شهدت مدينة درنة،منذ مايو/أيار 2018،معركة عسكرية،تتالت فيها إنتصارات الجيش الوطني الليبي،وإنتهت بإعلان التحرير،الذي فتح الباب أمام عودة الحياة الطبيعية للسكان، في أعقاب طرد المجموعات الإرهابية ودك معاقلها في أغلب مناطق المدينة الساحلية الواقعة شرقي البلاد.

وعلى الرغم من ذلك،مازالت مدينة درنة الليبية،تتصدر الأحداث حيث تتواصل العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية التي كانت تسيطر عليها منذ نحو ست سنوات مستغلة الفوضي العارمة والانفلات الامني، لتجعل منها قاعدة لأنشطتها الإرهابية في ليبيا والمنطقة ككل.

وتواصل القوات الليبية التي تم الدفع بها نهاية يوليو (تموز) الماضي،تعقب العناصر الإرهابية في آخر جيوبها حيث باتت محاصرة.وقال العميد أحمد المسمارى، المتحدث باسم الجيش الليبي: إن القوات الليبية جاهزة للقضاء على جيوب التنظيمات الإرهابية بمدينة درنة خلال أيام، مؤكدا احترام الحريات العامة والخاصة في ظل القانون الليبي.

وأوضح المسماري خلال مؤتمر صحفى،أن القيادة العامة للقوات المسلحة تتطلع لفرض الاستقرار والأمن بأنحاء الأراضي الليبية، مشيرا إلى أن الجيش الليبي لا يقاتل من أجل الوصول إلى طرابلس أو طبرق بل من أجل الاستقرار للشعب، وأن قوات المسلحة الليبية لا تلتفت للمهاترات في بعض وسائل الإعلام الأجنبية.

وشهدت الأشهر الماضية،سقوط العديد من قيادات وعناصر الجماعات التكفيرية التي شكلت خلال السنوات الماضية تهديدا كبيرا من خلال أنشطتها الإرهابية التي طالت ليبيا وجوارها.ومن أبرز القيادات الإرهابية التي سقطت،الإرهابي المصري هشام عشماوي،أحد أخطر قيادات الجماعات الإرهابية الذي مثل سقوطه،بحسب المراقبين ضربة قوية للإرهاب العابر للحدود.

وبالتزامن مع العمليات العسكرية للجيش الليبي،تتواصل الجهود لتأمين مدينة درنة،حيث أكد مسؤول التغطية الإعلامية بمجموعة عمليات عمر المختار عبد الكريم صبره أن وزير الداخلية بالحكومة المؤقتة إبراهيم بوشناف كلف العقيد صلاح الهويدي بترؤس قوة امنية مجهزة بـ 200 سيارة لحفظ الأمن في درنة بالتعاون مع غرفة عمليات الكرامة الرئيسة والغرفة الأمنية المشتركة بالمدينة.

وكان هويدي، الذي يوصف بأنه رجل أمن بنغازي القوي، اعتذر بعد قرار إقالته من منصبه كمدير لأمن بنغازي، عن الالتحاق بمديرية أمن قمينص وسلوق، التي عينه وزير الداخلية مديرًا لها، لكن تدخلات من قيادات عسكرية وأمنية حدت به للقبول بمنصب مدير البحث الجنائي في بنغازي، ومن ثم في المنطقة الشرقية.

وأوضح صبره في تصريح لبوابة إفريقيا الإخبارية أن القوات الأمنية تنتشر في تمركزات بمختلف مداخل ومخارج المدينة مبينا انه بين الحين والأخر تندلع اشتباكات مسلحة بين قوات الجيش وبقايا الجماعات المتطرفة المتحصنة في المدينة القديمة لافتا إلى نجاح الجيش في تصفية 5 عناصر متطرفة خلال اليومين الماضيين.

وأشار صبره إلى تواصل حظر التجوال الذي أعلنته الغرفة الأمنية العليا درنة في عدد من الشوارع القريبة من حيي المدينة القديمة والفنار حيث تتحصن خلايا نائمة.مشيرا إلى إن حظر التجوال الذي دخل أسبوعه الثاني يمتد من الساعة الثامنة مساء وحتى الثامنة صباحا ويشمل شارع فنار، شارع حشيشة، وشارع الحبس، شارع الجيش، منطقة شيحة الشرقية، منطقة القلعة بجانب المغار موضحا انه لم يتم تحديد سقف زمني لانتهاء حظر التجوال.

وكانت وزارة الداخلية بالحكومة الموقتة،أعلنت منتصف ديسمبر الماضي، عن وضع خطة بالاشتراك مع قوات الجيش لـ"تأمين مدينة درنة ومحيطها بعد تحريرها من قبضة الجماعات الإرهابية.

وقالت الوزارة في بيان على صفحتها الرسمية بموقع التواصل "فيسبوك"، أن الخطة تؤديها قوة أمنية مجهزة بتسعين سيارة مجهزة تابعة للأمن المركزي والبحث الجنائي، بالإضافة إلى سيارات مديرية أمن درنة – الهلال، مشيرة إلى أن هذه الأجهزة الأمنية ستعمل تحت إشراف غرفة العمليات الرئيسية بالتعاون مع الجيش.

وتسعى السلطات في شرق البلاد لإعادة الأمن وفرض القانون في المدينة بعد سنوات من الفوضى.وهو ما أكده وزير الداخلية بالحكومة الليبية المؤقتة المستشار إبراهيم بوشناف،خلال زيارة وجولة تفقدية،على رأس وفد حكومي، إلى مدينة درنة للإطلاع على أوضاعها وتقييم الأضرار الناجمة عن الحرب مع الجماعات الإرهابية التي كانت متحصنة فى المدينة.

وأكد وزير الداخلية حينها على "أهمية إحلال القانون داخل هذه المدينة، بعد أن عادت إلى أحضان الوطن من قبضة الجماعات الإرهابية وضرورة فرض الأمن والمجاهرة به داخل المدينة، ومنع أي خروقات أو تجاوزات تحدث خلال الفترة المقبلة".

وتعتبر مدينة درنة الواقعة في الشرق الليبي،من أجمل المناطق السياحية في ليبيا بسبب المناظر الخلابة التي تتمتع بها وشلالات المياه التي تزينها، وكانت وجهة مفضلة للسائحين بسبب المراكز الترفيهية والسياحية التي تزخر بها.وقد لقبها أهاليها بـ"درة المتوسط"،قبل أن تقع في فخ التنظيمات الارهابية التى إستغلت حالتي الفراغ السياسي والأمني لتجعل من المدينة مركزا رئيسيا لتجميع وتدريب العشرات من الإرهابيين الذين شكلوا تهديدا أمنيا في ليبيا والمنطقة بصفة عامة.