عندما أعلن تنظيم داعش قيام دولة الخلافة قبل عامين تركزت دعايته على تحفيز «المجاهدين» على الهجرة إلى المناطق الخاضعة لنفوذه في العراق وسوريا، واعتبر ذلك واجبًا دينيًا.

ولكن مع تصاعد الحملة الغربية لاستهداف قواعد التنظيم في الدولتين، يبدو أن الرسالة قد تغيرت وفقًا لتحقيق موسع نشرته صحيفة نيويورك تايمز، ويطالب قادة التنظيم أتباعهم الآن بالبقاء حيث هم والقيام بعملياتهم الإرهابية في دولهم.

وفي رسالة بثها المتحدث الرسمي لداعش، المدعو أبومحمد العدناني، طلب من أتباع التنظيم في الغرب قتل أعدائهم حيث هم وقال «إذا تمكنت من قتل أميركي أو أوروبي كافر – خاصة من الفرنسيين القذرين - أو من الأستراليين أو الكنديين، فلتتوكل على الله واقتله بأي وسيلة أو طريقة متاحة». ولبِّ النداء على الفور من أطلق عليهم في الدول الغربية اسم «الذئاب المنفردة»، وقام رجل مسلح باستهداف مقر البرلمان الكندي وقتل جنديًا كان يقف لحراسته.

وبعد أن كانت جاذبية التنظيم تتمثل في قدرته على الاستيلاء على أراضٍ واسعة في العراق وسورية، وكذلك كميات ضخمة من الأموال والأسلحة، فإن هذه الاستراتيجية قد تجمدت أخيرًا. ولم يتمكن التنظيم من الاستيلاء على أي أراضٍ جديدة منذ مايو الماضي، عندما احتل مدن الرمادي في العراق والرقة في سوريا.

بل إنه اضطر في شهر يونيو الماضي للانسحاب من مدينة تل أبيض الحدودية السورية، كما انسحب الشهر الماضي من مدن سينجار العراقية والحول السورية.

ويبدو أن هذه التحولات قد اضطرت التنظيم في الفترة الأخيرة إلى التركيز على المعارك التي تخوضها المجموعات الإرهابية التي أعلنت ولاءها لداعش في دول أخرى، كما قرر قادته تخصيص المزيد من الموارد لهم.

وعلى الرغم من أن معظم هذه المجموعات ما تزال تتمتع بدرجة من الاستقلالية، فإن القيادة المركزية للتنظيم في العراق وسورية سرعان ما تتبنى العمليات التي تقوم بها وتباركها. وعلى سبيل المثال، فإن تنظيم ولاية سيناء الذي يعتبر الثاني من حيث القوة بعد فرع داعش في ليبيا، قد قام بمفرده بالمبادرة بتفجير الطائرة الروسية في 30 أكتوبر فوق شبه جزيرة سيناء، وذلك وفقًا لمسؤولين غربيين تحدثوا إلى نيويورك تايمز. ولكن الهدف وفقًا لنفس المسؤولين كان على ما يبدو إبهار القيادة المركزية لداعش أملاً في الحصول على المزيد من الدعم المادي منهم. وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية فورًا عملية تفجير الطائرة ومقتل 224 روسيًا، وأثنى على «الإنجاز الذي حققه الإخوة في مصر».

والأمر نفسه ينطبق على تنظيم بوكو حرام والذي ينشط في نيجريا منذ نحو عشرين عامًا. وبعد أعلن قادة بوكو حرام ولاءهم للدولة الإسلامية، فإن شيئًا لم يتغير في طبيعة أنشطتهم وهجماتهم، ولكنهم استفادوا بوضوح من إمكانات تنظيم الدولة الإسلامية في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت.

كما يعتقد المسؤولون الغربيون أن إعلان أحد أفرع تنظيم طالبان في أفغانستان أخيرًا ولاءه للدولة الإسلامية كان يهدف أساسًا إلى تمييز موقفه عن بقية المجموعات. ولكنهم تلقوا كذلك عدة مئات الألوف من الدولارات من التنظيم المركزي في العراق، وهو ما مكنهم من السيطرة على المزيد من الأراضي وتجنيد المقاتلين.