أدت الأزمة السياسية في ليبيا إلى تردي قطاعات الخدمات الأساسية والأمنية وخلقت بؤر توتر في مناطق مختلفة من البلاد وفاقمت من سوء الأوضاع الإنسانية.ومنذ سنوات تتواصل معاناة الليبيين في ظل إستمرار الإنقسامات بين الفرقاء وهو ما يمنع قيام سلطة موحدة في البلاد.

وأمام هذا الإنسداد والتدهور المخيف تتواصل المساعي للم الشمل وإعادة الثقة واللحمة بين المكونات المختلفة من المجتمع الليبي بما يكفل إيجاد مخرج للأزمة من شأنه انتشال البلاد من حالة التشرذم والانقسام.

مؤتمر للمصالحة 

وفي ظل مشهد سياسي معقد في البلاد مع تعدد الحكومات والصراع بين الفرقاء الليبيين،ومع غياب دولة مركزية قوية وانتشار السلاح بشكل كبير،ما ينذر بأن تشهد الأراضي الليبية حربًا أهلية أوأن تكون مرتعًا للجماعات الجهادية والتكفيرية المتشددة،تتواصل المساعي لحل الأزمة في البلاد التي تتهدد المنطقة ككل خاصة لآثارها الأمنية والاقتصادية.

وتتواكب الجهود الدولية مع أخرى يبذلها الاتحاد الإفريقي،الذي اقترح مؤخرا عقد مؤتمر وطني للمصالحة قبل الدعوة إلى تنظيم الاستحقاق الانتخابي،وجاء ذلك غداة زيارة وفد رفيع المستوى من القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية،الجمعة،لمقر الاتحاد الافريقى فى أديس. 

وقال السفير إسماعيل شرقي، مفوض الاتحاد الأفريقي للسلام، إنه استقبل في مقر الاتحاد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا،وفداً رفيع المستوى من الجيش الوطني الليبي، بقيادة اللواء فرج المبروك عبد النبي الصوصاع. وأضاف شوقي في بيان تناقلته وسائل إعلام محلية،أن النقاش بين الجانبين تمحور حول القضايا السياسية والأمنية، وما "يبذله الجيش الوطني في مكافحة الجماعات الإرهابية" في بنغازي ودرنة.

كما تبادل الجانبين وجهات النظر حول مبادرات السلام الجارية للوضع فى ليبيا وشددا على أن حل الأزمة لا يمكن أن يكون ممكناً إلا من خلال الليبيين أنفسهم بالحوار والمصالحة.وأضاف البيان:"وفي هذا الصدد،أعرب وفد الجيش الليبي عن أمله في رؤية الاتحاد الأفريقي وهو يلعب دورًا رائدًا في تعزيز الحوار والمصالحة بين جميع الليبيين".

وأكد السفير المفوض محافظة الاتحاد الأفريقي على إبقاء الأزمة الليبية في صدارة جدول أعماله دائماً وخاصة ومن خلال الجهود التي تبذلها اللجنة الرفيعة المستوى للاتحاد بشأن ليبيا والممثل السامي للاتحاد.كما أكد كذلك على أهمية الحوار الوطني والمصالحة بين جميع الأطراف الليبية المعنية من أجل تعزيز الظروف المواتية لإيجاد الحل الدائم للأزمة ، مرحباً بزيارة وفد الجيش ومثمناً لها،بحسب نص البيان. 

وختم البيان:"في هذا الصدد أُبلغ الوفد بأن الاتحاد الأفريقي سوف يقوم بخطوات ملموسة،بالتنسيق الوثيق مع الأمم المتحدة ، لعقد اجتماع ومؤتمر وطني للمصالحة في أديس أبابا وشدد بالتالي على ضرورة مشاركة كل الإطراف الليبية المعنية حتى يكون الليبيون هم صنّاع العملية ومالكيها السياسيين".

ويعمل الاتحاد الافريقي الذي تم فيه تهميش دوره من قبل فاعلين آخرين دوليين،منذ فترة على تعزيز سبل التعاون مع الجامعة العربية وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لحل الأزمة السياسية.وفي قمته التاسعة والعشرين بأديس أبابا في يونيو 2017، قرر الاتحاد الأفريقي تسريع جهوده في المساعدة على التفاوض لعقد صفقة سلام في ليبيا.

