لا زالت الديبلوماسية الفرنسية تصر على فكرة فرض قوة افريقية متعددة الجنسيات كحل لمجابهة تقدم جماعة بوكو حرام. أما الدول الافريقية المعنية بالقضية فهي لا تتوانى في توجيه رسائلها المباشرة وغير المباشرة لفرنسا كي تساهم بأكثر فاعلية في الحرب على الجماعة الإرهابية.
لقد رفضت فرنسا لمرات أي تدخل عسكري لقواتها فوق الأراضي النيجيرية ومواجهة مقاتلي بوكو حرام مباشرة على الأرض. بينما تقوم بهذه المهمة دول مقربة من فرنسا ومحاذية لنيجيريا هي التشاد والنيجر والكاميرون، والتي أصبحت تنتظر المعونة الدولية بفارغ الصبر نظرا لتعدد هجمات بوكو حرام وتنوعها، إضافة لتوسع دائرة القتال داخل أراضيها.
رغم رفض فرنسا التدخل عسكريا ضد بوكو حرام، الا أن دول التشاد والنيجر والكاميرون تعترف ان فرنسا هي من بين البلدان القليلة التي تهتم بشأن هذه المعضلة التي تفتك بأرواح العديد من الأفارقة، مدنيين وعسكريين. ولذلك فإن هذه البلدان تتطلع اليوم إلى الدور الذي من الممكن ان تلعبه فرنسا لإقناع المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن بالتدخل ضد بوكو حرام.
من زاوية النظر هذه، تعد فرنسا أكثر الدول الكبرى نشاطا من أجل تحريك سواكن مجلس الأمن، ولكنها تظل على موقفها القديم، وهو إنشاء قوة إفريقية متعددة الجنسيات. ولو نظرنا إلى بقية اعضاء مجلس الأمن، سنجد بريطانيا متشككة في حجم الخسائر والقدرات القتالية لبوكو حرام التي تتناقلها وسائل الاعلام، روسيا تبدي شيئا من الإصغاء ولكنها لا تلوح بأي تحرك عسكري أو ان تلقي بجنودها في معمعة نيجيريا البعيدة. بالنسبة للصين، تفضل أن تنأى بنفسها عن قرارات سياسية كبيرة في افريقيا، وأما الولايات المتحدة الأمريكية، فهي تفضل "مقعد المشاهد البعيد" رغم اعترافها بالواقع المرير الذي تعيشه المنطقة جراء بوكو حرام.
لكن الموقف الفرنسي يبدو هو الآخر أقل من الانتظارات، خاصة حين نعرف أن دول التشاد والنيجر تستقبل مواقع للجيش الفرنسي في عملية برخان الموجهة لمحاربة الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، فلماذا لا تتوسع العميلة أمام الخطر الأدهى والذي يتحرك جنوبا؟
في كل الحالات، حتى اذا سعت فرنسا بكل جدية لتكوين قوة دولية تواجه خطر بوكو حرام، فإن على المنطقة ان تنتظر حتى نهاية شهر مارس أو بداية شهر أبريل لكي ينتهي مجلس الأمن من نقاشاته، كما أشار لذلك وزير الخارجية لوران فابيوس، والذي يشير أيضا أن الاتحاد الافريقي يمكنه أن يتقدم خطوات في الأثناء.