أظهرت الحرب التي أشعلها الحوثيون في اليمن صلابة الإنسان اليمني ومقدرته بالتغلب على كل الظروف واهتمامه الكبير بمستقبل بلاده، وإصراره على عدم جعله رهينة بأيدي ميليشيا انعدمت فيها روح الوطنية وباتت أثيرة لجهات معادية، لذا أول ما استهدفت استهدفت المدارس التي تخرج الأجيال القادمة بهدف زيادة مستوى الجهل والعزوف عن التعليم لتدمير مستقبل اليمن، ومع اندلاع الحرب التي شنها الحوثيون على مدينة تعز توقفت جميع المدارس عن العمل، حيث قالت منظمة الأمم المتحدة إن ربع الأطفال اليمنيين الذين في سن الدراسة، لم يتمكنوا من الالتحاق بالتعليم و 25% من أطفال اليمن، من هم في سن التعليم، باتوا خارج المدارس.
ويبلغ عدد الأطفال اليمنيين من هم في سن الدراسة أكثر من 7 ملايين طفل، بحسب تقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة ( يونسيف ) وأكدت أن 75% من الأطفال الذين تمكنوا من الالتحاق بالتعليم، يدرسون في فصول دراسية، إما مدمرة أو متضررة من الحرب.
واحدة من المبادرات الإنسانية التي ساعدت في عودة الأطفال للتعليم في المناطق القريبة من المواجهات، هي مبادرة «أ.عادل الشريحي» المعلم الذي حول منزله قيد الإنشاء في مدينة تعز إلى مدرسة مجانية للأطفال، وكان «الشريحي» يعمل معلماً في المدرسة التي أدى وقوعها في خط النار واستهدافها بشكل مستمر من قبل الحوثيين إلى إغلاقها.
وبعد توقف العملية التعليمية لعام دراسي كامل، تبرع «الشريحي» بمنزله الذي كان قيد الإنشاء والذي توقف مع اندلاع مؤامرة ميليشيا الحوثي، وحوله إلى مدرسة تستقبل تلاميذ المنطقة مجاناً، واستطاع بالتعاون مع مكتب التربية والتعليم توفير معلمين حكوميين ومتطوعين من طلبة الجامعات للتعليم في المدرسة.
وفي تصريح لصحيفة «البيان» قال «الشريحي» إنه قام بهذه المبادرة من اجل احتواء الأطفال في المنطقة وعودتهم إلى التعليم، حيث إن أقرب مدرسة لهم تقع في خط النار ولا توجد إلا مدارس خاصة مكلفة لا يستطيع أهالي المنطقة تعليم أولادهم فيها بسبب أن غالبيتهم من الطبقة الفقيرة وهذا ما دفعه لتحويل منزله إلى مدرسة مجانية، وكذلك يقوم بالمشاركة في العملية التعليمية بتدريسهم مادة «اللغة الانجليزية» مع بقية زملائه من المعلمين الرسميين والمتطوعين.
وبالرغم عدم جاهزية المكان فإن جميع التلاميذ يدرسون في فصول غير مهيأة أو مجهزة إلا أنها تلقى قبولاً وتوافداً كبيراً عليها من قبل السكان، حيث يستقبل «عادل» في منزله اكثر من 700 طالب يدرسون مجاناً للعام الثالث على التوالي، وقال إنه أوقف استقبال التسجيل رغم استمرار التوافد لطلب التسجيل لأن الفصول لم تعد تستوعب اكثر مما فيها من التلاميذ. وتعتبر هذه المدرسة هي المدرسة المجانية الوحيدة في المنطقة ويحيط بها «13 مدرسة خاصة» لا يستطيع معظم سكان المنطقة الالتحاق بها بسبب التكاليف الباهظة، ولذلك لجؤوا لمنزل «الشريحي» لتعليم أولادهم.