مازال الحديث عن التدخل التركي في ليبيا يلقى بظلاله على المشهد في داخل البلد الممزق الذي يعيش على وقع الانقسامات والصراعات منذ العام 2011،وذلك في ظل اصرار جماعة "الاخوان" على الدفع نحو تسليم ليبيا الى نظام أردوغان بالرغم من الرفض الكبير الذي تلققاه هذه المحاولات داخليا وخارجيا نظرا لما تكتسيه من خطورة على الوضع في البلاد والمنطقة ككل.
كعادته ومن مقر اقامته في أسطنبول يواصل مفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني،محاولاته لتأجيج الصراع في ليبيا والدفع نحو مزيد من اراقة دماء الليبيين،وفي ظهور تلفزيوني جديد عبر قناة "التناصح" المملوكة لنجله والممولة باموال قطرية،دعا الغرياني الى ضرورة استجلاب قوات تركية لدعم القوات الموالية لحكومة الوفاق.  
وقال الغرياني "من يتولون أمر الناس في مجالس الحكم الثلاثة، مطالبون أن يسارعوا بتقديم ما يستطيعون لحسم المعركة، والعرض التركي بالدعم العسكري متاح بين أيديهم، فما العذر في التباطؤ!.".وأضاف "الرئيس التركي كرر عرضه باستعداده لتقديم الدعم للدفاع عن طرابلس عند الطلب؛ وتكرار الطلب معناه التباطؤ في قبول العرض وتقديم الطلب، ومن حق الناس أن يسألوا لماذا، والجبهة محتاجة للسلاح المتطور، وأولادهم يموتون".على حد زعمه.
وفي وقت سابق أصدر الغرياني، فتوى حول عزم تركيا إنشاء قواعد عسكرية تركية في ليبيا بأنه حلال شرعا ومشروع قانونا مستشهدا على ذلك بآيات قرآنية.وقال المفتي المعزول، في مقابلة مع قناة التناصح التابعة لجماعة الإخوان والتي تبث من تركيا، إن مذكرتي التفاهم التي وقعها فائز السراج مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول ترسيم الحدود البحرية والتعاون العسكري فرصة شرعية يجب علينا أن نغتنمها لأنه تحالف ضد عدو غادر".
ومن جانبه طالب عبد الرزاق العرادي، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين وحزب العدالة والبناء التابع للجماعة، فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، بأن يدعو تركيا لنشر قواتها في ليبيا، عقب تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بموافقته على نشر قواته في ليبيا في حال طلبت حكومة الوفاق ذلك.ونقلت وكالة "نوفا" الإيطالية عن العرادي،قوله في بيان الأربعاء عبر موقع "فيسبوك" إن السراج "يجب أن يقبل باستجلاب القوات العسكرية التركية على الأراضي الليبية، لدحر قوات خليفة حفتر والسيطرة على ليبيا. على حد زعمه.
ومنذ توقيع مذكرة التفاهم للتعاون الأمني والعسكري بين حكومة الوفاق ونظام أردوغان في 27 نوفمبر الماضي،تداعت قيادات "الاخوان" للتهليل والتطبيل لهذه الاتفاقية داعية الى استثمارها لدعم المليشيات المسلحة المنتشرة في العاصمة طرابلس منعا لسقوطها.وزادت الدعوات الاخوانية لتسليم ليبيا الى تركيا عقب تصريحات أردوغان التي قال فيها انه مستعد لارسال قوات بلاده الى ليبيا لدعم حكومة الوفاق.
ونقلت قناة "تي آر تي" التركية على تويتر،في وقت سابق، عن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قوله: "سنتخذ الخطوات اللازمة إذا تلقينا دعوة لإرسال جنود إلى ليبيا". وأعلن أنه سيقدم كل دعم إلى حكومة الوفاق ضد الجيش الليبي، معتبراً أن الاتفاقيات المبرمة مع حكومة الوفاق تمت وفق أُطر القانون الدولي.
وتحدثت وسائل إعلام تركية،الاثنين،عن اعتزام أنقرة إنشاء قاعدة عسكرية في ليبيا، فيما بدأت التجهيزات لإرسال قوات ومستلزمات عسكرية إلى ليبيا.وقالت قناة وصحيفة "خبر ترك"، أن أنقرة ستنشئ قاعدة عسكرية في طرابلس، فيما قد يقدم رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، طلبا لإرسال قوات تركية إلى طرابلس، مع حلول 20 فبراير المقبل، وقد يتغير هذا التاريخ  وفق الصحيفة مع تواتر التطورات في ليبيا، مشيرة إلى أن أنقرة أكملت دراسة الجدوى المتعلقة بذلك.
