بعد مرور خمس سنوات من "التخطيط البريطاني السيء" للتخلص من العقيد معمر القذافي، يقول الناس العاديون في ليبيا إن الحياة كانت أفضل في ظل الطاغية وأن البلاد لم تكن تحت الفوضى والتهديد الذي تعرفه اليوم مع وجود داعش.

بعدما شلتهم انقطاعات الكهرباء والزيادات بمقدار خمسة أضعاف في أسعار المواد الغذائية، وعدم استلام رواتبهم لشهور ومعاناتهم من تهديد الإرهاب، يقول الآن الليبيون الذين حملوا السلاح ضد القذافي إن نوعية حياتهم كانت أفضل في ظل الديكتاتور المهاب.

وهم يذكرون أن إعدامه أدى إلى فراغ في السلطة وخلق "ستة ملايين قذافي صغير" وأنه لم يعودوا يشعرون بالأمان بعد حلول الظلام.

وسط حالة من الفوضى وانعدام الأمن، يعبر 8000 من المهاجرين الأفارقة يوميا الحدود إلى ليبيا ويعيشون على طول سواحلها بانتظار عبور البحر المتوسط إلى أوروبا.

"كنت من أوائل المنضمين إلى الثورة في الأيام الأولى، وحاربت القذافي،" يقول مقاتل سابق ، يدعى محمد (31 عاما) لـ MailOnline، وهو من مدينة مرزق: 'قبل 2011 كرهت القذافي أكثر من أي شخص آخر. ولكن الآن، الحياة هي أصعب بكثير، ولقد أصبحت من أكبر المعجبين به".

أما محمود ، سائق سيارة أجرة ، فيقول : "في ما قبل ، كانت ليبيا أفضل بكثير."

وقال هارون وهو عامل نفطي (41 عاما): "التخلص من القذافي كان خطأ واضحا لأننا لم نكن مستعدين للديمقراطية، ونحن بحاجة إلى دعم من المجتمع الدولي، الذي كان ببساطة غائبا."

ويعلن من جهته الناشط فضيل: "كان ينبغي أن يكون الحاضر أفضل من وقت القذافي ، ولكن، بسبب الفوضى وتقاتل الجميع، هو مجرد فوضى." تعليقات هؤلاء تشكل صدى لخلاصات سياسيين بريطانيين نافذين أدانوا سياسة رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون في ليبيا ووصفوها بـ "الفوضى".

وفي حكم مدمر، هاجمت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم هذا الأسبوع قرار رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون في التسرع إلى الحرب – قائلة إن التدخل جاء على أساس "افتراضات خاطئة".

الليبيون يؤكدون اليوم لـ MailOnline النتائج التي توصل إليها السياسيون البريطانيون من خلال الحديث عما سموها معاركهم اليومية من أجل البقاء.

فالناس العاديون يواجهون الآن انقطاع الكهرباء يوميا لمدة تصل إلى تسع ساعات، ويعانون من أزمة سيولة خطيرة ، تمنعهم من الوصول إلى رواتبهم فضلا عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ونقص الإمدادات الطبية.

ودفع الفساد المنتشر على نطاق واسع أيضا معدلات العملة الأجنبية في السوق السوداء إلى ثلاثة أضعاف مقابل الدينار الليبي المتهاوي على نحو متزايد.

يقول نوري ، وهو رجل أعمال من طرابلس (34 عاما): "لا يتعلق الأمر هنا بموالاة القذافي بقدر ما نحن بصدد الحديث عن حياة صعبة للغاية الآن مقارنة بما كانت عليه تحت حكم القذافي".

إن الوضع السيء دفع بعض الليبيين، الذين كانوا في وقت سابق بين أغنى الناس في العالم العربي، إلى التفكير في الفرار من البلاد على متن قوارب للمهاجرين لبدء حياة جديدة في أوروبا.

يقول سالم من طرابلس، وهو طالب طب في 26: "كنا نعتقد أن الأمور ستكون أفضل بعد الثورة، لكنها لا تزداد إلى سوءا على سوء".

"الناس الذين قُتلوا منذ عام 2011 أكثر بكثير من الذين قُتلوا خلال الثورة أو تحت 42 عاما مجتمعة من حكم القذافي. لم تكن لدينا هذه المشاكل تحت القذافي.

