وجبة شهية ، تتضمن خروفين محشيين في قصر على شاطىء البحر في يوم عيد الأضحى .. ما كان ليكون المشهد استثنائيا، حتى في مدينة  شاحبة مثل طرابلس ، لولا أن ضيوف الشرف لم يكونوا من رموز الجماهيرية السابقة، وليس أقلهم: الساعدي القذافي، عبد الله السنوسي، البغدادي محمودي، منصور الضو وأبوزيد دوردة. الأول يخضع لمحاكمة بتهمة القتل ، ولتحقيق حول أعماله خلال الثورة. والأربعة الآخرون محكومون بالإعدام في 28 يوليو 2015 بتهم عديدة من قبل محكمة الاستئناف في طرابلس ، تتراوح بين التشكيك في وحدة الدولة وإهانة الشعب الليبي والتحريض على القتل.

بالنسبة لرموز النظام القديم، يتعلق الأمر في هذا اليوم ، 1 سبتمبر، باحتفال ثلاثي: ذكرى استعداد النبي إبراهيم للتضحية بابنه، وبذكرى وصول معمر القذافي إلى السلطة في عام 1969، وأيضا ، وقبل كل شيء، بلمّ الشمل للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات على الأقل - باستثناء الساعدي القذافي. حفل سمح به السجان الجديد هيثم التاجوري، الذي قرر أن يداهن "ضيوفه"، الخاضعين حتى حينه لظروف سجن سيئة السمعة.

"حضر زعماء قبائل محليون أيضا. يمكن أن تكون هذه هي المرة الأولى منذ عام 2011 التي يتجمع فيها العديد من القبائل في غرفة واحدة للاحتفال "، يقول أحد القذافيين المقيمين في تونس. كان من المفروض أن يكون هناك رجل سادس ، سيف الإسلام، الوريث المفترض لـ "ملك الملوك" في أفريقيا، ولكن منذ إعلان الإفراج عنه المفترض في 10 يونيو 2017 من قبل سجانيه من الزنتان، في الشمال الغربي من ليبيا، انقطعت أي أخبار عنه.

 محاكاة ساخرة للعدالة

نظرة إلى الوراء. في أغسطس 2011: مع وصول الثوار إلى طرابلس بدأت الاعتقالات في صفوف رموز النظام، والتي استمرت بعد ذلك على شكل عمليات تسليم. مسارهم على غرار مصير البلد: فوضى ودموية وتقلبات. بقي البعض لمدة عامين تقريبا في أيدي كتائب دون أمر اعتقال رسمي. وبعد اثنين وعشرين شهرا من التحقيق، و 250 شهادة وملف تحقيق من 4000 صفحة، انطلقت يوم 24 مارس 2014 المحاكمة 630/2012 ، لـ 37 من كبار الشخصيات في النظام السابق - الساعدي القذافي كان موضوع مسطرة منفصلة بعد تسليمه .

على مدى عام كامل، وأربعة أشهر وأربعة أيام، تابعنا استهزاءً بالعدالة في جميع جلسات الاستماع، حيث، على سبيل المثال، يتم تقليص كلمة شهود الدفاع إلى الحد الأدنى. "محاكمة ميكي ماوس"، كما تلخص الوضع حنان صلاح من هيومن رايتس ووتش. تُعقد جلسات الاستماع في سجن الهضبة ذاته، في ضواحي طرابلس. يتبعها سيف الإسلام من خلال مؤتمر فيديو، قبل أن تنهي نزاعات سياسية في صيف عام 2014 التعاون بين الزنتان وطرابلس.

سجن الهضبة كان حينئذ في قبضة المخيف خالد الشريف، وهو عضو سابق في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة. في 2 أغسطس 2015، أظهر شريط فيديو الساعدي القذافي، وهو يتعرض للصفع والضرب على باطن قدميه، ويُجبَر على سماع صرخات محتجزين آخرين يتعرضان للتعذيب. ولأنه رفض إنكار القذافي، ألقي بأبوزيد دوردة من نافذة في الطابق الثاني: ما ألحق الضرر به على مستوى الكاحل والوركين. كما تعرض البغدادي محمودي للضرب والإذلال.

وقال أحد الأقارب: "أثناء التحقيق، جاء وزير في ذلك الوقت ورشه بالغاز". لكن يبقى عبد الله السنوسي، الذي كان مسؤولا عن مذبحة سجن أبو سليم (أكثر من 200 1 قتيل)، في عام 1996، هو أكثر من تعرض بلا شك لأخطر الانتهاكات. في تقرير بتاريخ 21 فبراير 2017، يقتبس مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان من أحد حراس السجن ، تأكيده أن أفراد أسر ضحايا دخلوا إلى سجن الهضبة لـ "تأديب" السنوسي جسديا.

تعذيب وعزلة

"ضُربت في العينين والساقين والرأس"، اشتكى السنوسي. كما أنه، تذوق العزلة أكثر من زملائه السجناء، عزلة وصلت إلى ثمانية أشهر على التوالي - في زنزانة من 2 متر إلى 0.80 سنتمر، "تم طلاؤها باللون الأسود، لاتتوفر على فراش أو ضوء، فقط وعاء من البلاستيك لتلبية الاحتياجات "، كما يقول هاشم بشر المستشار الأمني لرئيس الوزراء فايز السراج والوسيط بين الحكومة والقذافيين.

