بعد خمس سنوات على الانتفاضة التي قتلت معمر القذافي، لا يخفي سكان طرابلس عاصمة البلاد التي عبثت بها الفوضى أنهم باتوا يفتقدون لفترة النظام السابق مع تنامي إحباطات الحياة اليومية.

أولئك الذين يعيشون في العاصمة يقولون إنهم أُنهِكوا بسبب كثرة انقطاعات التيار الكهربائي، وارتفاع الأسعار ونقص السيولة النقدية فيما تتنافس السلطات والميليشيات المتناحرة للسيطرة على البلاد المجزأة الغنية بالنفط. "أكره أن أقول ذلك، ولكن حياتنا كانت أفضل في ظل النظام السابق"، كما تقول فايزة النعاس، صيدلانية تبلغ من العمر 42 عاما، وهي تتحدث عن أربعة عقود من حكم القذافي.

اليوم، "ننتظر لساعات خارج البنوك نتوسل الصرافين أن يقدموا لنا بعضا من مالنا الخاص. وكل شيء تضاعفت تكلفته ثلاث مرات." وفي حين يشدد بعض الليبيين على أن الحياة كانت أسهل تحت القذافي، يؤكد البعض الآخر أن الفوضى في ليبيا تنبع من عقود من سوء الإدارة في عهد النظام السابق.

يقول عبد الرحمن عبد العال (32 عاما) وهو مهندس معماري غير قادر على العثور على عمل في مجال تخصصه: "نضال الليبيين اليوم هو نتيجة منطقية لـ 42 عاما من التدمير المنهجي والتخريب".

وتكافح حكومة الوحدة الوطنية المدعومة من الأمم المتحدة لفرض سلطتها على الصعيد الوطني منذ وصولها إلى طرابلس في مارس ، مع وجود برلمان منافس في أقصى شرق البلاد يرفض التنازل عن السلطة لها.

والحال أن حكومة الوفاق هذه ، تلقت الجمعة الماضية ضربة جديدة عندما استولت منافستها في طرابلس على مكاتب رئيسية في العاصمة. وقد سمحت الاضطرابات التي تلت سقوط القذافي عام 2011 ، لتنظيم داعش بكسب موطئ قدم على أعتاب أوروبا بعد الاستيلاء على مسقط رأس الرجل القوي في سرت في يونيو من العام الماضي.

وقد خاضت القوات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية على مدى مدة خمسة أشهر معارك لطرد الجهاديين من معقلهم السابق ، بدعم من الضربات الجوية الأميريكية منذ أوائل أغسطس.

وفيما أضعفت معركة مكافحة داعش الموالين لحكومة الوفاق ، سيطرت الشهر الماضي قواتٌ بقيادة المشير المثير للجدل الشهر الماضي على محطات النفط الرئيسية في شرق البلاد، والسماح للشركة الوطنية للنفط باستئناف صادرات النفط الخام.

وألقى برلمان الشرق كامل دعمه وراء خليفة حفتر، الذي يقدم نفسه منقذا لليبيا في مواجهة التهديد المتزايد للجهاديين ، لكنه شخصية مثيرة للانقسام للغاية. "الفوضى أو الحكم العسكري"

بينما أزاح جيشه معظم الجهاديين من بنغازي، مهد الانتفاضة عام 2011، يتهمه منتقدوه بالعمل على تحقيق هدف واحد: الاستيلاء على السلطة لإقامة دكتاتورية عسكرية جديدة.

الليبيون مضطرون للاختيار بين نقيضين" يقول المحلل الليبي محمد الجرح في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط ، موضحا :"إما الفوضى في ظل حكم ميليشيات إسلامية أو الحكم العسكري.لا خيارات أخرى مقنعة معروضة".

وحارب حفتر لأكثر من عامين لطرد الجهاديين من مدينة بنغازي ، في حين تخوض القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني معارك ضد داعش في سرت.

ووفقا للخبير في الشؤون الليبية ماتيا توالدو في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ، "فإن هذه القوى المتنافسة قد تميل بعد ذلك لتوسيع نفوذها في مناطق أخرى من البلاد، وقد يقابَل ذلك بمقاومة محلية شرسة".

ويخلص توالدو إلى القول : "من الصعب التفكير بأن البلاد سوف تستقر في الأمد المنظور"، مضيفا "يبدو أن الليبيين قد استبدلوا نظاما مركزيا متسلطا بشكل آخر يقوم على اللامركزية والفوضى السلطوية، سواء كان ذلك تحت ميليشيات أو غيرها."

وقد مكنت الفوضى المستمرة أيضا المتاجرين بالبشر من الازدهار بتصعيد تجارتهم المربحة في البحر الأبيض المتوسط، مع وجود آلاف المهاجرين الحالمين بأوروبا حتى لو كلفهم ذلك الغرق قبالة السواحل الليبية. وكانت ليبيا منطلقا لهجمات قاتلة على السياح في تونس المجاورة.

 

*بوابة إفريقيا الإخبارية لا تتحمل مسؤولية ما يرد في المواقع الأجنبية وتاليا مضمون التقارير المترجمة عنها