في الوقت الذي أعلن فيه المبعوث الأممي الى ليبيا غسان سلامة استقالته من منصبه وهو ما يعني تجميد المحادثات السلمية بين الأطراف الليبية،بات الحديث عن التوجه نحو الحسم العسكري أكثر حضورا في المشهد الليبي خاصة في ظل التطورات الميدانية التي تشهد تصعيدا متواصلا ومؤشرات واضحة لجولات صراع جديد قد تكون حاسمة في قادم الأيام.

ومازالت الأوضاع في طرابلس تشهد توترا كبيرا مع استمرار الاشتباكات المتقطعة منذ أيام وسط عمليات تحشيد بالرغم من الهدنة المعلنة منذ يناير الماضي.ويواصل الجيش الوطني الليبي محاولاته لاستنزاف قدرات القوات الموالية لحكومة الوفاق وحلفائها من المرتزقة الذين أرسلتهم تركيا الى الأراضي الليبية للمشاركة في القتال ضد القوات المسلحة الليبية.




وتمكنت قوات الجيش الوطني الليبي من إلحاق خسائر كبيرة في صفوف قوات الوفاق والمرتزقة السوريين، حيث أكد اللواء أحمد المسماري المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي مقتل 35 إرهابيا سوريا من مرتزقة أردوغان في جبهة صلاح الدين بالعاصمة الليبية، بخلاف سقوط عدد كبير من الجرحى،واسقاط عدد من الطائرات التركية المسيرة.

 وأشار المسماري في مؤتمر صحفي مساء الأربعاء إلى أن مجموعات متطرفة مكونة من عناصر أجنبية حاولت القيام بعمليات مسلحة ضد تمركزات الجيش في طرابلس وتم إجهاض هذه المحاولات قبل أن تحدث وذلك في مناطق الهيرة وسوق الخميس.وأوضح بأن وحدات الجيش في محاور طرابلس استطاعت خلال اليومين الماضيين تدمير بطاريات مدفعية تابعة للمليشيات والمرتزقة كانت تستهدف المدنيين وقوات الجيش في ضواحي طرابلس.

وحذر المسماري،من إن المليشيات تجهز لهجوم كبير على قوات الجيش في طرابلس،مشيرا إلى أن هناك تحشيدات كبيرة لقوات الوفاق في منطقة الهيرة والعزيزية.وتابع "الساعات القادمة ستكون ساخنة جدا في جميع قطاعات العمليات العسكرية في المنطقة الغربية"، مؤكداً التزام الجيش الليبي بالهدنة مع الاحتفاظ بحقه في الرد القاسي على محاولات استغلالها ضده.





واستعرض المسماري خلال مؤتمره عدة مكالمات بين عناصر متطرفة وعناصر المليشيات، تم اعتراضها من قبل الوحدات الإلكترونية للجيش الليبي تتحدث عن أعداد القتلى ووضع المرتزقة والعناصر المسلحة في طرابلس، كما بيَّنت إحدى هذه المكالمات وصول القيادي في تنظيم القاعدة المصري محمد ناجي الملقب بأبي اليقظان؛ حيث تم تهريبه من سوريا إلى تركيا ثم طرابلس.

وتعرضت القوات التركية والمرتزقة الموالين لأنقرة إلى خسائر مدوية بشكل مستمر أمام قوات الجيش الوطني الليبي،إثر المعارك الضارية بالقرب من طرابلس.وكشف الجيش الوطني الليبي عن تحرك عسكري تركي باتجاه مصراتة الواقعة بغرب البلاد،وقالت شعبة الإعلام الحربي،أن عدداً من الضباط أتراك الجنسية والذين تم استهداف مواقعهم في وقتٍ سابق من قبل الجيش الليبي ؛ يتحركون باتجاه مدينة مصراته، بحسب عمليات الرصد والتحري والمتابعة داخل قاعدة معيتيقة العسكرية.

ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مسؤول عسكري بارز بالجيش الوطني مشترطاً عدم تعريفه،قوله إن العسكريين الأتراك الموجودين منذ فترة في طرابلس لإدارة الشق العسكري من قاعدة معيتيقة الجوية، لصالح الميليشيات الموالية لحكومة السراج، بدأوا فعليا في نقل جانب كبير من عملهم إلى مصراتة الموالية لحكومة السراج.

وأرجع المسؤول العسكري هذا التحرك التركي الجديد إلى ما وصفه بـ"الخسائر البشرية والمادية الفادحة، التي تعرض لها الوجود العسكري التركي في طرابلس مؤخرا على أيدي قوات الجيش الوطني الليبي"، وقال بهذا الخصوص:"هذا يعني أن الأتراك في طريقهم لخسارة وجودهم بقاعدة معيتيقة".

وانخرطت تركيا في الصراع الليبي منذ سنوات،ولكن معركة طرابلس التي انطلقت في الرابع من ابريل/نيسان الماضي كشفت بوضوح حقيقة الدور المشبوه الذي تلعبه أنقرة في دعم المليشيات،حيث تدفق الآلاف من المرتزقة الموالين لأنقرة الى الأراضي الليبية منذ نهاية ديسمبر الماضي وفق تقارير اعلامية.