كان هناك دائما المال والكهرباء ، على الرغم من أن الناس لم تكن لديهم رواتب كبيرة، كان كل شيء رخيصا، لذلك كانت الحياة بسيطة. بعض من أصدقائي ركبوا البحر مع المهاجرين إلى أوروبا لأنهم يشعرون أنه ليس هناك مستقبل لهم هنا".

"أود الهروب من هذه الفوضى والدراسة في الخارج ، ولكن انتظرت سنة للحصول على جواز سفر جديد ، وسوف يكون من الصعب الحصول على تأشيرة دخول لأن جميع السفارات غادرت في عام 2014. حتى الآن أشعر وكأنني سجين في بلدي. ولقد بدأت أكره بلدي".

أما سارة ، وهي ربة منزل بريطانية، انتقلت الى ليبيا مع زوجها الليبي قبل 20 عاما، فتقول إن الخروج ليلا لم يعد آمنا. وتتابع سارة البالغة 50 عاما لـ MailOnline :"كنت في السابق أذهب إلى البيت وحدي في منتصف الليل دون خوف. ولكن الآن ، لا أقدر على الخروج إلى الشارع وحدي بعد حلول الظلام. أنا لا أشعر بالأمان."

وفضلا عن انعدام الأمن ، تحلل نسيج المجتمع الليبي بمدن وبلدات وقبائل انكفأت على نفسها. يقول تبو محمد لـ MailOnline: ""ماتت ليبيا مع القذافي، نحن لسنا دولة بعد الآن، أصبح لدينا فقط مجموعة من القبائل والبلدات والمدن المتحاربة.

"فيما قبل ، كان هناك فقط قذافي واحد ولكن الآن لدينا ستة ملايين قذافي ."

الحكومات المتعاقبة والبرلمانات والزعماء في مرحلة ما بعد الثورة فشلوا في توفير أبسط الشروط الأمنية لليبيين العاديين ، ناهيك عن معالجة انشغالاتهم اليومية.

"لقد كانت لدينا سبع حكومات منذ عام 2011 ، وماذا حققت؟ يتساءل محمود. "الشيء الوحيد الذي يمكن أن تراه هو صناديق القمامة الجديدة لأن إحدى الحكومات المبكرة قامت بتثبيت هذه الصناديق الكبيرة في طرابلس. ما زلنا نشير لها ونضحك بالقول إنه الإنجاز الوحيد للثورة ".

مع وجود حكومتين متنافستين، واحدة منتخبة ديمقراطيا تعمل الآن خارج ولايتها في شرق ليبيا، وحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، يقول البعض إن ليبيا بالفعل على وشك التقسيم. ويقول عبد السلام ، وهو دبلوماسي ليبي سابق: "إن البلاد منقسمة بالفعل. لدينا حكومتان، وبرلمانان ومصرفان مركزيان ومؤسستان للنفط ".

"ما يسمى الثورة كانت أكاذيب، كلها أكاذيب. نحن الليبيون لا نعرف حتى ما تعنيه كلمة الثورة. كنا محميين تحت القذافي لمدة 42 سنة. لم تكن ثورة ليبيا، كان ثورة الناتو لأنهم أرادوا التخلص من القذافي ".

اندلعت أحداث شغب في البنوك عندما اضطر الناس للوقوف في طوابير لساعات في حرارة خانقة لسحب كمية محدودة من المال - وهو ما يعادل 219 جنيه استرليني أو 290 دولار - بسبب النقص الحاد في السيولة.

لم تعمل العديد من أجهزة الصراف الآلي لعدة أشهر. قتل حراس الأمن ثلاثة أشخاص في طابور للبنك في مايو من هذا العام.

ورفضت البنوك إصدار خطابات الاعتماد للاستيراد بعد أن صنفت شركات التأمين ليبيا كمنطقة حرب، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وقطع المعونات الغذائية. وبعد أن تحطمت أحلامهم في الرخاء في مرحلة ما بعد القذافي، يقول معظم الناس الآن إنهم يريدون السلام فقط.

وقال أحدهم : "لا أستطيع أن أرى كيف سيكون هناك سلام في هذا البلد لمدة عشر سنوات أخرى، ولكن السلام والاستقرار هو كل ما يريده الليبيون العاديون".