دعا قضاة مغاربة إلى مراجعة القوانين المرتبطة بحماية الأطفال، خاصة منها قانون الكفالة، مشددين على ضرورة تعزيز الضمانات وسد الثغرات المسجلة على مقتضياتها من خلال الممارسة الميدانية.
ودعا المشاركون في الندوة الوطنية التي عقدتها محكمة النقض المغربية، حول كفالة الأطفال المهملين "بين تقوية الضمانات وتذليل الاكراهات"، إلى مراجعة الإطار القانوني لمراكز استقبال وحماية الطفولة، بما يضمن ملاءمة ظروف الإيواء بها للمعايير الدولية المعتمدة للاستقبال والتكفل بالأطفال وحمايتهم، مؤكدين على أهمية تقييم برامج المؤسسات المكلفة باستقبال الأطفال المهملين والرفع من قدرات الساهرين عليها وتقييم تجارب الجمعيات المتخصصة في الموضوع.
وقال مصطفى فارس الرئيس الأول لمحكمة النقض، إلى ما اعتبره قصورا تشريعيا في هذا المجال، والذي جسد حسبه موخذات من خلال الممارسة اليومية لنصوص القانون، مبنها في هذا السياق إلى اصطدام الممارسين بإشكاليات تعرقل مسار التكفل، وخصوصا "طالبي الكفالة أو المتخصصين من قضاة ومحامين ومهتمين".
وأشار في ذات السياق إلى الاشكاليات المرتبطة بالظروف الاجتماعية للأطفال موضوع الكفالة ومؤسسات الاستقبال، وكذا إشكاليات مرتبطة بتفعيل المقتضيات القانونية وتطبيقها قضائيا.
وسجل الرئيس الأول لمحكمة النقض المغربية أن موضوع معالجة كفالة الأطفال المهملين ببلادنا عرفت عدة محطات، مشيرا أنها "انتهت على مستوى القوانين بصدور قانون 15.01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين".
وأوضح فارس أن القانون المذكور تضمن شروطا موضوعية لكفالة الطفل المهمل، وذلك من خلال التنصيص على "الإجراءات المسطرية التي يتوجب إتباعها من طرف طالب الكفالة، والجهات المخول لها النظر في طلبه، وإسناد هذه الكفالة، وتتبع تنفيذها ومدى الوفاء بالالتزامات الناشئة عليها".
وطالب المتدخلون بإحداث آلية وطنية للتنسيق، تضم كافة الفاعلين والمتدخلين في مجال كفالة الأطفال المهملين، منبهين إلى ضرورة "تكريس احتفاظ المكفولين بهويتهم وصيانة كرامتهم وحماية مصلحتهم".
وفي هذا السياق أوصى المشاركون بإحداث وقائية ترصد الأوضاع الاجتماعية الهشة المتسببة في إهمال الأطفال للنهوض بها، بالاضافة إلى علاجية تعنى بدارسة الإشكاليات التي تعترض موضوع التكفل بالأطفال المهملين وطنيا ودوليا، وتقييم أوضاعهم واقتراح الحلول الناجعة.
الندوة التي استعرض فيها المتدخلون مقارباتهم لحل الإشكاليات التي تعترض ملفات الكفالة، خلص النقاش فيها إلى أهمية إحداث خلية على مستوى كل محكمة أسرة، توكل إليها مهمة تتبع ملفات كفالة الأطفال المهملين وتسهيل مساطر التكفل.
هذا وشدد القضاة المشاركون في الندوة، على ضرورة اعتماد المقاربة التشاركية، وتثمين دور المجتمع المدني في البحث عن آليات وطنية ودولية لتعزيز التتبع والمراقبة اللاحقة لإسناد الكفالة داخليا وخارجيا، بما في ذلك الاتفاقيات الثنائية.
الندوة الوطنية، طالب خلالها القضاة بتعزيز دور ممثلي الهيئات الديبلوماسية في الخارج، بمن فيهم قضاة الاتصال وقضاة التوثيق، وتفعيله في مجال كفالة الأطفال المهملين، مبرزين أهمية التحسيس بالكفالة والتشجيع على التكفل وإيجاد الأسرة البديلة كقيمة اجتماعية ودينية وإنسانية، في ظل عولمة كاسحة واتجار متصاعد خاصة بفئة الأطفال القاصرين.