تختتم مساء اليوم الأحد 27 أبريل، فعاليات الدورة الثامنة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح التجريبي بتونس، في المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بمدنين (جنوب شرقي تونس)، بعرض مسرحية «كلام الليل صفر فاصل» لفرقة التياترو للمخرج توفيق الجبالي وتمثيل رؤوف بن عمر ونوفل عزارة وأمينة بن دوة وبليغ مكي ومحمد صابر الوسلاتي ويسر قلعي.

في "صفر فاصل" يقارب الجبالي مرحلة ما بعد الثورة التونسية من خلال مجموعة من الموتى الذين يرقدون في بيت الأموات بإحدى مستشفيات تونس، وينهضون آخر الليل لمحاولة فهم ما جرى لتونس أثناء الثورة وما يجري بعدها. يدخلون في حوارات متشعبة حول الاغتيالات وقضية القناصة وظروف استشهاد أو موت هؤلاء وانتماءاتهم السياسية. كما يتطرق العمل إلى مسائل كتابة الدستور وفتاوى الدعاة الوافدين وواقع "التطرف" في تونس اليوم.

بدأ المسرحية بمشهد عروسين في ملابس الزفاف يركضان بشهيد في حيرة كبيرة. ماذا يفعلان به وكيف وأين يضعانه؟ وهو مشهد لخص حيرة التونسيين الثوار الذين أسقطوا نظاما ولكنهم سقطوا في حيرة الاتجاه حينما وجدوا أنفسهم أمام سؤال جوهري ومؤلم: وبعد؟مقاربة توفيق الجبالي المسرحية تبدأ بحيرة ماذا سنفعل بعد الثورة؟ وماذا نفعل بالشهيد؟ وتنتهي بحيرة الأموات والشهداء وعدم قدرتهم على الفهم ولا على استنباط الحل بعد أن قرؤوا المشهد السياسي الراهن.

وقد عرفت هذه الدورة و منذ إنطلاقها يوم 22 أبريل الجاري، مشاركة العديد من المسرحيات التونسية البارزة والتي تستجيب للمحور العام لهذه الدورة “المسرح والجسد”، على غرار مسرحية “شاردة” لمركز الفنون الدرامية والركحية بمدنين، وعرض “النسور” لمركز الفنون الدرامية بالكاف، و”دنيا أخرى”، إضافة إلى عرضي “كوميديا” و”الماكرون”، وغيرها من العروض التي أثثت كامل أيام المهرجان. كما شهدت إلى جانب هذه العروض المسرحية عروض رقص مسرحي لمجموعة من المبدعين التونسيين مثل حافظ زليط في عرض بعنوان “فوضى” وأيضا عرض “ضيق النفس” لمروان الروين وثريا البوغانمي.

وحرص المنظمون على إحداث فقرات جديدة تتمثل في منح الموهوبين مساحة زمنيّة محدودة (لا تتجاوز 15 دقيقة) في مجال الفنون المسرحيّة ليقدّم من خلالها الممثل تجلياته أمام الحضور، وهي أيضا بمثابة الفرصة ليعرّف بمهاراته، وهي شكل من أشكال “الكاستينغ” غير المباشر في أجواء أخرى غير معلومة مسبقا. علاوة على جملة محطّات تنشيطية سيقع تركيزها بمناطق مختلفة من المدينة، وتشمل عددا من الأحياء والشوارع الهامة، تؤثثها مجموعات للموسيقى الشعبيّة برفقة راقصين معاصرين ومهرّج.

و للإشارة فإن حلقات النقاش و على امتداد ليالي الدورة 18 للمهرجان الوطني للمسرح التجريبي تواصلت إلى ساعة متأخرة من كل ليلية، في مشهد تفتقده الساحة الثقافية منذ سنوات وقد أكدت هذه الدورة شغف جمهور مدنين بالفن الرابع وبالفرجة عموما وهو عشق قديم في الحقيقة مما أهل مهرجان المسرح التجريبي ليكون محطة هامة في النسيج الثقافي في تونس منذ مطلع التسعينات.