رأت صحيفة لوس أنجليس تايمز الأمريكية، أنه بعد تعرض مجلة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة في باريس، لهجمات إرهابية في يناير (كانون الثاني) الماضي، بدا واضحاً بأن فرنسا ليست حصينة من أعمال عنف مدفوعة بتفسير مشوه للإسلام، كما كان متوقعاً أن يزداد ذلك الخطر مع مشاركة فرنسا في الغارات الجوية ضد داعش، في سوريا والعراق.

ورغم ذلك، تقول الصحيفة أن المذبحة الأخيرة التي نفذت في باريس، والتي ادعى داعش مسؤوليته عنها، سببت صدمة كبيرة، ورعباً شديداً.

وتقول الصحيفة إنه "عند وقوع عمليات إرهابية من نوعية ما جرى في هجمات ١١ سبتمبر (أيلول) وسواها من العمليات الإرهابية، والهجمات المتزامنة التي أزهقت أرواح ١٢٠ ضحية في العاصمة الفرنسية، لا بد من التساؤل عما إذا كان الأمن الداخلي والمعلومات الاستخباراتية مناسبة، أو كانت كافية لدرء وقوع مثل تلك المجزرة".

وتلفت لوس أنجليس تايمز إلى أن الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، ذهب أبعد من ذلك، عندما وصف الهجمات بأنها "عمل حربي"، وتعهد بأن تستخدم فرنسا "كل الوسائل المتاحة، في أي مكان، داخل فرنسا أو خارجها، من أجل دحر داعش".

وتشير الصحيفة إلى أن تلك الكلمات تذكر الأمريكيين بتصريحات جورج بوش في أعقاب هجمات ١١ سبتمبر(أيلول)، بأن الولايات المتحدة سوف تتحرك إن لم تنه حكومات طالبان في أفغانستان دعمها للقاعدة، وغيره من الإرهابيين، وعلى الفور، وبدعم من الكونغرس، غزت الولايات المتحدة أفغانستان، وما زالت القوات الأمريكية موجودة هناك، وإن كانت لا تمارس دوراً قتالياً.

وتلفت الصحيفة إلى تشابه آخر بين كلمات هولاند الأخيرة، وما تعهد به الرئيس أوباما قبل أكثر من عام، بأن تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها على "إضعاف ومن ثم تدمير داعش بالكامل"، وحتى حينه، اقتصرت تلك الحرب على ضربات جوية، ومحاولة فاشلة لتنظيم وتدريب "قوات سورية معتدلة" معادية لداعش، فضلاً عن الإعلان بأن ٥٠ عنصراً وحسب من القوات الخاصة الأمريكية سوف ينتشرون في سوريا.

وكما تشير لوس أنجليس تايمز، دعا بعض معارضي ومنتقدي سياسات أوباما، وحتى قبل مجزرة يوم الجمعة، لتصعيد العملية العسكرية الأمريكية في داعش، فقد اقترح المرشح الرئاسي ليندسي غراهام، لإرسال ١٠ آلاف جندي إلى المنطقة لدعم الحرب ضد داعش.

وبرأي الصحيفة "بعد الهجمات المرعبة في باريس، سيستمع الأمريكيون لمزيد من نداءات التصعيد"، ويمكن تقدير تلك النداءات، والنابعة من شعور الأمريكيين بالإحباط والاضطراب جراء ما تواجهه الولايات المتحدة وحلفاؤها في محاربة داعش، والقاعدة وغيرها من التنظيمات الراديكالية المتشددة، وذلك بالرغم من التفوق العسكري الغربي المؤكد.

وتوضح الصحيفة أن الوقائع تؤكد تقاعس وامتناع الأمريكيين والأوروبيين عن الانجرار إلى حرب كاملة في الشرق الأوسط، وحروب تتطلب منهم سنوات من التضحية.

وتقول الصحيفة "لطالما ناصرنا دعوة أوباما لاتباع نهج ثابت وجهد متواصل ضد داعش باستخدام القوة الجوية والاعتماد على عمليات تنفذها قوات محلية، وليس برية أمريكية، ولا يفترض أن تقود هجمات ليلة الجمعة المرعبة في باريس لرد فعل أمريكي قوي".

وذلك لا يعني، بحسب الصحيفة، مواصلة الولايات المتحدة وحلفاؤها البحث عن وسائل لإعادة تقييم وتوجيه الحملة الحالية ضد داعش، لأجل جعلها أكثر فاعلية.

كما قد تتطلب استراتيجية جديدة مزيداً من اليقظة بشأن احتمال تسلل إرهابيين، ولكن ذلك لا يعني جعل اللاجئين كباش فداء، وهم في معظمهم هاربون من إرهاب داعش.

وتختم الصحيفة للقول "ليست هذه هي المرة الأولى التي تستغل فيه فئة من الإرهابيين الانفتاح الغربي، لارتكاب جرائم قتل مروعة، وتحتاج دول كفرنسا والولايات المتحدة لإيجاد سبل مناسبة للرد على ذلك التهديد الممنهج، دون تقييد الحريات المدنية لسكانها، أو إغلاق حدودها".