كان رهان الإخوان على تسييس الحج جزءا أصيلا من عقيدتهم ، نظرا لما تمثله تلك المناسبة الدينية من فرصة إستثنائية للقاء بوفود قادمة من عشرات الدول الإسلامية ، بل وحتى من الدول غير الإسلامية التي لم تدخر الجماعة جهدا لإختراقها من خلال الجاليات الإسلامية ، لذلك شهد موسم الحج للعام 1393هـ / 1973م مؤتمرا عالميا  للإخوان في البقاع المقدسة كان له أثره البالغ في مسيرة الجماعة خلال السنوات الموالية

بعد وفاة الزعيم المصري جمال عبد الناصر في سبتمبر 1970  قاد الرئيس أنور السادات إنقلابا ناعما على إرث سلفه مستهدفا ماسميت بمراكز النفوذ المتمثلة في الناصريين واليساريين ، من بين مؤشرات ذلك الإنقلاب الإفراج عن عناصر الإخوان من السجون ، والذي جاء بعد لقاء في إستراحة الرئاسة بالإسكندرية في صيف 1971 ، تم بترتيب مع العاهل السعودي الملك فيصل بن عبد العزيز ، وجمع بين السادات وعدد من قادة الجماعة في الخارج من بينهم سعيد رمضان، زوج ابنة حسن البنا ورئيس المنظمة الإسلامية في جنيف التي كانت ترعاها السعودية،

وقد تحدث الكاتب والمؤرخ الدكتور عبد العظيم رمضان  عن هذا اللقاء مشيرا الى أن السادات "قال لهم إنه يواجه نفس المشاكل التي قاسوا منها، ويشاركهم أهدافهم في مقاومة الإلحاد والشيوعية، وعرض عليهم استعداده لتسهيل عودتهم إلي النشاط العلني في مصر"وبالفعل قام السادات بالافراج عن المعتقلين من جماعة الاخوان المسلمين،

وتحدث الكاتب المصري اللواء حمدي البطران عن تلك الفترة بالقول أنه ، و فى أول نوفمبر 1970 زار القاهرة كمال آدهم -المسئول عن المخابرات السعودية ومستشار الملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية- وكانت له صلات وثيقة بالمخابرات المركزية الأمريكية، وتحدث مع الرئيس السادات عن الوجود السوفياتى فى المنطقة العربية، وصارحه بضرورة إحياء النزعة الإسلامية ، ليقوم الرئيس السادات إثر ذلك  بتكليف الاخواني  الدكتور محمود جامع بالسفر إلى الخارج ومقابلة قيادات الإخوان المسلمين الهاربين ومنهم يوسف القرضاوى والدكتورأحمد العسال والمهندس عبد الرؤوف مشهور، وعبد المنعم مشهور والدكتور سالم نجم والتحدث معهم، واستطلاع نواياهم وطمأنتهم تمهيدا لعودتهم.

ويقول  جامع في كتابه «عرفت السادات» إنه نجح في التقريب بين السادات وبين جماعة الاخوان  وكان له دور كبير في الافراج عن القيادات الاخوانية التي وضعها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في السجون مثل صالح أبو رقيق وعبد القادر حلمي ، وأنه  استطاع أن يلتقي في مكّة المكرّمة بالتنسيق مع القيادة السعودية بقيادات إخوانية مثل يوسف القرضاوي وأحمد العسال وسالم نجم واتفق معهم على العودة الى مصر وإعادة الجنسية المصرية اليهم وردّ اعتبارهم وبالفعل عادوا وأحيوا التنظيم في مصر

