مما لا شك فيه أن قوات الناتو التي أغرقت ليبيا لا تريد أن ترى البلاد تطفو تحت سيف الإسلام؛ ولكن إذا ا خُيرت بينه وبين تنظيم "الدولة الإسلامية"، قد تنتهي بتفضيل سيف الإسلام. بالنسبة لأفريقيا وبقية العالم النامي؛ كان من العار أن نسمح بتدمير ليبيا، وإضافة أزمة إلى سلسلة مشاكلنا الطويلة.

سيف الإسلام القذافي، الحاصل على الدكتوراه من كلية العلوم الاقتصادية في لندن، وأحد أكثر أبناء معمر القذافي شهرة تم إطلاق سراحه هذا الأسبوع. وكان قد احتجز لمدة ست سنوات منذ 19 نوفمبر / تشرين الثاني 2011، عندما اعتقلته كتيبة أبو بكر الصادق، بعد الحرب الأهلية الليبية، أثناء محاولته الفرار إلى جمهورية النيجر. وقالت الكتيبة خلال الإعلان عن الإفراج عنه، "لقد قررنا تحرير سيف الإسلام معمر القذافي. هو الآن حر وغادر مدينة الزنتان "حيث كان محتجزا.

تم إطلاق سراح سيف في بلد بحكومات وفصائل متعددة. حكومة الوفاق الوطني أو "حكومة الوحدة" بقيادة فايز السراج التي يعترف بها "المجتمع الدولي" وهي محاصرة في قاعدة بحرية تؤمنها ميليشيات مسلحة ، وهناك حكومة "الخلاص الوطني" الإسلامية برئاسة خليفة الغويل والتي تتقاسم مع حكومة الوفاق طرابلس حيث تسيطر على مواقع استراتيجية منها المطار.

وهناك حكومة ثالثة، بقيادة عقلية صالح، عاصمتها طبرق؛ وهناك تنظيم داعش، الذي يضم أكثر من 000 6 مقاتل مسلح، بالقرب من سرت، مسقط رأس القذافي.

جرى إطلاق سراح سيف الإسلام في مجتمع حاصر والده وأعدمه في ظروف لا إنسانية. إنه المجتمع الذي قُتل فيه أخوته معتصم وخميس فيما مازال الساعدي محتجزا في طرابلس بتهمة ارتكاب جرائم حرب ، وهو يعرف أن أخا آخر، هو هانيبال في المنفى في لبنان، و والدته، صفية وشقيقته عائشة في عُمان، أيضا في المنفى.

في ظل هذه الظروف، ومع تجاربه في الاحتجاز وظروف الإفراج عنه، سيكون من الصعب أن نستنتج ما إذا كان سيف الإسلام لا يزال يتمسك بالوطنية وروح الخدمة التي عُرف بها. ولا يمكننا الآن أن نعرف ما إذا كان لا يزال تواقا للإصلاحات التي كان يتصدرها - بما في ذلك إطلاق سراح السجناء السياسيين - قبل الانتفاضة.

أيضا، ردود فعله يمكن أن تحددها أعمال الغرب، الذي أضرم النار في بلاده؛ ونشر البلطجية المسلحين، وقطاع الطرق والإسلاميين للإطاحة بوالده؛ وقصفت الجيش الليبي لإخضاعه. واليوم، يعلن الغرب في ظل المحكمة الجنائية الدولية، أنه مطلوب لـ "جرائم حرب" مزعومة.

وكانت حكومة طبرق أعلنت قانون العفو كجزء من تحركات للمصالحة؛ وهي تحركات لا تدعمها الحكومتان المتنافستان في طرابلس اللتان قد تكونان لا تزالان ترغبان في اعتقاله وإرساله للمحاكمة.

مهما كان الحال، سيف الإسلام، وبالنظر لإرث والده السياسي، وقوته شخصيته هو نفسه ، والفوضى في البلاد، يشكل قوة لا يستهان بها. وربما كان للكثيرين ممن عرفوا السلام في ظل القذافي، أفضل ضمان اجتماعي في العالم، وفرحة القدرة على القيام بأنشطة إنسانية أساسية مثل الذهاب إلى السوق، وأخذ الأطفال إلى المدرسة أوالأسرة في نزهة، و قد يكون لديهم حنين للعصر القديم.

كثيرون من الطبقات الوسطى والعليا الذين كان يمكنهم الذهاب إلى المطار في طريق رحلة دولية، بدلا من المخاطرة برحلة على الطريق إلى تونس، قد يتوقون إلى عودة أيام القذافي. كثير من أولئك الذين عاشوا في ليبيا آمنة وسلمية طويلة يتوقون للأيام التي كان لهم فيها بلد يستحق اسمه. وهنا يكمن نداء سيف الإسلام.

وقد يكون سيف المحرر حاسما في الحوار الوطني، واستعادة السلام، والتعمير الوطني والوحدة، بما أن بلدا توجد فيه حكومات متعددة لا يمكن أن يقال إنه بلد مناسب. ولكن بمعنى أوسع، سيتم تحديد دوره من قبل القوى على الأرض، ومنطق المسار الليبي، وتصوره لمختلف الجماعات المسلحة في البلاد، وبطبيعة الحال، مدى تدخل أوروبا وأمريكا في الشؤون الداخلية لليبيا.

وكان رجال الشرطة الدوليون من بروكسل (الاتحاد الأوروبي) وواشنطن الذين أشاعوا القتل في ليبيا . هم ووكلاؤهم الذين باعوا لعقود من الزمن ، بأن الرئيس القذافي كان أحمق يجلس على آبار نفط ضخمة يمكن للغرب أن يستخدمها بشكل أفضل.

ولقد شكل هؤلاء ، القوى التي عزلت ليبيا بعدما قلقت من كون القذافي يعمل لأجل الوحدة الأفريقية ، من أجل وسيط نقدي دولي مستقل عن دول الناتو

هؤلاء هم نفس الأشخاص الذين اتهموا ليبيا برعاية الإرهاب، وفي 14 أبريل / نيسان 1986، دون إعلان حرب، قصفوا طرابلس، مما أسفر عن مقتل أكثر من 70 شخصا. وهي نفس العصابة التي فرضت منطقة حظر الطيران فوق البلاد بأكملها، وهددت بإسقاط أي طائرة تنتهك الحظر، حتى طار نيلسون مانديلا في خطوة جريئة متحديا إياهم إسقاط طائرته.

وهذه القوى نفسها هي التي هبت انتفاضة فبراير / شباط 2011 من بنغازي، وقدمت للمتمردين قوة جوية ضخمة لتحطيم حكومة القذافي وفرض الفوضى الحالية.

كانت ليبيا مزدهرة ومكتفية ذاتيا، واليوم، بفعل الغرب، يحتاج 2.5 مليون ليبي إلى مساعدات إنسانية بما في ذلك الغذاء.

وقد أدى سقوط القذافي إلى ظهور الإسلاميين في مالي، وهو عامل مسؤول جزئيا عن تجدد تدفق الأسلحة غير القانونية عبر غرب أفريقيا، بما في ذلك حركة بوكو حرام التي لا تزال ترهب نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد. ومن المؤسف أنه لا يبدو أننا تعلمنا دروسا مفيدة من التجربة الليبية.

 

*بقلم أوي لاكيمفا، الأمين العام السابق للعمال الأفارقة وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان، وصحفي ومؤلف.

**بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة