في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أجرى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية،فايز السراج، تعديلًا حكوميًا، شمل 3 أسماء لتولي حقائب وزارية حساسة، ترتبط بشكل مباشر بالأزمة الاقتصادية في البلاد، وتردي الأوضاع الأمنية بطرابلس بشكل خاص،وذلك في إطار الإصلاحات الاقتصادية والترتيبات الأمنية التي تنفذها حكومة الوفاق بدعم من بعثة الأمم المتحدة.
وبالرغم من التفاؤل الذي رافق تنفيذ الترتيبات الأمنية الجديدة في العاصمة طرابلس والسير قدما في الإصلاحات الاقتصادية،فإن التطورات على الأرض مازالت تشير إلى حجم الصعوبات التي تواجهها الحكومة التي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة.
إستقالة
إلى ذلك،أعلن وزير المالية بحكومة الوفاق الليبية،فرج بومطاري، الثلاثاء 18 ديسمبر، استقالته من منصبه، بسبب وجود عراقيل تحول دون أداء مهامه وتطبيق برنامج وزارته، وذلك بعد شهرين فقط من تعيينه.
وتحدث بومطاري في مطلب الاستقالة الذي تقدم به لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، عن "عدم وجود البيئة المهنية لإعداد سياسة مالية قوية وجادة في ظل غياب سياسة نقدية واضحة للدولة".
وأوضح في هذا السياق، أن "الكثير من العراقيل حالت بين الوزارة وبين دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي، تمثّلت في تغييب الوزارة في الكثير من الأحيان بالأخص عند اتخاذ القرارات ذات التأثير المباشر بالسياسة المالية، إلى جانب غياب روح الفريق بين مؤسسات الدولة، وعمل مصرف ليبيا المركزي ضد وزارة المالية بخلق معوقات والقفز على اختصاصات الأدوات التنفيذية".
وكان السراج قد استبدل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي الوزراء الأساسيين الثلاثة في حكومته، أي المالية والداخلية والاقتصاد، وذلك في محاولة لتجاوز الأزمة الأمنية والاقتصادية لبلاده؛ حيث عُين بومطاري وزيراً للمالية، بدلاً من سلفه السابق أسامة حمد.
وتأتي استقالة بومطاري في وقت حسّاس، تسعى فيه حكومة الوفاق إلى تطبيق برنامج الإصلاحات الاقتصادية الذي تعهدّت به وإيجاد حلول مناسبة للتحديات التي تواجه الملف الاقتصادي، وتعزيز الشفافية المالية.
ويتضمن برنامج الإصلاحات الاقتصادية، معالجة سعر صرف الدينار، والدعم على المحروقات، وزيادة مخصصات الأسر السنوية من الصرف الأجنبي، وغيرها من الإجراءات التي تستهدف معالجة الأزمة الاقتصادية واستعادة التوازن المالي.
ورغم الحديث عن نجاح البرامج الاقتصادية التي تبنتها حكومة الوفاق في العاصمة طرابلس مؤخراً، فإن إستقالة فرج بومطاري من منصبه، وذلك بعد شهرين فقط على توليه مهام عمله،يشير بحسب المراقبين إلى حجم الصعوبات التي تواجهها الحكومة التي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة في البلاد.
كيان مسلح جديد
ومن جهة أخرى،مازالت الأوضاع الأمنية في العاصمة الليبية تلقي بظلالها خاصة مع تواصل وجود الميلشيات المسلحة رغم الحديث عن الترتيبات الأمنية التي أطلقتها حكومة الوفاق في وقت سابق.
ففي تطور جديد،أعلنت عدة مليشيات تدعي تبعيتها لحكومة الوفاق في طرابلس الثلاثاء، عن اتحادها في قوة مسلحة جديدة.وجاء ذلك في اجتماع ضم القوة الثامنة النواصي بقيادة مصطفى قدور وكتيبة ثوار طرابلس بقيادة هيثم التاجوري وكتيبة باب تاجوراء بقيادة الأزهري فنان وقوة الردع المشتركة أبو سليم بقيادة عبد الغني الككلي المشهور بـ"غنيوة".
وأصدر المجتمعون بيانا مشتركا للإعلان عن ظهور كيان مسلح جديد تحت مسمى "قوة حماية طرابلس"، مضيفين أن هذه القوة ستكون تحت إشراف حكومة الوفاق الوطني دون الكشف عن آلية هذا الإشراف.وأوضح البيان أن هدف القوة الجديدة الحفاظ على أمن العاصمة طرابلس وحماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم.
كما أكد البيان أن القوة الجديدة ستوفر الحماية للبعثات الدبلوماسية عن طريق تذليل الصعاب أمام الأمن الدبلوماسي،ودعم مؤسسات الدولة المختصة بمكافحة الفساد الإداري والمالي والعمل على مساعدة الجهات القضائية في تقديم كل من يثبت تورطه في الفساد إلى العدالة.
ودعت كتائب طرابلس من وصفتهم بـ"أطراف النزاع" دون تسميتهم إلى ممارسة العمل السياسي بعيدًا عن عسكرة الرأي ، معربةً عن رفضها استخدام القوة للوصول إلى تحقيق مكاسب سياسية.وطالب البيان كافة القيادات والأشخاص الفاعلين في المجتمع الليبي بتحمل مسؤولياتهم والعمل على إنهاء الانقسام السياسي.
وتجاهل بيان توحيد الميليشيات المسلحة مطلب نزع السلاح من عناصرها ومصير قادتها في القوة الجديدة.وألقى الضوء من جديد حول مصير الترتيبات الأمنية التي من أهم أهدافها إرساء الأمن داخل العاصمة الليبية بقوات شرطة نظامية، وإنهاء دور الميليشيات المسلحة التي تسيطر على المدينة منذ سنوات.
ويشير مراقبون إلى أن إستمرار وجود المليشيات وإحتفاظها بسلاحها،يمثل إمكانية لتجدد الصراع حول النفوذ.وشهدت طرابلس خلال الفترة الماضية موجة اغتيالات غامضة استهدفت قادة مسلّحين من مختلف الميليشيات، ومسؤولين أمنيين.وتشابهت عمليات الاغتيال المتكررة في طريقة تنفيذها وعدم كشف السلطات الرسمية في العاصمة طرابلس، عن الجهة التي تقف وراءها،لكن البعض يرى أنها جزء من الحرب المستمرة بين المليشيات.