*كيف سخر هتلر السينما كأداة اعلامية فعالة لترويج الفكر النازي المتطرف(2): فضح ممارسات الصهاينة الدالة في فلسطين الحبيبة؟!
*سؤال جدلي "جريء" كبير فماذا لو انتصرت دول المحور في الحرب الكونية الثانية؟ فهل سيكون عالمنا الراهن أفضل أم اسوأ أم ماذا، ثم هل كانت فلسطين ستحتل أصلا ويتم تشريد سكانها؟!
*لكن الهزيمة قضت على كل احلام هتلر، وأحلام سبير الذي كان ايضا يعد لصالة في برلين أكبر حجما ايضا، تتسع لنحو 6000 الى 8000 متفرج (مشروع لم يفكر به أحد منذ صناعة السينما حتى الان!)، وكان هذا المشروع قد حصل على موافقة هتلر.
*لقد عين هتلر السينمائية "ليني ريفنشتال" كأهم مخرجة افلام للرايخ الثالث: وقد اراد أفلاما وثائقية تمزج التعبير السياسي بالجماليات البصرية المعبرة وتقنيات السرد الخاصة بالأفلام الروائية (وهذا مؤشر لبعد ابداعي استبصاري نادرا ما نراه في الأفلام الوثائقية العادية)، وقد كان اول تلك الأفلام الذي تحدث عن تجمع الحزب النازي عام 1933 "فوز العقيدة"، كوسيلة للوصول الى كافة الألمان وتحريك انفعالاتهم (ص.87).
*فيلم ريفنشتال عن دورة برلين للألعاب الاوليمبية: حيث انتشرت صور هتلر الاجتماعي الودود في اوليمبيا ليراها الناس في سويسرا وايطاليا والنرويج والدنمرك مع عرض الفيلم في أنحاء اوروبا، فلقد رأى هتلر فيه وسيلة لتثبيت الصداقة الألمانية-الايطالية...فقدم لموسيليني "اولومبيا" كهدية عندما زار روما في مايو935، والتزم بضم لقطة طويلة للفائزة بسباق 80 متر حواجز، بينما كانت تحية هتلر في منصة الفائزين ويظهرهتلر وهو يرد التحية، فقد تحولت مراسم توزيع الميداليات الى احتفال بالتفاهم العميق بين الفاشية والقومية الاشتراكية(ص.146).
*لقد أصبحت صالات السينما الألمانية بين عامي 1933 و1945 الى أدوات لا لنقل الأفكار النازية وحسب، بل ايضا لتجسيد "الحروب الطبقية والعار واليأس" تلك الأفكار التي تمثلت في ذهن هتلر ضد معارضيه (ص.149).
*لقد اتى 120000 شخص لمشاهدة الأفلام في الهواء الطلق ومن ضمنها فيلم "قولا وفعلا"/1938، والذي احنفل بكل انجازات هتلر والحزب النازي حتى ذلك الحين.(ص.160).
*يبدأ كتاب "الألمان" بصور من الحرب العالمية الاولى، وفوضى ما بعد الحرب، والركود الصناعي وسيرة الشيوعيين، والبطالة، والجوع. ثم تنقشع الغيوم، فيظهر كتاب "كفاحي" ولقطات لألمان من كل الطبقات يقرأونه، ويقول المعلق:"بفضل هتلر، وجد الشعب الألماني نفسه من جديد، لقد حرره من العوز، وحروب الطبقية، والعار واليأس"(ص.163)...(وحيث نلاحظ منهجية ترامب "الديموغاغية/المرتجلة المبجلة والساخرة " المماثلة تقريبا مع اختلاف الزمن والتفاصيل لاستمالة الناخبين)!
*اهتم هتلر خصوصا بأفلام تاريخية ساهمت بتعزيز صورته وأفعاله، بينما لم يكن الواقع يكفي لتبرير سياساته، كانت شخصيات الشاشة مثل بسمارك وفريدريك تستفز لتقديم الدعم، فهتلر لم يفقد يوما حسه بأهمية السينما في تصوير السلطة والقوة، وفي الترويج الدعائي، وهذه تسجل له كاستبصار ذكي لأهمية السينما كآداة اعلامية ثقافية جماهيرية فعالة.(245)
*لا شك ان أشهر ثلاثة افلام معادية للسامية ظهرت بعد 1940، وانطلقت غداة "ليلة الزجاج المكسور: "عائلة روتشيلد"، الذي تدور احداثه أثناء فترة حكم نابليون ويحاول اظهار التلاعب بالأسواق على يد عصبة يهودية دولية (تماما كممارسات العولمة والليبرالية الرأسمالية الجديدة المهيمنة حاليا)، ثم اليهودي سوس الذي يتناول قوة التاثير الفتاكة لمستشار يهودي مالي، وثالثا اليهودي الخالد الذي يأخذنا الى القرن العشرين، كي يثبت كيف خرج يهود الجيتو وانتشروا في العالم ليستخدموا تأثيرا تدميريا على كل النواحي "الغير يهودية" في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية، مخرج الفيلم الأخير تعرض للمحكامة فيما بعد بعد الحرب في هامبورغ بتهمة التعاون في الاضطهاد العرقي(250)...(تماما كما يحدث الآن لكل من يفضح سلوكيات المعايير المزدوجة وتصرفات الصهيونية العالمية بالعلن).
*القى هتلر كلمته الشهيرة أمام الرايخستاغ، قال فيها ما بدا كنبؤة "فاذا ما نجحت المجموعة اليهودية الدولية لابادة جماعية حينها: فقد تغرق الامم في حرب عالمية اخرى، فان النتيجة لن تكون بلشفة الأراضي وبالتالي انتصار اليهود، بل تدمير العرق اليهودي في اوروبا (ص.252).
*لقد حقق فيلم اليهودي سوس نجاحا هائلا على العموم، اذا انتج منه 250 نسخة، وحضره 21 مليون شخص، وحقق ارباحا في شباك التذاكر تزيد عن 20 مليون مارك رايخ، ووصل عدد مشاهديه بالاجمال الى 6 مليون شخص في العام 1941، وكان الأكثر مشاهدة في العام 1940 (262).
*يطرح اليهودي الخالد فكرة ان يهود الجيتو الطماعين والمتآمرين ينطلقون من قاعدتهم في اوروبا الشرقية لكي ينتشروا في العالم، بطريقة يقارنها الفيلم بصريا بانتشار الجرذان للسيطرة على الامم الاخرى، فقد كانوا يتاجرون على نحو طفيلي بسلع ينتجها آخرون، فيغنون ويرتقون الى مناصب للسيطرة في السياسة والفنون، فينقلون الفساد ويهددون بالقضاء على العرق الآري (وهنا يكشف ادعاء خصوصية اليهود العبقرية السائدة والمضللة/ حيث اذكر كمثال كيف سطى عجوز اسرائيلي متخصص في العام 2004 على كتاباتي الارشادية في الجودة وقام بتلخيصها على منصة باريسية دون اذني ضمن المشروع اليورومتوسطي للجودة الموجه للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة/). (ص.276).
*ونرى في الفيلم مشاهد مربكة للطقس اليهودي في ذبح بقرة، تتبعها معلومات ان النازية قد منعت ذلك التقليد، وألحقت القرار بحظر العلاقات الجنسية بين اليهود والألمان(276).
*كان واضحا أن انتصار هتلر كان قائما على الاحتواء، وبناء الجيتو، والعمل القسري لليهود، (وهذا ما يحاولون فعله تقريبا حاليا بواسطة حشر الفلسطينيين داخل الجدار العازل لعزلهم وزيادة معاناتهم وتصعيب الحياة والانتقال، فيما يلعب الجدار دور الجيتو/التقليدي والحماية للطرف الاسرائيلي المقابل)، وقد شكلت هذه المواضيع عناوين الأفلام الاخبارية حينها في العام 1939 (292).