ويأتي جلب المرتزقة بالتواطئ مع حكومة الوفاق التي تتكفل بتمويلهم في وقت يعيش فيه المواطن الليبي أوضاعا اقتصادية صعبة.وكانت صحيفة الغارديان البريطانية نشرت تقريرا يؤكد توقيع مقاتلين سوريين لعقود من أجل القتال في طرابلس مقابل مرتبات تصل إلى حوالي 2000 دولار شهريا تدفعها حكومة الوفاق.

ويزيد التدخل التركي السافر في ليبيا من تأجيج الصراع بين الفرقاء وهو ما سيكون له تأثيرات مخيفة على البلاد والمنطقة ككل.وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري،أن ليبيا الشقيقة والجارة، التي ترتبط مع مصر بعلاقات تاريخية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والإنسانية، والتي يتأثر الأمن القومي المصري بتطورات الوضع فيها بشكل مباشر، تصاعدت الأزمة بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية، نظراً للتدخلات التركية المعلنة والهدامة.




وأوضح شكري في اجتماع الدورة العادية (153) لمجلس جامعة الدول، على المستوى الوزاري، الأربعاء،أن التدخلات التركية وصلت إلى حد التدخل العسكري المباشر في ليبيا، ونقل آلاف المقاتلين الإرهابيين الأجانب إليها، وتوقيع اتفاقيات غير شرعية تنتهك الحقوق القانونية لدول شرق المتوسط، ضاربة بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة عرض الحائط، ومنتهكةً مبادئ القانون الدولي.

وبين وزير الخارجية المصري، أن ما تقدم، قد تسبب في عرقلة كافة الجهود الحثيثة المبذولة لتسوية الأزمة الليبية سلمياً، وفي انتكاسة قوية لجهود مكافحة الإرهاب في ليبيا، بما لا يهدد الأمن الإقليمي فحسب، بل الأمن الدولي ككل، وفق بيان نُشر عبر الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية على موقع التواصل فيس بوك.

وكشفت استقالة المبعوث الأممي غسان سلامة عن فشل جديد للبعثة الأممية في إيجاد تسوية سياسية تنهي النزاع الدائر في البلد.وسعى المبعوث الأممي لإطلاق ثلاثة مسارات عسكرية واقتصادية وسياسية لطرفي الصراع في ليبيا بموجب مخرجات مؤتمر برلين الذي عقد في التاسع عشر من شهر يناير الماضي، ولكنّ عقد اجتماع للمسار العسكري في جنيف، الشهر الماضي، لم يتمخض عن نتائج ملموسة.

واصطدمت جهود البعثة الأممية باتساع نطاق التدخلات التركية التي عمقت الانقسامات وزادت من التوتر بين الأطراف المتصارعة،كما سعت تركيا لتحريض حكومة الوفاق على رفض الحوار والتمسك بخيار التصعيد وخرق الهدنة، الأمر الذي قاد إلى انهيار المفاوضات الأممية الأخيرة ونسف جهود السلام.

وتشير التطورات المتسارعة الى مدى ارتهان حكومة الوفاق للمليشيات المسلحة والأجندات التركية التي تمثل عائقا أمام الوصول الى تسوية في البلاد.ويصر الجيش الوطني الليبي على انهاء الفوضى الأمنية في العاصمة الليبية واستعادة مؤسسات الدولة الخاضعة لسطوة المليشيات بما يضمن انجاح أي مسار سلمي في المستقبل. 





وكان القائد العام للجيش الوطني الليبي،خليفة حفتر،اكد على دور القيادة العامة في القضاء على المليشيات والجماعات الإرهابية، وأهمية الاستقرار في ليبيا لدول المنطقة،قائلا إن "كل الحلول التي طُرحت لحل الأزمة الليبية لن تتحقق إلاّ بعد القضاء على الميليشيات الإرهابية التي لم تحترم تعهداتها بوقف إطلاق النار، وتقصف حالياً المقرات المدنية داخل الأحياء السكنية في العاصمة طرابلس".

وجاء ذلك خلال استقباله وفداً ضم مستشارين وسفراء دول فرنسا وإيطاليا وألمانيا في مقر القيادة العامة في بنغازي، لبحث آخر التطورات السياسية والعسكرية في ليبيا.وشدّد حفتر خلال اللقاء، بحسب المكتب الإعلامي لقيادة الجيش، على "أحقية القوات المسلحة في استمرار سعيها لتحرير كامل التراب الليبي، وذلك وفاء لمشوار تضحيات أبنائها".

وكانت القبائل والنخب الليبية،خولت في بيانها الختامي للقائها بترهونة،منذ أسبوعبن،القوات المسلحة بالبدء بسرعة حسم المعركة والقضاء على المليشيات، مع التأكيد على مقاومة كافة أشكال الغزو الخارجي وفي مقدمتها الغزو التركي. وشدد المجتمعون على عدم قبول أي حوار أو هدنة قبل خروج كافة الإرهابيين والمرتزقة من ليبيا، ورفع قضايا دولية ضد الدول التي صنعت الفوضى وعدم الاستقرار في ليبيا وعلى رأسها قطر وتركيا.