في الوقت الذي يواصل فيه الجيش الوطني الليبي معاركه ضد بقايا الجماعات الإرهابية في مدينة درنة،تحركت العناصر الإرهابية لتفتح جبهة قتال جديدة بعد شنها هجوما مباغتا على مركز للشرطة في بلدة تازربو النائية بجنوب شرق ليبيا،في مؤشر جديد على تواصل الخطر الإرهابي الذي يتهدد الأراضي الليبية.

وتقع بلدية تازربو وهي عبارة عن واحة صغيرة في الصحراء جنوب شرق ليبيا، وتعد واحدة من أهم مصادر المياه الجوفية التي تزود بها مدن غرب ووسط ليبيا عبرمنظومة النهر الصناعي.وأسفر الهجوم الإرهابي عن سقوط عدد من القتلى والجرحى فضلاً عن خطف آخرين وفق تقاريرإعلامية. 

تعزيزات تازربو

ودفع هذا الهجوم لإعلان حالة الإستنفار،وقال مكتب الإعلام منطقة الخليج العسكرية التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية،أنه تم رفع حالة الاستنفار في مدينة الكفرة وخروج قوة لتعقب عناصر التنظيم الذين انسحبوا بعد الهجوم.فيما أعلنت منطقة الكفرة العسكرية أنها دفعت بقوات كبيرة تجاه منطقة تـازربـو.

من جهته،قال الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي العميد أحمد المسماري،أن قوات الجيش بدأت ترتيبات أمنية بعدد من المناطق الحدودية ، وقامت بتأمين الحقول النفطية في تلك المناطق ، بحيث تم تأمين ثلاثة أرباع الصحراء ، وبإمكانات عالية.وشدد المسماري على أن قوات الجيش أصدرت الأوامر لآمر المنطقة العسكرية بالكفرة واجدابيا لتقديم كل الدعم لمنطقة تازربو ، وقد تم تحديد وجهة انسحاب الإرهابيين ، حيث استعد آمر منطقة الكفرة بقواته لمواجهتهم.

يأتي ذلك فيما ناشد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح الجهات المسؤولة العسكرية والأمنية  بالقبض على الذين قاموا بهذا العمل الإرهابي وتقديمهم للعدالة، وتوقيع العقوبات اللازمة عليهم.وطالب صالح كل مكونات الشعب بالتعاون مع الجيش والأجهزة الأمنية وتوحيد جهودهم  لمحاربة الإرهاب والخارجين عن القانون في كل أنحاء البلاد.

وأكد عضو المجلس البلدي الكفرة، مفتاح خليل، أن "الدوريات التابعة للقوات المسلحة الليبية، والمشكّلة من كتيبتي سبل السلام و 602 مشاه التابعتان لمنطقه الكفرة العسكرية، رفقة الكتيبة 152 مشاه وشباب منطقة تازربو، قد قاموا ظهر اليوم السبت، بالإشتباك مع بقايا فلول تنظيم داعش الإرهابي عند بوابة وادي الحطب بمدخل جبل الهاروج".وأشار مفتاح خليل، في اتصال مع " بوابة افريقا الاخبارية "، ان " القوات المسلحة الليبية، تمكنت من تدمير عدد من الآليات و قتل 6 أفراد من تنظيم داعش الإرهابي".

وهذا الهجوم هو الثاني في أقلّ من شهر ضد قوّات الجيش الليبي، بعد هجوم أوّل تبنّاه تنظيم الدولة الإسلامية وأدّى إلى مقتل خمسة أشخاص على الأقلّ في 29 أكتوبر في منطقة الجفرة (وسط).

وشن تنظيم الدولة الإسلامية هجمات متعددة على بلدات في جنوب ليبيا منذ انسحابه إلى الصحراء بعد خسارته في عام 2016 مدينة سرت الساحلية معقله الرئيسي، وطرده من بنغازي ودرنة والنوفلية (شرق) وصبراتة (غرب).وتشير هذه الهجمات إلى مساعي التنظيم للعودة من جديد وتجاوز هزائمه.

خلايا درنة

وفي غضون ذلك،لا تزال المعارك مستمرة في محور وسط البلاد آخر معاقل الجماعات الإرهابية في مدينة درنة، حيث تمكنت الوحدات العسكرية هناك من القضاء على أحد العناصر الإرهابية بالمدينة "اللواج سالم اللواج إسماعيل" الشهير (لويجه)،الخميس، خلال المواجهات الأخيرة.يشار إلى أن "لويجه" من مواليد 1998 ومن سكان منطقة ذيل الوادي في مدينة درنة.

وشهد المحور منذ أيام اندلاع اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل 3 جنود من صفوف الجيش الوطني، وإصابة آخرين.وداهمت قوات الجيش الوطني عدداً من المنازل التي يُشتبه باحتماء عناصر إرهابية داخلها، ضمن عملية أطلقها الجيش للقبض على بقايا الخلايا النائمة بالمدينة.

وأكد الجيش حرصه على عدم الإسراع في القضاء على هذه الجماعات الإرهابية خوفا من وقوع ضحايا في صفوف المدنيين داخل المدينة.

وتقود القوات المسلحة الليبية عمليات أمنية ضد فلول الجماعات المتطرفة في آخر جيوبها في درنة قصد تطهيرها بشكل كامل.وشهدت الفترة الأخيرة،سقوط العديد من قيادات وعناصر الجماعات التكفيرية التي شكلت خلال السنوات الماضية تهديدا كبيرا من خلال أنشطتها الإرهابية التي طالت ليبيا وجوارها.

ومثل القبض على الإرهابي المصري هشام عشماوي،أحد أخطر قيادات الجماعات الإرهابية في مصر،في 08 أكتوبر 2018، خلال عملية أمنية في مدينة درنة،ضربة قوية للإرهاب العابر للحدود، وخصوصًا أن الرجل يمثل كنزا كبيرا من المعلومات كونه الصندوق الأسود للتنظيمات والجماعات المتطرفة فى ليبيا.

وعانت درنة الساحلية الواقعة على بعد نحو 380 كيلومترا شرقي بنغازي،طيلة السنوات الماضية من سيطرة الجماعات الإرهابية التي جعلت من المدينة مركزا لتجمع عناصرها وشن هجمات في المدن الليبية وفي دول الجوار.وبعد تحريرها،بدأت الحياة بالعودة تدريجيا إلى المدينة،فالجيش قام مؤخرا بتسليم المقرات الحكومية بما فيها السجل المدني والمدارس والمؤسسات إلى الجهات المعنية فضلا عن إيصال المياه وإنارة العديد من الأحياء التي شهدت معارك شرسة خلال الفترة الماضية.

إستطاعت التنظيمات الارهابية التوغل في المشهد الليبي طيلة السنوات الماضية مستغلة في ذلك تردي الوضع الأمني والفوضى المتفشية وإنتشار الأسلحة التي كرسها الانقسام الحاصل بين مختلف الأطراف الليبية والذي جعل البلاد مرتعا خصبا لنمو هذه الجماعات ومركز استقطاب للعناصر الارهابية من كل حدب وصوب.

وبالرغم من أن مخططات هذه التنظيمات تعرضت لانتكاسات كبيرة بعد فقدانها لابرز معاقلها خاصة في سرت وبنغازي،اضافة الى سقوط أبرز قياداتها بين قتيل واسير،فإن خطرها مازال يتهدد الساحة الليبية التي مازالت تتسم بالفوضوية وغياب سلطة الدولة الموحدة.