تناول الكاتب جوردن كليفورد، في مقال نشر على موقع "ورولد بوليسي" - الوضع الخطير في ليبيا، مشيرا إلى تغلغل عناصر الجماعات الإرهابية في ليبيا.
وأورد رسالة إلكترونية لأحد العناصر الإرهابية، تحت اسم أبو إبراهيم الليبي، نشرت على الإنترنت، يقول فيها "بفضل الله الذي أبقانا على قيد الحياة لرؤية فجر دولة الخلافة يعود... بارك الله ليبيا وبارك شباب المجاهدين الذين أجابوا دعوة الحق وبايعوا أبو بكر البغدادي".
ويؤكد الليبي، مرة أخرى، على أهمية ليبيا الاستراتيجية، التي تبعد 500 ميل فقط عن أوروبا وتتموقع في مفترق طرق لستة بلدان في شمال إفريقيا.
ويصف ليبيا بأنها بوابة لشن هجمات على أوروبا، ولكن على الرغم من أن العديد يتطلعون إلى أوروبا بقلق، هناك شيء غريب قليلا بشأن استراتيجية "الدولة الإسلامية" في ليبيا ووجهة النظر بخصوص إفريقيا.
استغلال الشبكات
وأوضح الكاتب أنه لطالما استغلت الشبكات الإجرامية التي ظهرت غداة الاستقلال، الواحات ومناجم الملح التي تصل من عوجيل وتمبكتو عبر الصحراء إلى طرابلس والقاهرة، للتجارة والهجرة.
وذكر أستاذ التاريخ الإفريقي بجامعة نيويورك، فريدريك كوبر، لموقع "وورلد بوليسي جورنال"، أن هذه الشبكات "تكيفت أكثر مع الإمكانيات الأخيرة المتاحة للتجارة القانونية وغير القانونية بما في ذلك الأسلحة والمخدرات".
ولاحظ أن السلع غير المشروعة تتحرك من خلال هذه القنوات، وتجني أموالا لا يمكن تصورها،
وتشير التقديرات إلى أن أرباح تجارة الكوكايين عبر الصحراء تصل إلى 1.25 مليار دولار سنويا، أما مجموع مبيعات السلاح فتبلغ 2 مليار دولار، والسجائر 1.5 مليار دولار.
وتقدر قيمة الحشيش والنفط والسيارات بأكثر من مئات المليارات، وعلى الرغم من أن الشبكات الإجرامية تعتبر الجهات الفاعلة الرئيسية، بدأت المنظمات الإرهابية باختراق تلك الشبكات، وقد ذكرت الحكومة في مالي أن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" يدعم ويحمي شبكات الاتجار الموروثة من عصابات أمريكا اللاتينية.
وأقر أعضاء "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي" بأنهم كانوا ينقلون الكوكايين من مالي إلى إسبانيا عبر شمال إفريقيا، لتصل إلى أوروبا والولايات المتحدة.
وبين أن هذه التجارة تدعم الجماعات الإجرامية وتعمل على تقويض الاستقرار في المنطقة، وأشار إلى أن قرب ما يعرف بتنظيم "الدولة الإسلامية" من هذه التجارة يعطيها "القدرة على استغلال هذه الأسواق"، حسب الدكتور كوبر.
تمويل إجرامي
وأبرز الكاتب أن تجربة وقدرة "الدولة الإسلامية" على العمل ضمن أطر مماثلة أمر مخيف، وقد أكد تقرير للكونغرس الأمريكي، أن "تجارة المخدرات غير المشروعة عبر غرب إفريقيا تترتب عنها آثار أمنية للولايات المتحدة، بما في ذلك تمويل منظمات إرهابية مثل "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي" و"حزب الله" و"القوات المسلحة الثورية الكولومبية".
كما تتسبب في الوقت نفسه في زعزعة استقرار البلدان ونشر فساد الحكومات في جميع أنحاء المنطقة"، وذكر أنه يجب أن تضاف "الدولة الإسلامية" إلى تلك القائمة، نظرا لكون تمويلها من هذه الدوائر يبدو وشيكا.
وفي معرض حديثه مع "وورلد بوليسي جورنال"، أكد رئيس مجموعة أركين والمسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية، جاك ديفاين، أن "الدولة الإسلامية" "تعزز من رقابتها المالية في المناطق التي سيطرت عليها، لذلك من غير المستبعد أن تلجأ المجموعة إلى الابتزاز، والحماية مدفوعة الأجر وأخذ نسبة من أرباح تجارة السلع".
ولاحظ أن وزارة المالية الأمريكية تكافح للحد من التمويل الذي يصل إلى "الدولة الإسلامية"، من خلال استهداف أولئك الذين يتاجرون معها، ومع ذلك تبقى الجهود الرامية إلى التكيف مع التحديات الجديدة التي تطرحها "الدولة الإسلامية"، مرهقة.
وأكد الكاتب أن التعامل مع الفساد يعد خطوة في الاتجاه الأول، ولكنه مجرد غيض من فيض، حيث يعتمد مستقبل مكافحة الإرهاب على التعاون لتفكيك شبكات الاتجار في جميع أنحاء أفريقيا، وهو ليس مشكلة واشنطن وحدها، لذلك يجب إقامة "حزام أمني" إفريقي يمتد من موريتانيا إلى السودان بهدف التعاون في مجال مكافحة هذه الشبكات.