 الإنتخابات

وفي غضون ذلك،يتواصل الدعم من أطراف دولية للإنتخابات الليبية،حيث جدد السفير البريطاني لدى ليبيا فرانك بيكر التأكيد على تقديم بلاده 1.2 مليون جنيه إسترليني لدعم الانتخابات في ليبيا.

وقال بيكر في تغريدة له بموقع "تويتر" أتمنى النجاح لأعضاء المجلس البلدي درج وبني وليد مضيفا "تلعب المجالس البلدية دورًا حيويًا في العملية السياسية وفي تقديم الخدمات العامة الحيوية إلى ليبيا".وتابع "تقدم المملكة المتحدة مبلغ 1.2 مليون جنيه إسترليني لدعم تقديم انتخابات ذات مصداقية" في ليبيا.

وفي أكتوبر الماضي،قدّمَت فرنسا ما تقدّر قيمته بستمئةٍ وخمسين ألفَ يورو، للمساهمَةِ في مشروع الأممِ المتحدةِ الانتخابيِّ في ليبيا، والذي يحملُ عنوانَ تعزيزِ الانتخاباتِ من أجلِ الشعبِ الليبيّ .وذكرت السفارةُ الفرنسيّةُ في بيانٍ لها إنّ إجماليَّ الدعمِ الفرنسيّ المقدَّم بالخصوص يبلغ ثمانمئةٍ وخمسين ألفَ يورو، كان منها مبلغ مئتي ألفِ يورو، سلّمتها في ديسمبر من العام الماضي لمشروع الأممِ المتحدةِ الانتخابيِّ في ليبيا.

وبدورها،أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية والدنمارك دعمهما المشترك لتعزيز العمليات الانتخابية في ليبيا وذلك خلال حفل توقيع أقيم في تونس يوم 4 أكتوبر الماضي.هذا وتساهم حكومة الدنمارك من خلال وزارة الخارجية الدنماركية بمبلغ ميلون دولار أمريكي لفائدة أنشطة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مجال تعزيز الانتخابات الليبية والسلطات التشريعية.

وكانت ألمانيا تعهدت بتقديم مليوني يورو لمشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدعم الانتخابات المحلية في ليبيا وذلك بهدف مساعدة اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية على تنظيم الانتخابات البلدية في مدن مختلفة من البلاد.

ويهدف مشروع الأمم المتحدة للمساعدة الانتخابية، الذي سينفذ عن طريق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في  ليبيا، إلى "تعزيز قدرة المفوضية على إدارة عمليات انتخابية تتماشى مع أفضل الممارسات والمبادئ المعترف بها دوليا، ولضمان مصداقية العمليات الانتخابية وذلك من خلال بناء قدرات المفوضية وضمان الشمولية وتثقيف الناخبين، ورفع الوعي  بأهمية المشاركة في الانتخابات".

ويأتي هذا في وقت تواصل فيه الدبلوماسية الإيطالية تحركاتها للتحضير للمؤتمر الدولي حول ليبيا، الذي سيعقد في باليرمو يومي 12 و13 نوفمبر الجاري وسيجمع مختلف أطراف الأزمة الليبية وعرابيهم من الدول الإقليمية والأجنبية إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وروسيا.

واستقبلت إيطاليا، خلال الأسبوع الماضي، الجهات الفاعلة السياسية الرئيسية في ليبيا، وفي مقدمتهم رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، والقائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري.

كما تسعى إيطاليا لكسب دعم دول الجوار الليبي،حيث قام رئيس جوزيبي كونتي بزيارة إلى تونس والتقى الرئيس الباجي قائد السبسي،كما سيزور الإثنين، الجزائر حاملا دعوة إلى المسؤولين الجزائريين للمشاركة في مؤتمر باليرمو.وفي السياق ذاته استقبل اخيرا كونتي مبعوثا رفيعا من القاهرة للحصول على تأكيد من الجانب المصري، بحضور المؤتمر القادم.

ويأتي مؤتمر باليرمو بعد أشهر من اجتماع باريس، الذي عقد تحت رعاية الرئيس إيمانويل ماكرون في  نهاية أيار/مايو الماضي،وجمع الأطراف الأساسيين الأربعة في النزاع الليبي الذين تعهدوا بتنظيم انتخابات عامة في 10 كانون الأول/ديسمبر 2018.ويتوقع الكثير من المراقبين أن يتم خلال المؤتمر القادم إعلان تأجيل الانتخابات الليبية، وهو ما ألمحت له روما في أكثر من مناسبة.