بدورها، قالت صحيفة "يني شفق"، إن تركيا بدأت بالتجهيزات اللازمة لتقديم الدعم اللازم لحكومة الوفاق، بالتزامن مع عملية تحرير طرابلس.ونقلت من مصادر عسكرية، أن الحكومة طلبت من القوات المسلحة التركية تجهيز السفن والطائرات الحربية استعدادا لنقل القوات التركية إلى ليبيا.وأكدت المصادر العسكرية، أن عملية النقل إلى مدينة طرابلس بدأت، والسفن التي ستقوم بنقل الطائرات المسيرة والدبابات والقوات الخاصة ووحدات الكوماندوز التابعة لقيادة مجموعة الهجوم تحت الماء باتت جاهزة.
وتتزامن هذه التقارير الاعلامية مع تصريحات لمسؤولين أتراك تكشف نوايا تركيا الاستعمارية في ليبيا،حيث قال ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان،في تصريح لقناة "التناصح" الذراع الإعلامية للمفتي السابق الصادق الغرياني، إن ليبيا باتت تحت مسؤولية تركيا، وذلك بموجب مذكرة التفاهم التي وقعها الرئيس التركي ورئيس حكومة الوفاق فائز السراج.على حد زعمه.
وكان أردوغان نفسه قد قال في أكتوبر الماضي، أن "الأتراك يتواجدون فى ليبيا وسوريا، من أجل حقهم، وحق إخوانهم فى المستقبل"،وأضاف "تركيا وريث الإمبراطورية العثمانية"، مشيرا إلى سعيه لإحياء ما وصفه بالمجد القديم للأتراك،في مشهد كشف وبدون لبس عن النوايا الحقيقية من وراء الدعم الذى تقدمه أنقرة إلى حكومة الوفاق وجماعة "الاخوان"،والذي يقوم على مد النفوذ التركي في ليبيا ومواصلة نهب ثرواتها.
مؤشرات زاد في تأكيدها الصحفي والمحلل السياسي المقرب من حزب الحرية والعدالة، حمزة تكين،الذي قال خلال لقاء في برنامج "الاتجاه المعاكس" المذاع على قناة "الجزيرة" القطرية،أن "الدولة العثمانية ستعود كما كانت، عندما أتت إلى طرابلس عام 1551 وطردت الإسبان، الآن ستعود تركيا وتطرد الانقلابيين وأنظمة الثورات المضادة".في مشهد كشف الحلم العثماني الذي يراود أردوغان وأتباعه.
وتعول تركيا في محاولة السيطرة على ليبيا على جماعة "الاخوان" الذراع التخريبي لأنقرة في البلاد والمنطقة ككل،حيث فتحت الجماعة منذ سنوات الباب أمام جميع أنواع السلاح التي زادت من تأجيج الصراع في ليبيا.وتتالت شحنات السلاح القادمة من تركيا الى ليبيا دعما للمليشيات على غرار السفينة التي قدمت في أواخر مايو الماضي من ميناء "سامسون" التركي، محمّلة بأسلحة وذخائر متنوعة وآليات عسكرية إلى ميناء العاصمة طرابلس، حسبما وثقته صور ومقاطع فيديو التقطت على متنها، أظهرت كذلك لحظة تسلّم الشحنة من طرف كتيبة "لواء الصمود" التي يقودها "الاخواني" المعاقب دوليّا صلاح بادي.
 وتفاخر رئيس المجلس الأعلى للدولة والقيادي في جماعة "الاخوان" خالد المشري، في تصريح لصحيفة الإندبندنت البريطانية، بأن "حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة حصلت على طائرات بدون طيار وعدلتها لمواجهة التأثير المدمر لطائرات السيد حفتر الحربية والمراقبة الجوية". دون أن يشير الى أن هذه الطائرات تسفك دماء الليبيين.
ويأتي اصرار "الاخوان" على جلب التدخل التركي بالرغم من الرفض الشعبي الكبير الذي عبرت عنه البيانات المتتالية المنددة بهذه المحاولات الاستعمارية.وفي هذا السياق،قالت النقابة العامة للسادة الأشراف في ليبيا،في بيان أصدرته الأربعاء، "إنها في الوقت الذي تؤكده فيه رفضها بشكل قاطع للاتفاقية الموقعة بين الحكومة التركية وحكومة الوفاق، فإن النقابة تطالب الجامعة العربية والأمم المتحدة بضرورة الوقوف مع الشعب الليبي في قضيته ضد الغزو العثماني التركي البغيض".
