لا تعد إفريقيا أغنى قارات العالم بمواردها الطبيعية فحسب، بل تحتل القارة المرتبة الأولى على مستوى العالم من حيث تعدد اللغات الأم فيها والثقافات لكثرة الحضارات المتعاقبة في ظل وجود أجيال حافظت على اللغة الاصلية (اللغات الأم) التي يتم استخدامها سواء في العديد من مظاهر الحياة.

وتؤكد الدراسات الحديثة عدم وجود وثائق توضح بدقة عدد اللغات في إفريقيا ففي حين يرى بعض الباحثين في اللغة أنها تسعمائة، يرى آخرون أنها تجاوز الألف، ومهما يكن فأن العدد الحقيقي لهذه اللغات يظل مجهولا، وتنتشر اللغة العربية على نطاق واسع في المناطق الشمالية مثل مصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر والمغرب والصومال وجيبوتي وتنزانيا وموريتانيا.

ويتميز شعب القارة باستخدام العديد من اللغات الخاصة للتواصل عبر مواقع الاجتماعية التي انتشرت خلال الفترات الماضية فيما بينهم وبين افراد اللغة الواحد، حيث يمكنهم التواصل عند طريق أكثر من لغة يتم استخدامها وقد تكون لغة متداولة تصل لكل أولاد القارة، أو لغة أقل انتشارا (محدودة – لا يستخدمها إلا افراد معينة) للتواصل الضيق فيما بينهم فقط.

وقام العالم النمسوي فردريش بوضع تصنيفات لعدد كبير من اللغات على أساس مفهومات لغوية وعرقية، يتسم بالدقة العلمية في تحديد السمات اللغوية المشتركة المعتمدة أساسا للتصنيف السلالي، ويؤكد التصنيف نواحي التشابه من ناحية الصوت والمعنى بين لغتين أو أكثر وعدَّ هذا التشابه دلالة واضحة على وجود علاقات نسب تفرض على الباحث في تصنيف اللغات المتشابهة في مجموعة واحدة.

وتنقسم اللغات في القارة الأفريقية إلى أربع لغات أساسية يندرج تحتها الآلاف من اللغات المحلية، حيث تقوم بعض الدول الأفريقية باستخدام اللغة الأم (المحلية أو الاصلية) في التعامل بين أفراد الشعب، حيث قد تكون للدولة الواحدة أكثر من لغة يتم التعامل بها، ولكن اللغات الأكثر انتشارا في القارة هي الانجليزية والفرنسية والعربية والاسبانية والسواحلية (الأكثر انتشارا).

وتعلم الأفارقة المثقفون وتحدثوا عقب الحرب العالمية الثانية العديد من لغات على رأسها الفرنسية والإسبانية، بينما تحدث الأفارقة (الزنوج) الذين تم استعبادهم في الولايات الامريكية الانجليزية عقب عودتهم لبلادهم، وتحدثت شعوب أفريقية أخري العربية نظرا لتبعيتها لشبه الجزيرة العربية.

وتنتشر اللغة الانجليزية في الكاميرون وغرب إفريقيا، وتستخدم لغة «كريو»، وهي نمط من الإنجليزية الهجينة، كما تستعمل في فريتاون في سيراليون ... ويرجع الباحثون ظاهرة التهجين اللغوي إلى حاجة السكان القارة السمراء إلى توليد لغة مشتركة تستخدم كوسيلة للتفاهم فيما بينهم بسبب الاختلاف الواضح بين لغاتهم، وقد أسهم هذا الاختلاف، إلى حد كبير، في تعثر محاولات كثيرة لوضع تصنيفات سلالية للغات الإفريقية.

وقسم الباحثون اللغات الافريقية إلى العديد من الفروع والاقسام. وتعد اللغات الأفروآسيوية (وتعرف أيضا باللغات الحامية السامية) وهي إحدى المجموعات اللغوية الرئيسية التي تنقسم إليها لغات العالم، حيث يتركز أغلب المتحدثين بها في شمال أفريقيا والقرن الإفريقي والسودان والركن الجنوبي الغربي من قارة آسيا والتي تشمل الجزيرة العربية والهلال الخصيب، بالإضافة إلى أقليات في تركيا وإيران، وتمتلك أطول تاريخ مسجل من أي عائلة لغات أخرى.