وقد بادر السادات  بالإفراج عن قيادات الإخوان  المعتقلين فى السجون، وأعطى التعليمات بإعادة الجنسية المصرية لمن سحبت منهم فى عهد عبد الناصر ومنهم الدكتور سالم نجم الذى حصل على جنسية العراق والذي أعيد إلى عمله كأستاذ فى طب الأزهر، وفي هذا السياق ، قال المرشد العام الرابع للجماعة محمد حامد أبو النصر « في عام 1970 أمر السادات بالإفراج عنا حيث تم ترحيلنا على دفعات إلى سجن مزرعة طرة،توطئة للإفراج عنا، وهذا السجن، كانت حجراته واسعة، تسع أكثر من عشرين سجيناً، وكانت المعاملة لا بأس بها وفي هذا السجن تم لقاء بين مجموعة من ضباط المخابرات وبين جميع الإخوان المسلمين المسجونين في هذا السجن، وكان لقاءً أشبه بالحوار المفتوح بين الإخوان، وضباط المباحث، فقد عرض الإخوان أفكارهم ودافعوا عن دعوتهم وجماعتهم بصراحة ووضوح، ولم يجعلوا من أسوار السجن حائلاً دون توضيح موقفهم، وشرح رسالتهم من يوم أن أسست جماعتهم، وأنهم سيظلون حاملين راية الإسلام، ويدافعون عنها، ويحمونها بأكرم ما يملكون من أعز المهج والأرواح، وكان هذا الوضوح والبيان دون لف أو دوران محل إعجاب واستغراب ضباط المباحث وغرابتهم وانتهى اللقاء، وبدأ الإفراج عنا على دفعات بأوامر من السادات الذى كان مقتنعا بقضيتنا ونبل غايتنا »

وفي 15 أكتوبر 1971 أمر السادات بالإفراج عن المرشد الثاني للإخوان حسن الهضيبي الذي كان قد أختير لهذا المنصب في 17 اكتوبر 1951، وقد اعتقل لأول مرة في 13 يناير 1953، وتم إطلاق سراحه بعد شهرين ، ثم إعيد إلى السجن عام 1954 بعد تورط الجماعة في محاولة الإنقلاب على نظام الحكم بعد حادثة المنشية التي أطلق فيها الرصاص على عبد الناصر في محاولة لإغتياله من قبل التنظيم السري حيث حوكم، وصدر عليه الحكم بالإعدام، ثم خفف إلى المؤبد، وقد نقل بعد عام من السجن إلى الإقامة الجبرية، لإصابته بالذبحة ولكبر سنه. ثم رفعت عنه الإقامة الجبرية عام 1961م ، وفي 23 أغسطس 1965 أعيد اعتقاله في الأسكندرية ، وحوكم بتهمة إحياء التنظيم، وصدر عليه الحكم بالسجن ثلاث سنوات، وتم تمديد  مدة السجن بعد انتهائها بسبب ما يمثله من خطر على السلم الأهلي ، قبل أن يفرج عنه  15 أكتوبر 1971م ،

عندما غادر الهضيبي السجن ، كانت هناك أشياء تتغير في مصر والمنطقة ، فالسادات يحاول الإستعانة بالإخوان لضرب مراكز  النفوذ ، والغرب يسعى الى نشر صحوة دينية ببلاد المسلمين في مواجهة المد الشيوعي ، وللقضاء على التيارات القومية التي كانت لا تزال تعرف إتساعا في عواصم عربية عدة رغم وفاة عبد الناصر ، كما كانت دول الخليج الناشئة بعد رفع الوصاية البريطانية في العام 1971 مفتوحة لعناصر الإخوان ، ولم تكن السعودية تعادي الجماعة ، وإنما كانت تدعمها بكل  قوة ، وتفتح أمام عناصرها  أبواب مؤسسات الدولة ، ولم يجد الإخوان أفضل من الحج لترويج فكر الجماعة ، يقول الإخواني الكويتي الدكتور عبد اللنفسي في كتابه ««الفكر الحركي للتيارات الإسلامية» أن المرشد الثالث لجماعة الإخوان حسن الهضيبي « إنتهز  فرصة الحج سنة 1973 فعقد أول اجتماع موسع لـلإخوان في مكة المكرمة وكان هذا الاجتماع هو الأول من نوعه منذ محنة 1954، ونظرا لأن معظم الإخوان في الخارج قد هاجروا إلى منطقة الخليج والجزيرة العربية أو البلاد الأوروبية والأميركية فقد تركز عمل لجنة العضوية في تلك المناطق؛ فتشكلت لجنة الكويت، ولجنة قطر، ولجنة الإمارات، وثلاث لجان للسعودية في الرياض، وفي الدمام، وفي جدة ، وكان من نتيجة تلك الاجتماعات استيعاب المملكة للمزيد والمزيد من الإخوان المسلمين. وشهدت المملكة في منتصف السبعينات حركة نهضة واسعة بقيادة الملك فيصل كان من نتائجها انفتاح المملكة واستيعابها لمئات الآلاف من الكوادر المؤهلة والمتخصصة في كل المجالات العلمية والصحية والهندسية والإعلامية» وهو ما تنبّه له الإخوان جيدًا فعمدوا إلى إرسال أعداد كبيرة من كوادرهم المؤهلة في تلك المجالات، وعلى رأسها التربوية والتعليمية، وبدأ الإخوان بتشكيل خلاياهم الحركية والتنظيمية في كل مكان وجدوا أنفسهم فيه، ولعل أبرز المجالات التي تم اقتحامها المحاضن التربوية من مدارس ومعاهد وجامعات، مستغلين غض طرف السلطات عنهم، وحال قبول المجتمع المتدين بطبيعته لمضامين خطابهم الوعظي الإرشادي، فكان للكثير من قادتهم دور كبير في تأليف المناهج الدراسية وبرز في هذا المجال مناع القطان ومحمد قطب وغيرهما، ووجدت كذلك أعداد كبيرة من الأساتذة المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، أو المؤيدين لخطابهم الثقافي في الجامعات ممن كان لهم دور وأثر كبير في تلك المرحلة، وكذلك سيطر الإخوان المسلمون على قيادات رابطة العالم الإسلامي كافة، والمؤتمر الإسلامي، والندوة العالمية للشباب الإسلامي وغيرها من التنظيمات الإسلامية التي أقامتها السعودية في الستينات للوقوف سداً منيعاً في وجه المد القومي واليساري، لدرجة أن المرشد السابع لجماعة الإخوان محمد عاكف قال« لقد حققت في تلك الفترة كل ما كتبته للشباب الإسلامي وأنا في السجن، فقد كان برنامج الندوة العالمية للشباب الإسلامي يساعد في تحقيق ذلك كله، إذ أقمنا من خلال الندوة أكبر المعسكرات والمؤتمرات في السعودية وتولى الكثير ممن تربى في هذه المعسكرات العديد من المناصب والوزارات »

