تصر قناة الجزيرة على مواصلة خطابها المؤيد لجماعة الإخوان، ويؤكد المسؤولون فيها أنهم لا ينوون التراجع عن هذا الدور. يكابر المسؤولون عن الخط التحريري لقناة الجزيرة القطرية، على صناعة خطاب منحاز وداعم لحركة الإخوان المسلمين في البلدان العربية، بالرغم من الفشل الذريع الذي تلاقيه الحركة في الشارع العربي.

وتقف قناة الجزيرة القطرية موقفا يتسم بالتحدي في أعقاب الهجوم الشديد الذي شنته عليها حكومات عربية تتهمها بتأييد الإسلاميين. وقالت وكالة “رويترز″ في تقرير لها من العاصمة القطرية “عكس الحكم بسجن مراسلي القناة في مصر ما حل بجماعة الإخوان المسلمين التي تراجع دورها في جانب كبير من الشرق الأوسط لكنه كان بنفس القدر ضربة للجزيرة وراعيتها قطر".

وتتعرض جماعة الإخوان لضغوط في دول مثل مصر والسعودية والبحرين والإمارات وكلها عازمة على سحق الإخوان كما أنها تتهم قطر وقناة الجزيرة بالترويج لأنشطة الجماعة.

كما نفى الصحفيون الثلاثة الاتهامات المصرية ونددت بالحكم المؤسسات المنادية بحرية الصحافة. وقالت الجزيرة إنه لا توجد أي أدلة تدين موظفيها وإنهم أدينوا بسبب الدفاع عن حق الناس في معرفة ما يجري من أحداث. وتقول القناة إنها تقدم تغطية موضوعية لكل جماعات المعارضة.

وقال مصطفى سواق المدير العام بالإنابة إن سياسة الجزيرة التحريرية ليست موضوعا للمساومة أو عرضة للتهاون فيها، مؤكدا أن هذه المسألة غير قابلة للنقاش. وأضاف أن القناة تتعرض لضغوط من السلطات في مناطق عديدة لأنها “أكثر القنوات العربية شفافية وتوازنا وعدم انحياز″.

يذكر أن القناة تأسست عام 1996 في إطار المساعي القطرية لتحويل القوة الاقتصادية إلى نفوذ سياسي وكثيرا ما لعبت دور نصير المسلوبين. من عام 2011 وحتى العام الماضي بدا أن الجزيرة بل وقطر ستستفيدان من النظام العربي الجديد.

لكن اتفاقا لاقتسام السلطة في تونس التي انطلق منها الربيع العربي والإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي في مصر والخسارة العسكرية أمام قوى إسلامية متطرفة في سوريا دحرت الانتصارات التي حققها الإخوان.

إلى جانب ذلك تغيرت صورة الجزيرة خلال الربيع العربي من نصير المستضعفين، إذ أدت تغطيتها إلى اتهامات من بعض المشاهدين بأنها تدعم الإخوان على جماعات المعارضة الأخرى التي كانت تعمل على الإطاحة بالحكام الاستبداديين في تونس ومصر وليبيا.

وقال صاحب متجر في الجزائر يدعى محمد سماي "توقفت عن مشاهدة الجزيرة لأنها لم تعد تنقل الحقيقة إلى المشاهدين. فهي تزرع المشاكل وتحرض على التدمير في العالم العربي".

وبلغت مشاكل الجزيرة أقصاها في مصر بعد أن عزل قائد الجيش المصري السابق عبد الفتاح السيسي الرئيس مرسي في أعقاب احتجاجات على حكمه في العام الماضي.

وقال سواق إن مكاتب الشبكة تعرضت أكثر من مرة لاعتداءات من بلطجية وإن السلطات أجبرتها على الإغلاق في نهاية الأمر في يوليو عام 2013 بعد الإطاحة بمرسي. وانتخب السيسي رئيسا لمصر في مايو الماضي.

ورغم إغلاق مكتب القناة واعتقال الصحفيين استمرت قناتا الجزيرة مباشر والجزيرة مباشر مصر في بث لقطات لاحتجاجات الإخوان واستقبال مكالمات يؤيد أصحابها الرئيس المعزول مرسي.

وقالت مصادر بصناعة الإعلام إن قطر تعتزم فتح قناة إخبارية تسمى العربي على أن تتخذ من لندن مقرا لها. وقال مصدر يشارك في هذا المشروع إن القناة ستتيح الفرصة لكل من يؤيد ثورات الربيع العربي.

غير أن المساعي الرامية إلى تكوين سوق لها في الولايات المتحدة تعثرت. وكانت الشبكة أطلقت قناة الجزيرة أميركا في أغسطس 2013 بـ 12 مكتبا في مدن رئيسية.

وأدى فشل الشركة في استقطاب جمهور أميركي كبير إلى تخفيضات في التكاليف والوظائف وفقا لما ذكرته مصادر مقربة من الجزيرة.

ويبلغ عدد مشاهدي القناة في المتوسط 15 ألفا أي نحو نصف عدد مشاهدي قناة كارانت تي.في التي كانت تعمل في الولايات المتحد قبلها. وسيدير قناة العربي عزمي بشارة الفلسطيني الذي يدير مركزا للأبحاث في قطر.

ورغم أنه لم يتضح ماهية الرد المرجح من الدول العربية المحافظة في الخليج على إطلاق قناة العربي فإن هذه الدول تضغط بشدة على قطر للحد من تأييدها لجماعات المعارضة في المنطقة.

وأخذت السعودية والإمارات والبحرين خطوة غير معتادة في مارس سحبت فيها سفراءها من الدوحة احتجاجا على ما وصفته بتدخل قطري في شؤونها الداخلية. وقال دبلوماسيون إن هذا التحول ترجع جذوره إلى الاستياء من تغطية الجزيرة للأحداث في هذه المجتمعات.

ويصر سواق على التحدي، قائلا: "الإخوان قوة داخل مصر وخارجها ولا يمكن لوسائل الإعلام أن تتجاهلها".

وحتى قبل الربيع العربي كان للجزيرة أعداؤها، فبالإضافة إلى مصر أغلقت مكاتب الجزيرة في العراق عام 2004 وفي البحرين عام 2010 وفي سوريا في الأشهر الأولى للانتفاضة على حكم الرئيس بشار الأسد. واضطرت الجزيرة إلى تجميد نشاطها في السعودية بعد أن سحبت الرياض سفيرها في مارس، ولم تسمح الجزائر والإمارات للجزيرة بالعمل في أراضيها.

ولم ينج صحفيوها، فقد اعتقل السوداني سامي الحاج أثناء وجوده في أفغانستان عام 2001 واحتجز في سجن غوانتانامو حتى عام 2008 للاشتباه في صلته بتنظيم القاعدة. وفي عام 2005 حكمت محكمة أسبانية على مراسل القناة تيسير علوني بالسجن بتهمة توصيل أموال إلى القاعدة. ونفى علوني هذه الاتهامات.

وقد اتجه بعض المشاهدين إلى قناة العربية التي تعكس مواقف الدول المحافظة في الخليج والتي قدمت تغطية متألقة للسيسي. وكانت القناة أول من حصل على مقابلة تلفزيونية مع الرئيس الأميركي باراك أوباما عام 2009.