الأزمة الوبائية التي ما تنفك تتفاقم بحصيلة جملية من الإصابات تقارب اليوم 9 ملايين إصابة حول العالم وسط مخاوف كبيرة من فك العزل والعودة للنشاط، كفتا ميزان تتأرجحان و لا سبيل للإتزان بينهما، إما الأرواح البشرية وإما الاقتصاد العالمي. كفتان تهويان في الوقت ذاتها محدثتان زلزال عظيم يزعزع العالم بشريا و اجتماعيا و اقتصاديا.
شهد الاقتصاد العالمي على مر التاريخ 14 حالة ركود عالمي منذ عام 1870: في عام 1876، 1885، 1893، 1908، 1914، 1917-21، 1930-32، 1938، 1945-46، 1975، 1982، 1991، 2009، 2020. وحسب البنك الدولي و المنتدى الاقتصادي العالمي و خبراء الاقتصاد بالإتحاد الأوروبي، سوف يكون الركود الذي سببه كوفيد 19 هو الأكثر عمقا و الأشد تأثيرا منذ 1945-1946 وأكثر من ضعف عمق الركود المرتبط بالأزمة المالية في 2007-2009.
فمن المتوقع المتوقع أن يتسبب وباء "كوفيد-19" في أسوأ ركود عالمي منذ الحرب العالمية الثانية. حيث سينخفض الناتج الاقتصادي انخفاضا كبيرا في كل بلد تقريبا حسب الخبراء، كما سترتفع البطالة العالمية إلى أعلى مستوى لها منذ عام 1965 إضافة إلى انخفاض الإنفاق على التجزئة والطلب على النفط إلى مستويات غير مسبوقة.ومن المتوقع أيضا أن ينكمش ناتج الأسواقالناشئة والاقتصادات النامية في عام 2020 لأول مرة منذ 60 عاماً على الأقل.
وأكد البنك الدولي أن جائحة كوفيد-19 سببت "صدمة سريعة وضخمة" أغرقت الاقتصاد العالمي في أسوأ تدهور منذ العام 1870، على الرغم من المساعدات المالية الحكومية غير المسبوقة.وتوقّع البنك الدولي في تقريره له،حول الاقتصاد العالمي، انكماشا بنسبة 5,2 بالمئة في العام 2020، سيكون الأسوأ منذ 80 عاما، معتبرا أن العدد الهائل للبلدان التي تتكبّد خسائر اقتصادية يشير إلى أن مفاعيل الانكماش ستكون أسوأ من أي ركود شهدناه في السنوات الـ150 الماضية.
https://twitter.com/worldbankdata/status/1274077113985961986?s=20
كما حذرت حذرت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل،أمس الجمعة، الزعماء الأوروبيين من أن الاتحادالأوروبي يواجه أسوأ ركود منذ الحرب العالمية الثانية.وقالت " إن ذلك سيقود إلى أوقات عصيبة للغاية." في حين حذرت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي من تراجع هائل في الاقتصاد الأوروبي، وحثت قادة الاتحاد على الاتفاق سريعاً على حزمة تعافٍ تنتشل الاقتصاد سريعاً من هذا التراجع.
وأكد البنك الدولي ان الاقتصادات المتقدمة من المتوقع أن تنكمش 7.0% فى 2020، بينما ستنكمش اقتصادات الأسواق الناشئة 2.5%، وهو أول انكماش لها منذ عام 1960 معتبرا أن الانكماش سيكون "الأسوأ" منذ الحرب العالمية الثانية، متوقّعا أن يطال الفقر المدقع نحو 100 مليون شخص بسبب كوفيد-19. وقالت مساعدة رئيس مجموعة البنك الدولى لشؤون النمو المتوازن سيلا بازارباسيوغلو إن "التوقعات واقعية للغاية، إذ من المرجح أن تسبب الكارثة ندوبا (تداعيات سلبية) طويلة الأمد وأن تطرح تحديات دولية كبرى".وبحسب السيناريو الأسوأ، من المتوقع أن تصل نسبة انكماش الاقتصاد العالمي إلى 8%.
خسائر فادحة يتكبدها العالم جراء الجائحة الوبائية للفيروس التاجي المستجد كوفيد 19، حيث يعصف بالإستقرار النسبي الذي تحقق في السنوات الأخيرة، مكبدا بذلك الشعوب سنوات طوال من التنمية و النهوض بالإقتصاد و المكاسب الاجتماعية. خسائر يتوقع البعض أن تساهم في تقسيم العالم و عزله عن بعضه من جديد..أزمة فرقت العالم اجتماعيا و اقتصاديا فهل سيقوى العالم على ترتيق "صدوعه" للم شمل دويلاته و النهوض باقتصاده و شعوبه من جديد، تحد كبير يفرضه هذا الفيروس "الشرس" على العالم.