ودعت النقابة في بيانها، البرلمان التركي إلى الاستيقاظ مما وصفته بـ "الأحلام الواهمة"، والعودة إلى رشدهم وعدم استغلال الوضع الأمني الحالي في ليبيا، مشيرة إلى أن الشعب الليبي يدرك جيدا المخطط التركي الرامي إلى تحقيق أطماعه في الأراضي الليبية لنهب ثروات ومقدرات الشعب الليبي.وشددت النقابة في بيانها، على أن إنزال الجنود الأتراك على الأراضي الليبية هو بمثابة احتلال بصيغة جديدة لسلب مقدرات الشعب الليبي.
وبدورهم استنكر عدد من الناشطين واهالي الجفرة في وقفة احتجاجية،الاربعاء، انتهاك الحكومة التركية للاعراف والقوانين الدولية وتدخلها السافر في الشأن الليبي بتقديمها الدعم العسكري واللوجيستي للتشكيلات المسلحة .واعلنوا رفضهم التام لاي اتفاقيات او معاهدات يتم ابرامها مع أي دولة دون موافقة  الجسم التشريعي الوحيد المنتخب في ليبيا (مجلس النواب).
وجدد المحتجون دعمهم الكامل للقوات المسلحة العربية الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر في حربها على الارهاب والتطرف حتى تحرير العاصمة المغتصبة من الارهابيين الذين يسيطرون على مايسمى بحكومة الوفاق ومجلسها الرئاسي.مطالبين وزارة الخارجية ومجلس النواب والحكومة المؤقتة بمخاطبة كافة الدول بفك ارتباطها مع المجلس الرئاسي وحث المجتمع الدولي على رفع حظر التسليح عن الجيش الليبي، والعمل على تنظيم انتخابات تضمن لكافة الليبيين المشاركة فيها.
  ومنذ توقيع الاتفاقية بين السراج وأردوغان تتالت بيانات الرفض من القبائل الليبية والمكونات الاجتماعية المنددة بالمحاولات التركية للسيطرة على البلاد وتمكين أذرعها من جماعة "الاخوان" والجماعة الليبية المقاتلة من ماليد السلطة في ليبيا بما يضمن لأنقرة تمرير أجنداتها في المنطقة والاستمرار في نهب ثروات ليبيا دعما لاقتصادها المهزوز جراء سياسات أردوغان التي جعلت بلاده في مرمى العقوبات الدولية.
الرفض للتدخل التركي في ليبيا تجاوز نطاقه المحلي حيث وبل بتنديد اقليمي ودولي وسط تأكيدات على أنه يأتي ارضاءا لأطماع أردوغان ويمثل زيادة لتأجيج الصراع في البلاد.وقال وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو،في تصريحات لبرنامج "بورتا أ بورتا" الإيطالي وفقاً لوكالة "نوفا" الإيطالي" الخميس،أن الاتفاقية الأمنية التي تم التوصل إليها في 27 نوفمبر بين أنقرة وطرابلس، اتفاقية خطيرة جدًا مع احتمال وجود جنود أتراك على الأرض، مضيفا أنها تصعيد غير مقبول ينبغي تجنبه بأي طريقة.
وأدانت اليونان وقبرص ومصر  الاتفاق البحري الموقع بين أنقرة وحكومة الوفاق،لأنه يعطي أنقرة سيادة على مناطق شاسعة في شرق البحر المتوسط الغني بالموارد النفطية.وأعلنت اليونان طرد السفير الليبي واعترف البرلمان اليوناني، الخميس الماضي، ببرلمان ليبيا ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الليبي، كما رحبت خارجية اليونان بموقف البرلمان الليبي الرافض لاتفاق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج.
وفي تونس،دعا حزبان سياسيان في تونس، رئيس البلاد، قيس سعيد، إلى إعلان رفضه الصريح للاتفاقية التركية المبرمة مع حكومة الوفاق الليبية، وإدانة تدخل أنقرة في ليبيا.واعتبر حزب التيار الشعبي، أن الاتفاقية التركية مع حكومة الوفاق الليبية،"بمثابة احتلال لليبيا، وتُعدّ تعبيرًا عن أطماع تركيا ونزعتها الاستعمارية".وأشار الحزب، في بيان أصدره الأربعاء، إلى أن "تركيا قامت بالأمر ذاته في سوريا، حين استغلت الجماعات الموالية لها، واحتلت جزءًا من الأراضي العربية في الشمال السوري".
