اتهم متابعون للشأن الليبي دوائر محلية وإقليمية بتقديم دعم قوي لتنظيم “الدولة الإسلامية” لتوسيع معاركه في الشرق والشمال الليبيين، بهدف إفشال مسار الحوار الوطني الذي يهدد بنسف مواقع نفوذ هذه الدوائر ومصالحها في ليبيا، وفقا لصحيفة العرب اللندنية.

وتشهد سرت (500 كلم عن طرابلس) معارك عنيفة منذ خمسة أيام قتل وأصيب فيها العشرات بين مسلحين من المدينة الواقعة في شمال ليبيا وتنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر عليها منذ يونيو.

وبدأت المعارك الثلاثاء الماضي عقب مقتل رجل من قبيلة الفرجان على يد داعش لرفضه إعلان ولائه للتنظيم، وردت القبيلة بحث سكان المدينة على الثورة ضد داعش وقتلت قائدين في التنظيم هما السعودي أبو حذيفة والمصري أبو همام المصري.

ووصف رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبدالله الثني ما تتعرض له مدينة سرت على أيدي داعش بجرائم الإبادة وناشد المجتمع الدولي مساعدة ليبيا للتصدي للتنظيم.

وتتجه شكوك كبيرة إلى ميليشيا فجر ليبيا بدعم داعش بعدما فشل المؤتمر الوطني المنتهية ولايته في تعطيل مسار الحوار، وفرض شروطه في جنيف، بسبب الضغوط التي مارسها المبعوث الأممي برناردينو ليون، وتلويح دول أوروبية بارزة بفرض عقوبات صارمة على الميليشيا التي تسيطر على العاصمة طرابلس ومن ورائها جماعة إخوان ليبيا.

وأشار مراقبون إلى أن فجر ليبيا كانت تقدم نفسها الطرف الأقوى القادر على هزم داعش، وذلك لنيل الاعتراف الدولي، ولما فشلت في ذلك، أوقفت معاركها مع التنظيم وانسحبت من مواقع كثيرة دون مقاومة.

ويلزم الحوار الوطني الذي يحرص ليون على أن ينتهي إلى اتفاق شامل قبل أكتوبر القادم، مختلف الأطراف على المشاركة في مواجهة المجموعات الإرهابية، وهي مرحلة تتهرب منها الميليشيا المسيطرة على طرابلس خوفا من أن تكشف عن علاقتها بتوسع داعش سواء في سرت أو في بنغازي، وتعطيل جهود الجيش في الحرب على الإرهاب.

وتراهن الميليشيا المرتبطة بالإخوان على تخويف الدول الغربية المعنية بالملف الليبي من توسع داعش لتقبل بها شريكا قويا في السلطة، وهي الآن تستعمل “الدولة الإسلامية” ورقة ضغط لإفشال مسار الحوار الذي يعترف بالبرلمان المنافس في طبرق مصدرا وحيدا لمراقبة الاتفاق النهائي والتصديق عليه.

وقال سليم الرقعي، عضو مجلس النواب الليبي، المعترف به دوليا، إن المعارك في سرت تفضح “فجر ليبيا وتسقط عنهم ورقة التوت”، مشيرا إلى أن “جماعة الإخوان أو فجر ليبيا ساندوا أنصار الشريعة (داعش) من قبل في سرت حتى لا تقع تحت قوة كتيبة شهداء الزاوية التابعة لقوات الصاعقة في بنغازي، والآن يساندون الدواعش.

وأشار إلى أنه في سرت ليس ثمة وجود لقوات “فجر ليبيا”، كما هو حال كتيبة شهداء بوسليم في درنة، فالقوة في سرت إما للدواعش أو السلفيين الموالين لقائد الجيش خليفة حفتر، لهذا “يفضلون أن تظل سرت تحت سيطرة الدواعش لا تحت خصومهم السلفيين”.

واتهم نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي جهات خارجية، بينها تركيا، بالوقوف وراء ما يجري بعدما نجح الحوار الوطني في سحب البساط من تحت قدميها، وأفشل خطتها للسيطرة على ليبيا عبر الميليشيات ومن ثمة احتكار عملية إعادة الإعمار وفتح ليبيا أمام الشركات التركية.

واستغرب النشطاء كيف أن ميليشيات مصراتة المدعومة من تركيا تراقب ما يجري في الجارة سرت بصمت، مشددين على أن “الحياد” تجاه المجازر في سرت يعني دعما لداعش.

وسبق أن أعلنت تركيا دعمها للميليشيات في مواجهة العمليات التي يقودها الجيش الليبي بزعامة حفتر، وهو ما أدى إلى توتير العلاقة بين البلدين، ودفع الحكومة المعترف بها دوليا إلى مطالبة الأتراك بمغادرة ليبيا. وقصف الجيش الليبي في مايو الماضي سفينة تركية داخل المياه الإقليمية الليبية غير بعيد عن سواحل مدينة درنة التي تحولت إلى معقل رئيسي لتنظيم داعش.

ووجهت قيادات في الجيش الليبي أكثر من مرة أصابع الاتهام إلى تركيا بوقوفها وراء تهريب الأسلحة إلى ميليشيات مصراتة وفجر ليبيا.