مع تصاعد الضغوطات اليومية على الإنسان في هذا العصر الحديث، بات الضحك أو بالأحرى القدرة على الضحك هاجساً كبيراً يراود الكثيرين علماء وأناس عاديين، وممن يستطيعون القيام بذلك، وتكون نابعة من القلب المثقل بالهموم والأعباء والانكسارات اليومية المتكررة، فهذه الحياة الشاقة تفرض واقعاً يكرس به الإنسان نفسه، وينشغل في تتابعات وتدافعات باتجاه المعايير الحقيقية الجديدة لتلك الحياة، وبالتالي تفرض ضوابط وقيود تحد من الكثير من التماشي والتماهي في خضم حياتنا، إما بالحزن أو بالرضا بواقع مرفوض أو التسليم بما هو موجود. من جانب آخر فإن الضحك ظاهرة إنسانية كاملة تلعب دوراً أساسياً في الوظائف العضلية والأجهزة التنفسية للإنسان وينصح الأطباء مرضاهم بالضحك وعدم الحزن لأن الحزن يضعف الإنسان في حين أن الضحك ينظف الإنسان من سمومه، ويشفي أو يخفف كثيراً من نتائج أكبر عدد من الأمراض وعد كثيرون من الأطباء أن الضحك علاج مهم لأمراض متنوعة إذ إن التمدد الذي يحدثه الضحك في القلب، وقفص الصدر، يوسع مدى التنفس ويعمقه، حتى إن بعضهم قال إن الضحك يساعد على اندمال الجروح بسرعة.‏

وفي واقع حياتنا كثيراً ما نرى الطبيب يبعد أهل المريض عندما يبكون حتى لا يتأثر بهم ويحزن، أو أن يقوم بعضهم بالتمهيد لإعلام أحدنا بخبر سيء، ومن هنا مواساة البشر بعضهم بعضاً لتخفيف حدة الصدمات التي تواجهنا.‏ لقد أظهرت الأبحاث مؤخراً أن الضحك تمرين عظيم للجسم فنحن نضحك بمشاركة ثمانين عضلة مختلفة من جسمنا، وأكبر دليل هو الألم الذي نشعر به في عضلات البطن، عندما نضحك بقوة.‏ وفي برلين أظهرت دراسة حديثة، أن الضحك كأي نشاط رياضي يعتبر علاجاً ممتازاً للتوتر والإجهاد، ودقيقة واحدة من الضحك الفعلي تعادل ثلاثة أرباع الساعة من الرياضة، فهو يزيل التوتر ويملؤنا بالنشاط والطاقة، وبالإمكان اعتبار الطاقة علاجاً وقائياً خاصة فيما يتعلق بالقلب ومفعوله شبيه بالتدليك، الذي ينشط الدورة الدموية.‏ فالضحك يتمتع بخصائص مسكنة للألم، بخاصة للآلام المزمنة مثل آلام المفاصل، والأوجاع الناتجة عن أمراض عصبية ويعزو العلماء ذلك إلى دور الضحك في رفع مستويات الأندروفينات، المخففة للألم.. والواقع أن مفعول الضحك وتأثيره في الصحة لا يتوقفان على تخفيف الألم، بل يتعديان ذلك ليشملا جوانب أخرى من صحتنا الجسدية والنفسية والذهنية... منها:‏


ـ تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية.‏

ـ شد عضلات الوجه.‏

ـ التخفيف من مستويات هرمونات التوتر.‏

ـ تعزيز القدرة على الابتكار والإبداع.‏

ـ خفض مستويات سكر الدم.‏

ـ التخفيف من عوارض الحساسية.‏

ـ تقوية الجهاز المناعي..‏

ـ يقلل من ضغط الدم‏


إنّ الاستثمار في الضحك هو بلا شكّ رهان على "كسب الرهان" في تربية الأمل وتدجين كل ما يحدق بنا من صروف الدهر وتقلّباته، ذلك أنّ "المواد الأوّليّة" لهذه الصناعة الرابحة هي استمرار الحياة بمذاقاتها الحلوة والمرّة، وما خاب سعي من استثمر في الزمن بقسوته ورخائه، غدره وعدالته... وبالرغم من كل شيء فلنحاول أن نجابه هذه الحياة مهما كانت صعوباتها أو تحدياتها بضحكة ولو بسيطة تعبر عن لحظات منسية في هذا الزمن، لحظات الفرح والانشراح والرضا، والأهم من كل تلك المحبة التي تجعلنا نطير في فضاء الحياة، بألوان وبلغات متجددة عن ذاتنا وتطلعاتنا وطموحاتنا التي لا تقف عند حد.‏.. فلنضحك من أجل حياة أفضل، من أجل جهاز تنفسي، وجهاز دموي، وبيئة عضلية وعظمية أفضل.‏... فلنضحك من أجل قلب ودورة دموية وسكر دم وجهاز مناعي أفضل.