و في دراسته “الإخوان المسلمون التجربة والخطأ”،  تحدث النفيسي عن حجّ الهضيبي عام 1973 فيقول: “وفيه عقد أوّل اجتماعٍ موسّعٍ للإخوان ، ونظراً لأن معظم الإخوان في الخارج قد هاجروا إلى منطقة الخليج والجزيرة العربية، فقد تركّز عمل لجنة العضوية في تلك المناطق: فتشكّلت لجنة الكويت، ولجنة قطر، ولجنة الإمارات” موضحا :”إنّ أقطار الخليج والجزيرة ممثلة بثقل يفوق أهميتها بكثير، فحاجة التنظيم الدولي للإخوان للمال يتمّ تلبيته من خلال ذلك، فمندوبو السعودية وقطر والإمارات والبحرين والكويت يتمّ دائماً توظيفهم في عملية جباية الأموال للتنظيم الدولي للإخوان”.

 وكان أهداف ذلك مؤتمر الإخوان في حج 1973 إعادة تشكيل مجلس شورى الجماعة وتكوين لجنة لإعادة بناء هيكل الجماعة ، ويتحدث أبو العلا ماضي القيادي السابق في جماعة الإخوان ، عن تلك المرحلة بالقول « حاول الإخوان إعادة تنظيم أنفسهم، وبالطبع كان الوضع في الداخل (داخل مصر) مهلهلًا وضعيفًا للضربات العنيفة التي وُجِّهت للجماعة، ولكن كانت هناك تجمُّعات إخوانية بالخارج نجحت في الهرب خارج مصر، خاصة في دول الخليج، حيث تشكَّلت لجان لإعادة إحياء الجماعة في هذه الدول، ومنها ثلاث لجان في السعودية، في الرياض والدمّام وجدّه، ولجان بالكويت والإمارات وقطر، وسافر المرشد المستشار حسن الهضيبي لموسم الحج عام 1973، والتقى هناك بعدد كبير من الإخوان من دول عدَّة واتفقوا على إعادة تنظيم الجماعة، لكن القدر لم يُمهل المستشار حسن الهضيبي فتُوفي في 11 أغسطس 1973، وهنا اتضح أنَّ رموز النظام الخاص كانوا جاهزين للسيطرة على الجماعة، واتَّضح بعد ذلك من المعلومات أنهم بدؤوا في تنظيم أنفسهم داخل السجن في نهاية عهد عبدالناصر بالتعاون والتنسيق بينهم وبين رموز “تنظيم عام 1965″، وبدؤوا العمل في تنظيم الجماعة وضم العناصر الجديدة واختاروا مرشدًا سريًّا من رجال النظام الخاص (بين روايتين واحدة تقول أنه المهندس حلمي عبدالمجيد نائب عثمان أحمد عثمان في شركة “المقاولون العرب”، وثانية تقول أنه الشيخ زكي من حلوان)، وطلبوا من الإخوان البيعة للمرشد السرِّي، فرفض كثيرٌ من الإخوان بالداخل وبالطبع منهم د. فريد عبدالخالق والشيخ صالح أبو رقيق وعدد كبير من أعضاء “مكتب الإرشاد” الأخير قبل الصدام عام 1954، كما رفض الإخوان المصريون بالخليج وأصدروا بيانًا بعنوان (المرشد السري المجهول يقود الجماعة إلى المجهول).