من جانبها، اعتبرت حركة الشعب في بيان لها أن "الاتفاقية الموقعة بين حكومة الوفاق الليبية وتركيا، عودةٌ للوصاية العثمانية على المنطقة وتهديدٌ لاستقلال ليبيا واعتداءٌ على شعبها العربي الذي يصارع الجماعات المتشددة التي تمكنت من مقدراته وأرضه".وأبدت حركة الشعب "استغرابها من سكوت السلطات الرسمية التونسية عن هذا الاتفاق وعدم التصدي له، لما له من خطر مباشر على تونس، المعرضة باستمرار لخطر الجماعات المتشددة المحمية من حكومة الوفاق بطرابلس والحكومة التركية"، وفق البيان.
الرفض للتحركات التركية في ليبيا جاء ايا من الداخل التركي حيث حذر زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي كمال كليجدار أوغلو الحكومة التركية من إرسال قوات تركية إلى ليبيا مطالبا إياها بأخذ الدروس من الصراع السوري.وجاءت تحذيرات كليجدار بعد توقيع تركيا وحكومة الوفاق مذكرتي تفاهم بشأن التعاون الأمني والبحري مشيراً إلى أن أحزاب المعارضة صوتت ضد مصادقة البرلمان على المذكرتين كونها ستجعل تركيا طرفًا في حرب أهلية مستمرة بين الاطراف المتصارعة في ليبيا.
وفي تقرير لها تحت عنوان "أردوغان يعادي المجتمع الدولي، لمواجهة التحديات الداخلية"،قالت صحيفة "ليزيكو"  الفرنسية،أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يزيد العداء الدولي، ويجلب الكراهية إلى بلاده، بتصرفاته المثيرة للجدل التي لا تخفي الرغبة في الهيمنة، وتحديدا بالتدخل في ليبيا، في محاولة منه لجذب أصوات القوميين والتعتيم على الفشل الداخلي
وذهبت الصحيفة الفرنسية إلى أن تلك المواقف محاولات للتغطية على الضعف الداخلي بالانشقاقات داخل حزب العدالة والتنمية"، وتهديد منافسه رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داود أوغلو، بالإضافة إلى الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها تركيا منذ سنوات.وحذرت الصحيفة، من أن أردوغان يزيد من جبهات العداء لبلاده بالتصادم مع دولة ذات ثقل في المنطقة مثل مصر.
وتطرقت الصحيفة الفرنسية الى تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، التي قال فيها : "الحرب الأهلية الكامنة في ليبيا هي الأمن القومي لمصر"، مضيفًا أنه "لن يسمح لأي شخص بالسيطرة على ليبيا".وأشارت الصحيفة الى أنه "في الوقت الذي يسعى الجيش الليبي لتطهير البلاد من الإرهابيين في معركة حساسة بالعاصمة الليبية طرابلس، تريد تركيا التدخل العسكري لإضعاف الجيش الليبي، في حين أن أمن ليبيا بمثابة أمن مصر".
وبالرغم من هذا الرفض الواسع للتدخل التركي تصر جماعة "الاخوان" على المضي قدما في طريق تسليم ليبيا الى أردوغان وهو شئ ليس بغريب على الجماعة التي تكررت مطالبات قياداتها خلال السنوات الماضية بضرورة التدخل التركي والتي وصلت حد مطالبة المحلل السياسي، محمد الهنقاري، المحسوب على تنظيم "الإخوان"،بتسليم السياسة الخارجية بحكومة الوفاق إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأحدثت دعوات جماعة "الاخوان" للتدخل الخارجي في ليبيا،ردود فعل في الاوساط الليبية،حيث وصف نشطاء ليبيون على مواقع التواصله الاجتماعي تصريحات القيادات الإخوانية،بالخيانة،معربين عن رفضهم التدخل التركي أو القطري في الشأن الليبي.ودفعت ردود الفعل هذه الجماعة لتغيير استراتيجيتها الهادفة لتسليم ليبيا للأتراك حيث اتجهت الى التعويل على حكومة الوفاق لتمرير هذا المخطط في محاولة لشرعنته والتغطية على الأهداف الحقيقية منه.
