على الرغم من استمرار تهديدات المتطرفين في القارة الأفريقية، إلا أن طريقة المشاركة الأمريكية في مواجهة الذين انتقلوا منهم إلى النيجر أظهرت أن وزارة الدفاع الأمريكية تحاول احتواء انتشارهم دون إشراك كثير من جنودها في محاربتهم، ويقول مسؤولون غربيون وأفارقة من المتخصصين في مكافحة الإرهاب إن هناك متطرفين إسلاميين وآخرين ينتمون لتنظيم القاعدة يوسعون نطاق نفوذهم في المناطق الممتدة من نيجيريا إلى ليبيا والصومال، وإن بعضهم عبروا الحدود إلى النيجر لإعادة تسليح أنفسهم، وبدلا من أن يتم توجيه ضربات جوية أمريكية أو شن غارات عليهم، ظهر شيء آخر تمامًا تمثل في صناديق أمريكية تحتوي على تبرعات من الأدوية.

يأتي ذلك مع قرب انتهاء الحرب التي استغرقت أكثر من عشرة أعوام في العراق وأفغانستان، حيث قلت الرغبة في إرسال جيوش أمريكية كبيرة إلى مناطق الصراع في الخارج، وتم فرض ضوابط شديدة على الميزانيات في الداخل، ولذلك فإن إدارة أوباما تركز على التدريب وتقديم المشورة للقوات الأفريقية لمواجهة التهديدات الأمنية بنفسها أو تقديم المساعدة للحلفاء الأوروبيين الذين لهم قوات وعلاقات تاريخية في المنطقة، ويصف مسؤولون أمريكيون وشركاؤهم ذلك الأسلوب بأنه أسلوب بناء القدرة الأفريقية على مكافحة الإرهاب كبديل عن التورط الأمريكي المباشر، ويتم خلال هذا النظام التحول من دور المقاتل الرئيسي في مناطق الحروب إلى دور الداعم للقوات المحلية والدولية الأخرى.

وحدث ذلك في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث قامت طائرات نقل أمريكية مؤخرا بنقل 1700 جندي من جنود حفظ السلام من بوروندي ورواندا إلى هذه الدولة التي مزقتها الصراعات، ولكن الولايات المتحدة امتنعت عن نشر جنود أمريكيين على الأرض، كما تقوم الولايات المتحدة بإطلاق طائرات استطلاع بدون طيار من قاعدة في النيجر لدعم قوات فرنسية وأفريقية في مالي، ولكنها تبتعد بشكل واضح عن الحرب هناك.

وفى إطار التدريبات، قام مدربون أمريكيون ودول غربية أخرى بتدريب جنود أفارقة في النيجر على أعمال الدوريات القتالية وإحباط الكمائن الإرهابية وإقامة نقاط تفتيش لضبط العربات المشبوهة، وكشفت التدريبات عن الحواجز التي يمكن أن يستغلها المتطرفون، ولكن اللغة كانت تشكل تحديا بالنسبة للمدربين حيث كان يتعين ترجمة وتوضيح التكتيكات باللغتين الانجليزية والفرنسية ولغة الهاوسا التي يتحدث بها كثير من جنود النيجر.

ولكن مسؤولين أمريكيين أشاروا إلى أنهم سيتدخلون بصورة مباشرة عندما تتعرض مصالح حيوية للخطر، وأن بعض الجنود ومشاة البحرية الأمريكية كانوا قد اتخذوا مواقع لهم في جنوب السودان بعد الهجوم الذي تعرضت له البعثة الأمريكية في مدينة بنغازي الليبية عام 2012.

ومن جانبه، ذكر وزير خارجية النيجر محمد بازوم أن النيجر تعاني الآن من التداعيات المباشرة لأزمتي ليبيا ومالي.

وقال مسؤولون إن الاستراتيجية الأمريكية في أفريقيا تتوقف أيضا على الشركاء الأوروبيين، وأشاروا إلى أن فرنسا بدأت خلال شهر يناير الماضي في إعادة تنظيم قواتها البالغ قوامها ثلاثة آلاف جندي في منطقة الساحل للقيام بمزيد من العمليات لمكافحة الإرهاب، وأن فرنسا ستركز على قوتها الجوية في تشاد وطائرات استطلاعها في النيجر وعملياتها الخاصة في بوركينافاسو والدعم اللوجستي في كوت دى يفوار، وأن الولايات المتحدة قدمت معلومات استخبارية وقامت بإعادة تزويد طائرات نقل بالوقود لمساعدة فرنسا التي تعتزم إبقاء نحو ألف جندي في مالي للقيام بمهام لمكافحة الإرهاب.

ومن ناحية أخرى، فإنه على الرغم من اعتراف الكولونيل ماونكايلا سوفياني القائد الإقليمي لقوات النيجر بالتهديد الذي تشكله جماعة، بوكو حرام، المتطرفة، إلا أنه يصر على أن جنوده ليسوا في حاجة إلى تواجد عسكري أمريكي دائم، وأكد قائلا " أنه إذا تم تدريب جنودنا بصورة جيدة فإنه سيكون بوسعنا معالجة مثل هذه المواقف بأنفسنا ".