ويتحدث باللغات الأفروآسيوية ما يزيد على 350 مليون نسمة، وتعد اللغة العربية أكثر اللغات استخداما في هذه المجموعة بما يزيد عن 230 مليون نسمة في كل من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كما توجد اللغة الأمازيغية أو البربرية في شمال إفريقيا بعدد متحدثين ما بين 25 إلى 35 مليون نسمة، كما توجد لغة الهوسا في شمال نيجيريا وجنوب النيجر بحوالي 25 مليون شخص، واللغة الأمهرية في إثيوبيا بحوالي 25 مليون شخص ، ولغة الأومو في كينيا وإثيوبيا بحوالي 33 مليون شخص ، واللغة الصومالية في الصومال بحوالي 15.5 مليون شخص...كما يوجد لغات أفروآسيوية قديمة وهامة مثل اللغة المصرية القديمة ، الآكادية والآرامية وغيرها.

اللغات النيلية الصحراوية هي عائلة لغوية منتشرة في إفريقيا، وخاصة في السودان وتشاد وكينيا، ويتحدث بها حوالى 11 مليونا ، تنقسم إلى العديد من الفروع ومنها، لغة البرتا، لغات سودانية وسطى (ومنها لغة سارا ولغة الجور ولغة البنقو ولغة المادي ولغة الكبارة)،لغات السودانية شرقية (ومنها النوبية ولغة التامة ولغة الأرنجا)، ولغات نيلية (ومنها لغة الدينكا ولغة الشلك ولغة النوير ولغة الأنواك ولغة البور ولغة التوركانا ولغة الباري ولغة المنداري)، ولغات القمز ، لغة الكوناما، ولغات مابية (ومنها لغة المساليت ولغة الرنقا)، ولغات صحراوية ومنها لغة التيدا ولغة الدزازا (قرعان) ولغة البرتي ولغة الزغاوة ولغة كانوري، لغات السونغاي، لغات فوراوية (ومنها الفوراوية وأضاف روجر بلينتش اللغات الكادوغلية إليها)، ولغة الشابو في إثيوبيا قد تكون نيلية صحراوية، لكن يختلف العلماء فيها.

وتتضمن اللغات الافريقية أيضا اللغات النيجرية الكونغولية وهي عائلة لغوية كبيرة في إفريقية جنوب الصحراء التي تستخدم فيها وهي من جنوب موريتانيا إلى كينيا ومن جنوب تشاد إلى جنوب أفريقيا وتعد من أكبر العائلات اللغوية في العالم من حيث عدد اللغات التي تتضمنها، والمساحة التي تغطيها من أهمها اللغة السواحلية والزولو والولفية، ومعظم هذه اللغات تتبع نظام أبواب إسمية معقد ففي السواحلية مثلا، تنقسم الأسماء إلى 11 أبواب، باب للناس والحيوانات، باب للأفكار، باب للأشياء الكبيرة، الخ. (وأما في العربية بابان إسمية فقط، وهي المذكر والمؤنث.)

وتتواجد اللغة السواحلية في سواحل إفريقيا الشرقية، وهي لغة كينيا وتنزانيا الرسمية، كما أنها اللغة الأم لأكثر من مليون نسمة، كما تعلمها خمسون مليونا، وهي من لغات البانتو، لكن أثرت عليها العربية كثيرا، وتكتب بالحروف اللاتينية الآن، لكن كانت تكتب بالحروف العربية من قبل وتتحدث بها نحو 10 دول هي: تنزانيا، كينيا، أوغندا، رواندا، بوروندي، جمهورية الكونغو الديمقراطية، الصومال، جزر القمر، موزمبيق، مالاوي.