وتثير المحاولات التركية الحثيثة بالانخراط بشكل أكثر قوة في الصراع الليبي، على الرغم من بُعد ليبيا جغرافيًا عن الجوار التركي، وعدم ارتباطها بشكل مباشر بأمنها القومي بخلاف سوريا،تساؤلات حول الدوافع من هذا الأمر التي يخفيها الخطاب الرسمي التركي الذي يزعم مساندة الحكومة المعترف بها دوليًا في ليبيا؛ وهي حكومة الوفاق.
وفي هذا السياق،رأى عضو مجلس النواب سعيد أمغيب، أن ما وصفها بحالة "التخبط السياسي" للنظام التركي خلال الفترة الأخير، تدل على أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يطارده "كابوس" سقوط مشروع الإخوان المسلمين في ليبيا كما سقط في مصر.مشيرا في تدوينة نشرها عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن أردوغان "كان يبني الكثير من الآمال على نجاح هذا المشروع في ليبيا والدول المجاورة لها".
وبخلاف التماهي الايديولوجي بين تركيا و"الاخوان"،تسعى انقرة لاستنزاف ثروات ليبيا عبر حكومة الوفاق،وهو ما كشف عنه رئيس لجنة أزمة السيولة بالمصرف المركزي بمدينة البيضاء شرقي البلاد "رمزي الآغا" في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي،حين أكد أن حكومة الوفاق تستعد لعقد صفقة مع طرف أجنبي لبيع كميات من احتياطي الذهب الليبي، في ظل تقديرات بامتلاك ليبيا نحو 116.6 طن ذهب احتياطي، وهو أمر غير مُستغرب في ظل سعي حكومة الوفاق إلى توفير التمويل اللازم للمليشيات المسلحة بجميع الطرق الممكنة مع احتدام المواجهات مع الجيش الوطني على محاور العاصمة.
من جهة أخرى،وفي ظل الطموح التركي نحو تعظيم الاستفادة من ثروات شرق المتوسط،باتت ليبيا هدفا تركيا كبيرا، وهو ما اتضح مع إعلان مسؤول عسكري تركي كبير على ضرورة إعلان تركيا مناطقها الاقتصادية الخاصة، ثم توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع ليبيا.كما أن ثروات النفط الليبية تعتبر محطّ أطماع نظام أردوغان المهزوز، حيث تُقدِّر "أوبك" احتياطيات ليبيا من النفط بنحو 48 مليار برميل، بما يجعلها الأكبر في أفريقيا.
ليس غريبا على جماعة "الاخوان" الاصرار على التدخل التركي في ليبيا،فالجماعة تسعى جاهدة للبقاء في السلطة التي وصلت اليها بعد دعمها للتدخل الغربي في البلاد في العام 2011،فالجماعة التي تزعم بحثها عن دولة مدنية ديموقراطية،انقلبت على نتائج الانتخابات في العام 2014،واستعانت بالمليشيات المسلحة للسيطرة على مؤسسات الدولة.وطيلة السنوات الماضية كرست الجماعة ومليشياتها الفوضى والنهب والفساد.
وكشف وقوف "الاخوان" ضد تحركات الجيش الليبي لانهاء الجماعات الارهابية في شرق وجنوب البلاد نوايا الجماعة المشبوهة.وباتت كل مخططات المجموعات المنتمية إلى الإسلام السياسي في ليبيا وعلى رأسها جماعة "الإخوان" مكشوفة لدى الشعب الليبي الذي أدرك أن هذه التنظيمات لا تحاول إلا السيطرة على الحكم وتنفيذ مشروعها التخريبي في المنطقة عبر تسليم ليبيا لتركيا التي تسعى لنهب ثرواتها وتمرير أجنداتها في المنطقة.
ويمكن القول أن تركيا قد استُدرجت إلى الصراع بسبب تقاربها الأيديولوجي من عناصر جماعة الإخوان المسلمين البارزة داخل حكومة الوفاق الوطني. فما من أحد ينكر تأثير جماعة الإخوان المسلمين على العلاقات التركية مع دول مثل سوريا والسودان وفلسطين ومصر.وقد أسفر دعم تركيا لمليشيات "الاخوان" عن وصول الطرفين إلى حد الاعتماد المتبادل على بعضهما البعض؛ فالإسلاميون يحتاجون إلى دعم أنقرة للدفاع عن أنفسهم في مواجهة الجيش الوطني الليبي، بينما تحتاج تركيا إلى الإسلاميين إن كانت تبحث عن نفوذ في البلاد مستقبلا.