كان  مؤتمر الإخوان في البقاع المقدسة في موسم الحج للعام 1973 قد شهد مواكب لتقبل البيعة من خلال إستقطاب عناصر جديدة من دول بدأت خلايا الجماعة تتشكل فيها ، ومنها تونس ، حيث يذكر عبد الله عمامي في كتابه «تنظيمات الإرهاب في العالم الإسلامي، أنموذج النهضة» أن  المؤتمر الأول للجماعة الإسلامية التي اتخذت لنفسها لاحقا تسمية الاتجاه الإسلامي قبل أن تتبنى الحركة تسمية «النهضة» بعد 7نوفمبر1987 حسم أمره بأن قرر ان الحركة الاسلامية بتونس هي تعبير محلي عن التيار العالمي للاخوان المسلمين وكلف المكتب التنفيذي الذي سيتمخّض عن المؤتمر باتمام تراتيب البيعة للمرشد العام للاخوان المسلمين.

 وتنفيذا لهذه التوصية تشكّل  وفد برئاسة أحميدة النيفر وسافر الى مكة حيث انعقد المؤتمر العالمي للإخوان المسلمين بمناسبة موسم الحج لسنة 1973 وهناك تقدم  أعضاء الوفد بين يدي حسن الهضيبي، المرشد العام للاخوان، واعطوه البيعة في نصها التقليدي المتعارف في النظام الأساسي للاخوان بعد وضع اليد على المصحف الشريف: «أعاهد الله العظيم على القيام بشروط عضوية الإخوان المسلمين وواجباتها والسمع والطاعة لقيادتها في المنشط والمكره في غير معصية ما استطعت الى ذلك سبيلا وأبايع على ذلك والله على ما أقول وكيل».

ومع تأسيس التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين رسمياً سنة 1982 على يد المرشد الخامس للجماعة مصطفي مشهور، انخرطت حركة الاتجاه الإسلامي  عضواً ناشطاً في التنظيم يمثلها أميرها الشيخ راشد الغنوشي.

واضطلع الغنوشي بدور محوري في أوروبا والمغرب العربي لصالح التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، والذي بدا بشكل مبكر ومنذ بدايات نشأة الحركة الإسلامية في تونس، حتى زن الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي، مؤسس الحركة الإسلامية بالمغرب الأقصى  اتهم  الغنوشي "بالعمل على اختراق الحركة الإسلامية في المغرب بتكليف من جماعة الإخوان المسلمين نهاية السبعينيات، من القرن الماضي والتجسس لفائدة التنظيم العالمي للجماعة"، على حد قوله.

لقد تحول موسم الحج الى مناسبة لعقد إجتماعات الإخوان ، حتى أن القيادي المنشق عن الجماعة ثروت الخرباوي يقول أنه «جرى تنصيب عمر التلمسانى ليكون المرشد العام في موسم الحج للعام  1976 وأن إخوان التنظيم الدولى أبدوا الموافقة عليه فى موسم الحج » مشيرا الى أنه أصبح من منافع الحج عند الإخوان تنصيب المرشد ،