*يعتقد اليوم أن هتلر كان على الأرجح مصابا بداء الباركنسون (304)...ووجدت أدلة على نقص الحراك في تعابير الوجه مع ارتجاف واضح في اليد اليسرى.
*كان حضور هتلر في الأفلام الاخبارية منذ العام 1933 حضور القائد الديناميكي، وتمثل ذلك بتعابير وجهه وصوته ومشيته الواثقة، ثم فقد كان يصل لذروة "الكاريزما والاثارة" بعد أن يبدأ كلامه هادئا ثم يهيج منفعلا رافعا صوته بشعبوية نموذجية غير مسبوقة (التعليق الأخير لكاتب المقالة حيث نادرا ما تحلى قائد تاريخي سياسي معاصر بمثل هذه السمات القيادية ونجح باثارة الهيستريا الجماهيرية بهذه الطريقة)...ولن ننسى حركات ذراعه النشيطة ونبرات صوته الواثق عندما كان يتكلم، فقد نقلت عنه صورة "جماهيرية اعلامية" لعزيمة لا تلين، وقد كان حينها في اوج قيادة شعبه الى محاربة الدمار الذي يهدد به "أصحاب النفوذ والثروة الرأسماليين" في الغرب كما "اليهود البلشفيين" في الشرق (ص.306). (الحقيقة لا أعرف مغزى وصف اليهود بالبلاشفة الا اذا كان يقصد جمع كراهيته للشيوعيين عموما بكراهيته "الوسواسية المزمنة" لليهود في آن واحد، مستثنيا الفكر الألماني الأري/الاشتراكي القومي كقوة ثالثة عالمية كانت تسعى مع "فاشية موسوليني والعسكرتاريا اليابانية" المتصاعدة للهيمنة والسيطرة الكابوسية المرعبة على العالم في ذلك الحين، وربما كان هذا الخلط والتقسيم شعبويا ساذجا ومتحيز وبنظرة احادية، والسؤال الذي لم يطرحه أي مؤرخ مفكر اوكاتب فذ مبدع بعد ولو من باب التنظير والخيال والاستبصار السياسي الانساني هو: كيف كان سيكون شكل العالم "سياسيا واجتماعيا وانسانيا وحتى حضاريا" لو حدث وانتصرت دول المحور في الحرب العالمية الثانية؟ وها أنا كعادتي اطرح هذا السؤال/الغير مسبوق المثير للكثير من الجدل والبحث والنقاش والعصف الذهني التفاعلي: فهل من مجيب وعبقري قادر على وضع سيناريو افتراضي مقنع وواقعي ولو بشكل روائي؟! واعتقد أنه لو قامت هوليوود مثلا بطرح فيلم سينمائي خيالي مماثل، فسيكون مقدما فيلم جحيمي مرعب شيطاني، فصعب أن تطلب من الخصم التاريخي أن يكون عادلا، ولكني اتوقع أن يكون هذا النظام المفترض أكثر "عدلا وانصافا" بطريقة التعامل مع الشعب الفلسطيني على الأقل الذي احتلت بلاده وتم اضطهاده وتشريده وكأنه كان هو المسؤول عن مآساة اليهود ابان الحكم النازي في المانيا!
المرجع: كتاب هتلر والسينما: هواية الفوهرر المجهولة: ل"بيل نيفن"/ترجمة هيثم لمع/دار المدى/ط.1/2020/349 صفحة.
*ملاحظة هامة/هامش توضيحي:
تعليقات الكاتب التفاعلية خارج سياق نصوص الكتاب، وهي تثير التساؤلات والمقارنات مع وضعنا العالمي والعربي الراهن، ولا تعني ابدا التوافق مع الفكر النازي المتطرف الكابوسي، وهي موجودة داخل قوسين... وقد اقتضى الأمر التنويه والتذكير، كما أنها تضيف قيمة لمادة الكتاب التاريخية).
ناقد وباحث سينمائي