أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أن بلاده قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، وقال لعمامرة إن "الجزائر قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب "أفعال عدائية متواصلة" من المغرب ضد الجزائر"،وأضاف أن "قطع العلاقات الدبلوماسية لا يعني بأي شكل من الأشكال أن يتضرّر المواطنون الجزائريون المقيمون بالمغرب والمغاربة المقيمون بالجزائر من هذا القرار". لكن المراقبين والمحللين يرون أن قطع العلاقات بين البلدين له تداعيات وخيمة على كل الأصعدة من الاقتصادية والأمنية إلى الاجتماعية وغيرها.

هذا التوتّر الحاصل في العلاقات الجزائرية المغربيّة والذي أدّى إلى القطيعة بين البلدين يؤثر أساسا على المعاملات التجارية والعلاقات الاقتصادية بين البلدين وأهمها خط أنابيب الغاز الجزائري الذي يربط الجزائر بإسبانيا عبر المغرب، ويعتبر إحدى المصالح الاستراتيجية التي تجمع البلدين المتجاورين، وتم إنجاز هذا المشروع في 1997، بتكلفة استثمارية تبلغ 2.3 مليار دولار، خصص منها قرابة 900 مليون دولار للشطر البري الممتد في المغرب ومضيق جبل طارق، ويمتد على طول 2136 كيلومتراً، انطلاقاً من الصحراء الجزائرية.

وإذا قررت الجزائر عدم تجديد العقد الذي سينتهي أواخر شهر أكتوبر القادم، فإن المغرب سيفقد العديد من المزايا التي كان يتمتع بها مقابل رسوم العبور، وبموجب الاتفاق المبرم بين كل من إسبانيا والجزائر والبنك الأوروبي للاستثمار، تحصل الرباط بدل الرسوم الضريبية على 10 في المئة من عائدات الغاز الجزائري المسال في الأنبوب العابر للتراب المغربي، وتقدر كمية الغاز بحوالى 20 مليار متر مكعب سنويا، أي أن نصيب المغرب يقارب مليارا ونصف مليار دولار سنويا، وهوما سيجعلها في حاجة أيضا  لنحو مليار متر مكعب سنويا من الغاز لسد حاجات مصانعه وحتى إنتاج الطاقة الكهربائية التي أصبحت مرتفعة. 

أما سلسلة الصادرات المتبادلة بين البلدين فهي ثاني قطاع اقتصادي سيتضضرّر جراء هذه القطيعة حيث تصدر المغرب إلى الجزائر ما قيمته 173.6 مليون دولار في عام 2018، وتراجعت هذه القيمة في 2019 لتصل إلى 159 مليون دولار، واستمرت في التراجع خلال عام 2020 لتبلغ 133.8 مليون دولار. وكان الحديد والصلب أكثر المنتجات المصدّرة من المغرب إلى الجزائر خلال عام 2020 بإجمالي 38.3 مليون دولار، يليها منتجات الأسمدة بإجمالي 18.3 مليون دولار ثم اكسسوارات الملابس بإجمالي 16.4 مليون دولار.

فيما بلغ إجمالي صادرات الجزائر إلى المغرب في عام 2018 نحو 742 مليون دولار، لتتراجع قيمة الصادرات في 2019 إلى 515 مليون دولار، وكذلك عام 2020 لتسجل 433.4 مليون دولار.وتعتبر منتجات الوقود والزيوت المعدنية الأكثر تصديرا من الجزائر إلى المغرب خلال عام 2020 بإجمالي 368 مليون دولار، يليها الفواكه والمكسرات بإجمالي 29 مليون دولار، ثم منتجات الكيميائية العضوية والغير عضوية بإجمالي 16.6 مليون دولار.

ومن بين الاتفاقات الأخرى المهدّدة بالإلغاء إن لم تثمر الجهود الدولية والمحلية في تهدئة حدّة التوتر بين البلدين الشقيقين حسب ما تصريحات إعلامية للباحث الجزائري في الشؤون السياسية والأمنية  مبروك كاهي، "اتفاق استخدام المجال الجوي الجزائري لعبور الطائرات المدنية المغربية وهو ما يعتبر خسارة كبيرة للخطوط الجوية الملكية المغربية لأنها ستكون مجبرة على سلوك مسارات أطول نحو أوروبا من أجل المرور إلى الشرق الأوسط وشرق إفريقيا وحتى جنوبها." ومن الجهة الأمنية أيضا يؤكد المراقبون والمحللون أن هذه القطيعة من شأنها أن تضعف جهوده البلدين في مكافحة تمدّد الجماعات المتشددة والمتطرّفة  وتسللها ليس فقط نحو أراضيهما بل وتهدّد أمن أراضي دول الجوار، ما يمكن أن ينسف كل المساعي والفعالية السابقة للجزائر في جهود مكافحة الجماعات المتشددة خاصّة في منطقة الساحل.

أما بخصوص العلاقات الإنسانية بين شعبي البلدين الشقيقين فقد أثيرت مخاوف عديدة بين العائلات الجزائرية والمغربية خاصة وأن الكثير من المتواجدين على الحدود تربطهم علاقات أسرية واجتماعية و ذلك رغم أن الحدود بين المغرب والجزائر مغلقة إغلاقاً تاما منذ أغسطس/أوت 1994، ، من جانبه أكّد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أن "قطع العلاقات الدبلوماسية لا يعني بأي شكل من الأشكال تضرّر المواطنين الجزائريين المقيمين بالمغرب ونظرائهم المغاربة المقيمين بالجزائر، فالقنصليات ستباشر عملها بصفة طبيعية، وهو التقليد المعمول به في العلاقات الدولية، وستبقى هذه الأجهزة الادارية تقوم بعملها القنصلي المحض من دون أي مهمة تتجاوز هذا الإطار الضيق" كما رغم انتشرت تدوينات متطمئنة و متضامنة متبادلة من كلا الشعبين. لكن الخبراء والمراقبين يؤكدون على إمكانية تأثر العلاقات بين الشعبين خاصة إذا ما تطور التوتر وتصاعدت وتيرة الخلاف بين البلدين.

تتجه كل الأنظار الإقليمية والعالمية نحو الخلاف بين البلدين الشقيقين اللذان يربطان دول المغرب العربي ببعضها ويمثلان مفتاح القارة الإفريقية وصمام الأمان بينها وبين الإتحاد الأوروبي، كما تجمعهما علاقات تجارية وأمنية واجتماعية مشتركة لا يمكن للحدود محوها لكن  وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، يقول في هذا السياق بخصوص شروط إمكان إعادة ربط العلاقات الجزائرية المغربية من جديد: "لا أقول أي شيء قد يعتبر تكهنا بما قد يحصل غدا أو بعد غد، وأكتفي بالقول إن الموقف الجزائري جاء في أوانه وجاء بعد تحليل وتفكير ومن باب المسؤولية وليس بناء لعواطف أو مواقف أخرى".