وكان التلمساني قد كشف في كتابه « ذكريات لا مذكرات » عن جوانب خفية من علاقاته بالمملكة العربية السعودية ، ومن ذلك قوله : «ومرة كنت أؤدي فريضة الحج وفي جدة قابلني الأخ (م.ص) وما يزال حيا أطال الله في حياته وقال: إن كبيرا يريد مقابلتي ليس من الأسرة السعودية وإن كان له بها صلة، فرحبت مؤملا في خير للدعوة، وتحدد الميعاد وذهبت قبل الميعاد بخمس دقائق، وهي عادتي في كل مواعيدي... وحل الميعاد واستدعى الكبير سكرتيره ودعاني للدخول فوجدت أحد أبناء المرحوم الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود موجودا معه... وجلس الكبير يتحدث عن الدعوة الإسلامية ثم عرج على (مجلة الدعوة) وكانت لم تصدر بعد، وقال إنه يريد تدعيمها، فأدركت هدفه وقلت له مقاطعا: سيادتكم طلبتم مقابلتي كداعية لا كجاب، ولو كنت أعلم أنك ستتحدث معي في مسألة نقود كنت أعتذر عن المقابلة، ولذلك أرجو أن تسمح لي بالانصراف، فتلقى الرجل هذه الغضبة في هدوء وقال: لم أقصد ما ذهبت إليه ولكني كمسلم أردت تدعيم عمل إسلامي» وقال في حوار مطول مع مجلة « المصور » المصرية في العام 1982 « إستدعاني كمال أدهم شقيق زوجة الملك فيصل لمقابلته عندما كنت أؤدي فريضة الحج عام 1975 وعرض علي دعما ماليا وقلت له : أسف .. لقد ظننت أنك دعوتني كداعية إسلامي .. السلام عليكم وتركته .. فخرج ورائي حتى المصعد »

ونقل عنه مؤرخ الإخوان محمد عبد الحليم حامد في كتابه « مواقف من حياة المرشدين » قوله «طلبت المملكة العربية السعودية مني عن طريق المرحوم عمر نصيف أن أعمل قاضيا بنجد لما تعرفه عن جدي رحمه الله وصلته بالمذهب الوهابي، فاعتذرت لأني لا أفضل على مصر مكانا أقيم فيه، أو أعمل به مهما لاقيت فيها من عنت».

وقد كشف التلمساني في حواره مع « المصور » عن مصادر تمويل الجماعة فقال « أتريدون معرفة تمويلها من أين ؟ في خارج مصر كل أخ في السعودية أو الكويت أو أي مكان آخر ،  يرسل مرتبا شهريا من ال12 شهرا للدعوة » وهو ما يشير الى أهمية ما كان يصل الى صندوق الإخوان من تمويلات من المملكة ودول الخليج ، حيث يخصص كل عنصر راتب شهر من كل عام للجماعة ، لكن يبدو أن ذلك الدعم السعودي لم يكن يرضي جشع الجماعة ، حتى أن التلمساني تحدث عن الإخوان بالقول : «وكم حملوا  على القصر في نشراتهم ورسائلهم وكم كتبوا إلى كل حكام المسلمين يناشدونهم العودة إلى كتاب الله حتى ضاق كل حكام العالم الإسلامي بـالإخوان المسلمين وإلحاحهم على وجوب تطبيق كتاب الله وأوجس حكام المسلمين خيفة من الإخوان المسلمين عندما رأوا شعوبهم تسارع إلى الانضواء تحت الدعوة السلفية النقية الطاهرة البريئة النزيهة دعوة الإخوان المسلمين، وقد علم العالم كله أن المرحوم الملك عبد العزيز بن سعود عندما لمس قوة الإخوان وسريان دعوتهم في قلوب المسلمين قاطبة عندما أحس بهذا الخطر الزاحف على الملكية المتسلطة المستغلة حذر الملك فاروق من خطورة دعوة حسن البنا وانتهى هذا التحذير بعد ذلك باغتيال الإمام الشهيد حسن البنا وإقامة الملك فاروق للأفراح في قصوره عندما انتهى إليه نبأ الاغتيال»

وهو ، أي التلمساني ، يحاول بذلك نفي ما أجمعت عليه التحقيقات في العام 1949 من أن الإخوان هم الذين قتلوا مرشدا خشية أن يتولى تسليم قوائم بإسمائهم ، وخاصة أسماء أعضاد الجهاز السري ، الى السلطات الحكومية بعد أن نشر مقالته الشهيرة « ليسوا إخوانا ليسوا مسلمين » التي جاءت لإعلان براءته من الجماعة  ثبوت تورط التنظيم الخاص في إغتيال رئيس الوزراء محمد فهمي النقراشي كرد منها على قراره بحل الجماعة