأوروبا تريدان أن تتحد الجماعات المسلحة في ليبيا تحت إمرة السيد السراج، الذي عين رئيسا للوزراء بعد أن وقع السياسيون من كلا الجانبين المتناحرين في البلاد على اتفاق في ديسمبر الماضي. لكن هذا الاتفاق لم يحظ بعد بالموافقة من قبل البرلمان في الشرق، حيث يعارض البعض تسليم الإدارة الجديدة السيطرة على الجيش دون ضمان مستقبل الجنرال حفتر.

وقد لزم السيد السراج قاعدة بحرية منذ وصوله إلى طرابلس يوم 30 مارس. وبعد بداية سلسة، تسلم فيها السيطرة على مؤسسات الدولة وحظي بدعم عدة ميليشيات، بات يجد صعوبة في تحقيق تقدم. المواطنون مايزالون يعانون من انقطاع الكهرباء ونقص السيولة النقدية وانعدام الأمن. والأسوأ من ذلك هو أن داعش يتقدم. في 5 مايو سيطر المتطرفون على البوقرين الواقعة على بعد 130 كلمتر غرب سرت، دون مقاومة تذكر من جانب القوات المتحالفة مع السيد السراج.

ورغبة منه في تأكيد بعض السلطة، أعلن السيد السراج عن مركز قيادة جديدة في اليوم التالي. وقد أوكلها إلى ضباط عسكريين من مصراتة، التي تعد موطنا لعشرات الميليشيات التي تشكل المنافس الرئيسي لقوات الجنرال حفتر. ومن المفترض أن تركز هذه القيادة على غرب البلاد، لتلافي صراع جهوي داخلي. لكن ذلك لم يمنع من وقوع مناوشات بالفعل بين قوات مصراتة و قوات الجنرال حفتر قرب زيلاه، جنوب سرت.

إن الأمر ، الآن، هو "سباق خطابي إلى سرت"، يقول جيسون باك عن مؤسسة استشارية حول ليبيا. لا أحد قد هاجم في الواقع الإرهابيين. الجنرال حفتر، لا يزال بصدد تعزيز خطوط إمداد له. ولكن يبدو أنه حريص على إثبات نفسه حليفا لا غنى عنه في معركة الغرب ضد داعش ، وزيادة نفوذه في مفاوضات مستقبلية حول شكل الحكومة الليبية. ويعتقد البعض أنه يأمل فشل السيد السراج لتولي دور الرجل القوي.

في طريقه إلى مدينة سرت يحاول الجنرال حفتر انتزاع منشآت نفطية على طول الساحل، وهي منشآت تحميها قوات حرس منشآت النفط شبه الرسمية. المادة السوداء هي سبب آخر من أسباب النزاع بين الشرق والغرب. مؤسسة النفط الوطنية، التي أعلنت الولاء للسيد السراج، هي الجهة الوحيدة المسموح لها بتصدير النفط وفق الامم المتحدة. لكن الحكومة الشرقية أقامت مؤسسة موازية .

منعت الحكومة شرق البلاد منذئذ جميع شحنات النفط من ميناء مرسى الحريقة. وإذا كان حلفاؤها سيطروا على منشآت في البريقة، فإن صادرات النفط التي تقلصت بالفعل في ليبيا يمكن أن تتوقف. ومن شأن ذلك أن يحرم السيد السراج من الشرعية ومن مصدر حيوي للدخل، لدفع الرواتب وإدارة الدولة. كما أن احتياطي العملات الأجنبية في ليبيا، المستخدم لإبقائه واقفا على قدميه، بدأ ينفد بشكل خطير.

الجنرال حفتر يثير التوترات بطرق أخرى. لقد رفض أن يلتقي مارتن كوبلر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا. كما أبرم تحالفا مع قادة خدموا تحت معمر القذافي. وداعش، من جانبه ، من المرجح أن يضرب دفاعا محكما حول معقله. وتضطر أمريكا وبريطانيا وفرنسا، التي لديها قوات على الأرض في ليبيا الاختيار في نهاية المطاف بين دعم السيد حفتر في معركته ضد داعش في سرت، أوالحفاظ على الشرعية التي يقف عليها السيد سراج.