عنف توسع ليطال حاشية السنوسي المقربين. ابنته عنود، اختُطفت، لعدة أيام في سبتمبر 2013 أثناء زيارتها له. وكان من المفترض أن يتولى المحامي علي ضوبة (الذي يرعى مصالح أبوزيد دوردة والبغدادي محمودي)، الدفاع عن عبد الله السنوسي. ولكن في 15 أبريل 2014، أصيب في ساقه برصاصة أطلقها رجل كان يحاول على ما يبدو سرقة سيارته: "فهمت الرسالة". وبعد يومين، تراجع السيد ضوبة عن الدفاع عن السنوسي أمام المحكمة.

ربما كان هؤلاء السجناء لا يزالون يتذكرون تلك الساعات المظلمة خلال العيد. ولكن الآن، بات هذا الكابوس وراءهم. في 26 مايو الأخير ، استولى هيثم التاجوري وكتيبة ثوار طرابلس على سجن الهضبة بعد إحراق منزل خالد الشريف وتصفية خمسة من مسؤولي الموقع. وقال أحد الأقارب: "عندما رأوا أننا ننقلهم بعيدا، كان السجناء يخشون من نقلهم إلى مصراتة، حيث كانوا سيعدمون بالتأكيد ".

وأخيرا، فإن العديد منهم - لم يكشف عن العدد من قبل كتيبة ثوار طرابلس - قد تم الإفراج عنهم، بعضهم لأنهم قضوا عقوباتهم، والبعض الآخر دون سبب واضح. ولا يزال الفرسان الخضر الخمسة في أيدي التاجوري. الأيدي المخملية. وفي عيادته لطب الأسنان في طرابلس، قال عبد الله دوردة، الشقيق الشاب لأبوزيد، مفسرا ظروف الاعتقال الجديدة: "يجتمعون معا في مكان ليس سجنا حقيقيا. ندخل كما ندخل أي بناية. أخي لديه ملابس طبيعية، ويأكل بشكل جيد، يتحرك بعصا منذ الاعتداء الذي تعرض له في سجن الهضبة، لكنه رعايته جيدة، لديه تلفزيون. وأستطيع أن أراه له كلما أردت".

وإذا كانت ظروف الاحتجاز أصبحت تشمل بعض الاسترخاء على صورة أوضح، فإنه لايمكن الاقتراب من هؤلاء السجناء المصنفين من فئة الخمس نجوم. هل يعيشون في الفندق حيث قضوا العيد؟ أم في فيلا فخمة؟ .. يرفض هيثم التاجوري التحدث إلى الصحافة. أما بالنسبة للأقارب والمحامين، فإنهم يتفادون السؤال.

القذافيون، قوة وازنة

ماذا يمكن أن يأمل هؤلاء الرموز القذافيون اليوم؟ فيما يتعلق بالساعدي القذافي، يمكن إلغاء محاكمته. أما بالنسبة للأربعة الآخرين، فيمكن للمحكمة العليا أن تبطل الأحكام الصادرة في 28 يوليو 2015، بناء على طلب السيد علي ضوبة. ويوضح المحامي أنهم جميعا مؤهلون للاستفادة من قانون العفو الصادر في 29 يوليو 2015، بعد يوم من صدور الحكم، من قبل مجلس النواب في طبرق، الذي يعترف به المجتمع الدولي.

وفي مواجهة العذاب الطويل الذي تشهده ليبيا، أصبح القذافيون قوة وازنة. ولهذا السبب يعتني هيثم التاجوري بضيوفه. وحتى الآن، يدعم الرجل القوي الجديد في طرابلس حكومة الوحدة الوطنية بقيادة فايز السراج. ولكن حتى متى؟ غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا قال إن سيف الاسلام "يمكنه" المشاركة في عملية الحوار الجديدة. وقال بشير صالح، الساعد الأيمن سابقا للقذافي، إنه مستعد للترشح للانتخابات الرئاسية القادمة.. لم لا هما؟

انتخابات رئاسية

المترف الساعدي القذافي لا يبدو مؤهلا. عبد الله السنوسي، لديه أيدي قذرة ويعرف الكثير للعب الأدوار القيادية. البغدادي محمودي، 72 عاما، يبدو ضعيفا جدا. منصور الضو عسكري وليس سياسيا. بقي أبوزيد دوردة. لم يتنكر أبدا للجماهيرية، ولكن تعلقه بالبلاد ونزاهته - إذ لم تسجل ضده أي تهمة اختلاس للمال العام - معترف بهما من قبل السكان. وهو يعرف أسرار السلطة وينحدر من قبيلة صغيرة في الغرب، على الحدود مع تونس، ولن تثير غيرة عائلات كبيرة.

"أخي يريد محاكمة جديدة، محاكمة حقيقية لغسل شرفه"، يقول عبدالله دوردة مؤكدا أنه لم يرتكب جريمة ضد الشعب الليبي. "إنه لا يريد أي منصب في الوقت الراهن. وفي وقت لاحق، لا أعرف. يمكن أن يسأل عن ذلك".

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة