أعلن راشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة الإسلامي في تونس عن بدء وساطة بين الفرقاء السياسيين في ليبيا وقال في تصريحات صحفية أن "هناك بداية للاتصال مع زعماء ليبيا من أجل الإسهام في إجراء حوار وطني بين كل الفرقاء الليبيين توصّلاً إلى توافق، وإلى وضع المسار الانتقالي الليبي على طريق النجاح الديمقراطي". 

ولا يعلم كافة الساسة الليبيين بهذه المبادرة الذي أعلنها الغنوشي . 

وتقول الكاتبة .."امل الهذلي" حول هذه المبادرة ..ما انفك زعيم حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي يعلن في كل حين عن توليه القيام بوساطات بين مختلف الفرقاء في الدول العربية أو الحليفة لحركة النهضة التي تشهد أزمات، وما انفكت وساطات «الشيخ»تبوء بالفشل أو لا تؤتي أكلها لتتعقد الأوضاع فيما بعد وتسير نحو التأزم، وهاهو الغنوشي يعلن من جديد شروعه في وساطة جديدة حول الوضع الليبي الساخن، ويصرح بأنه سيسعى إلى تقريب الفرقاء الليبيين وإلى إقتاعهم بالقيام بـ«حوار وطني» استئناسا بالتجربة التونسية التي اعتبرها ناجحة، والأمر يتعلق اليوم بدولة جارة سيكون لمآل الأوضاع السياسية والأمنية فيها عميق الأثر على الأوضاع الداخلية التونسية في هذا الظرف الحساس الذي تعيشه المنطقة ككل.

وكان راشد الغنوشي قد كشف في حوار لإذاعة موزييك أنه سيستقبل -كأولى خطوات الوساطة التي يعتزمها في ليبيا- القيادي الإسلامي الليبي البارز علي الصلابي الذي يمثل التيار المعتدل في ليبيا وقام بمراجعات فكرية خلال فترة سجنه سابقا كما كان السبب في ترك آلاف المقاتلين للسلاح على حد تأكيد الغنوشي. وأوضح زعيم حركة النهضة أنه سيلتقي مع الصلابي «لبحث أفضل الطرق للدخول إلى الأزمة الليبية وتقريب الشقة بين الأطراف المتنازعة» على حد قوله.

واعتبر الغنوشي أن نجاح الحوار الوطني حقق «إشعاعا كبيرا» دوليا، وأكد على أنّ «الليبيين معجبون إعجابا كبيرا بالتجربة التونسية ويتمنون أن تقوم تونس بدور توفيقي»، كما أشار إلى أن نجاح النهضة في تجربتها في الحكم مقارنة ببقية الأحزاب الإسلامية التي عرفت تجارب مماثلة، قد أعطى قوة للحركة خولت لها لعب هذا الدور. 

وقال الغنوشي في تصريحاته لوكالة الأناضول للأنباء التركية إن «هناك بداية للاتصال مع زعماء ليبيا من أجل الإسهام في إجراء حوار وطني بين كل الفرقاء الليبيين توصّلًا إلى توافق، وإلى وضع المسار الانتقالي الليبي على طريق النجاح الديمقراطي».في إنتظار ما ستسفر عنه وساطة الغنوشي في ليبيا لحل الأزمة التي تشهدها البلاد، والتي تتمثل في تدهور الأوضاع الأمنية وفي تصاعد أعمال العنف، بسبب انتشار السلاح وتشكيل ميليشيات تتمتع بالقوة ولا تخضع لأوامر السلطة الوليدة.

وترى الكاتبة أمل الهذلي أنه بحسب تجارب الوساطة الفاشلة التي يحفل بها سجل الغنوشي، فإن توقع نجاحه في وساطاته الجديدة في ليبيا كما يقول والتي ما انفك يقبل عليها يبدو صعبا، في حين لم يعترف الزعيم الإسلامي بأي من إخفاقاته الدولية، كما كان الحال في ما يتعلق باخفاقاته المحلية، خاصة وأن الخطاب الذي تروج له حركة النهضة منذ تسليمها مقاليد الحكم لحكومة المهدي جمعة، كونها «نجحت في تجربة الحكم والديمقراطية» وكونها مساهمة رئيسية في الخروج بالبلاد من الأزمة التي عاشتها، في حين تتهمها أطراف عديدة بالوقوف وراء هذه الأزمة وتحملها مسؤولية التدهور الاقتصادي والأمني الذي تعيشه البلاد اليوم

ويقول المراقبون والمحللون الليبيون ...حول هذه المبادرة أن الغنوشي أعلن توسطه في العديد من الخلافات عل سبيل المثال الوساطة بين فتح وحماس والذي أراد به الغنوشي أن يبدو في أكثر من مناسبة «كبير الجماعة» . 

فقبل ليبيا ، دعم رئيس الحركة الاسلامية ما راج حول اعتزامه لعب دور وساطة بين فتح وحماس في فلسطين وتناقلت مصادر صحفية عربية تصريحا لعضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤولها لملف المصالحة مع حركة حماس عزام الأحمد، يكشف فيه عما دار بينه وبين الغنوشي، خلال زيارته لتونس الشهر الماضي، وأكد أنه طلب منه «التوسّط لإنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة الفلسطينية». 

وأشار الأحمد إلى أنه حرص على اللقاء بمختلف القيادات السياسية، وأنه طلب من الغنوشي التوسّط لإنهاء الانقسام في فلسطين، وقال «لقد طلبت من الأخ راشد الغنوشي أن يتدخل لدى الإخوة في حماس، لما له من علاقات معهم، وللاحترام الذي يحظى به لدى الجميع، طلبت منه أن يتدخل للمساعدة على إنهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية، لتكون تونس قدوة للجميع في فهم الشراكة ووضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبار حزبي أو تنظيمي، وقد وعدنا بتلبية هذا الطلب».

ويقول المراقبون ان الغنوشي أكد هذا الأمر خلال لقاء إذاعي وقال إنه «يشرفه أن يكون واسطة خير بين فتح وحماس، ويتمنى النجاح في ذلك»، كما كان صرح سابقا في حديثه عن زيارته للدوحة أنه ذهب إلى الدوحة لإجراء جملة من الاتصالات بدأها برئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل على حد تأكيده.

وساطات غير مثمرة كشف راشد الغنوشي لمجلة «ليدرز» الناطقة بالفرنسية وأياما بعد الحديث عن وساطته بين فتح وحماس، عن أسباب الزيارة التي أداها إلى كل من أنقرة في مرتين. ولقد التقى الغنوشي برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، كما صرح بلقائه كذلك بمسؤولين من «حزب السعادة» الإسلامي، في محاولة منه «لتقريب الرؤى بين مسؤولي هذا الحزب ومسؤولي حزب العدالة والتنمية الحاكم» .

كما كشف الغنوشي في شهر يوليو 2013 وحين كانت الأزمة المصرية على أشدها وإبان الإطاحة بالرئيس الاخواني السابق محمد مرسي، في تصريح لوكالة الأنباء التركية انه «سيعلن عن تفاصيل وساطة يقوم بها لإيجاد حل للأزمة المصرية» مضيفا «نحن في حركة النهضة في هذا الطريق (الوساطة) وسنعلن عن تفاصيلها يوم تتوضح لنا آفاقها». 

كما أشار في ذات التصريح إلى أن «التدخل التونسي مُرَحَّبٌ به من أكثر من جهة دولية ومصرية». و بعد هذا التصريح، نفت جماعة الإخوان المسلمين في مصر ما تناقلته عدة وسائل إعلامية محلية وأجنبية بشأن وجود وساطة تونسية بقيادة زعيم حركة النهضة راشد لحل الأزمة السياسية في مصر.

وقال أحمد عارف الناطق باسم جماعة الإخوان المسلمين وقتها إنه لا صحة مطلقا لأية مفاوضات من قبل جماعة الإخوان مع الانقلابيين أو قادة الانقلاب العسكري حسب تعبيره مؤكدا عدم استعداد الحركة للتفاوض مع من أسماهم بـ»مغتصبي السلطة».

وتقول "بوابة أفريقيا" في هذا السياق ، غير أن النظر الى الوضع الليبي والفاعلين فيه يؤكد أن المسألة لا تتعدّى أن تكون فرقعة إعلامية ، وأن الغنوشي لا يمكنه لعب دور الوسيط بين الفرقاء الليبييين لأسباب عدة منها تحالفه المعلن مع أحد أضلاع صراع وهو حزب العدالة والبناء الجناح السياسي لجماعة إلأخوان المسلمين في ليبيا والذي يسيطر على المؤتمر الوطني العام المنتهية صلاحيته من خلال كتلة « الوفاء » ، كما أن حركة النهضة التونسية شريكة في التحالف القطري التركي الإخواني الذي إنتفض الليبيون رفضا له خلال الأسابيع الماضية ، ويتهمه الشارع الليبي بالحؤول دون بناء مؤسسات الدولة كالجيش والأمن وبالتحالف مع المتشددين الدينيين والجماعات المسلحة الخاضعة لجماعة الإخوان مثل غرفة ثوار طرابلس التي يتزعمها أبوعبيدة الزاوي وهو أحد قادة الجماعة الليبية المقاتلة التي كانت ذراعا من أذرع تنظيم القاعدة ،وكذلك الدروع التي توصف بأنها سرايا الجيش الليبي الحكومي في حين أن مناوئيها يرونها مجرد ميليشيات مدعومة من قبل الدوحة وأنقرة موقف القبائل وترفض أغلب القبائل ذات التأثير البالغ في المجتمع الليبي أي تفاوض مع الإخوان كما لا يخفي أعيانها أن المسألة باتت مرتبطة بدم وثأر بعد تورط الإسلاميين في سفك دماء الليبيين بمناطق عدة مثل بني وليد وورشفانة والعجيلات وسرت وترهونة وسبها وغيرها ، وتؤكد القبائل التي لا تزال موالية للنظام السابق أن التحالف القطري التركي الإخواني المدعوم أمريكيا خرّب البلاد وجعلها عرضة للتقسيم كما بدّد الثروات وأطاح بمؤسسات الدولة ، وفي هذا التوجه يتفق الموالون للنظام السابق مع قبائل الشرق التي قادت الإنتفاضة في العام 2011 والتي تتهم الإسلاميين وخاصة جماعة الإخوان ومسانديها بالتورط في الإغتيالات اليومية وسفك دماء الإبرياء وتبديد الثروة النفطية وسرقة المال العام والوقوف دون أي مبادرة للمصالحة الوطنية الجماعات المتشددة ومما يؤكد إستحالة مهمة الغنوشي أن القوى المدنية والديمقراطية في ليبيا باتت تتهم جماعة الإخوان المسلمين بالتبعية لقوى خارجية وبتخريب الإقتصاد والمجتمع وتهديد السلم الأهلي وبالتحالف مع القوى المتشددة ومنها تنظيم أنصار الشريعة الذي صنفته تونس كتنظيم أرهابي غير أن عناصره يجدون في ليبيا مساحة للحركة والعمل والتسلّح والمشاركة في الحكم.