بعد عجزه عن الحصول على الرعاية المتخصصة لابنته البالغة من العمر ست سنوات في ليبيا أو فشله في الحصول على تأشيرة للعلاج في الخارج، اشترى عبد الحكيم الشايبي قاربا يعمل بمحرك وانطلق الشهر الماضي نحو البحر المتوسط.

وبعد رحلة ساعتين ونصف من انطلاقه من صبراتة في غرب ليبيا، وصل القارب الآلي إلى سفينة أوروبية وهي إحدى السفن المنتشرة في المتوسط لإنقاذ المهاجرين.

وصرح الشايبي هذا الأسبوع في مدينة جنوة الإيطالية حيث تجري ابنته ساجدة فحوصا لمرض نادر لخلايا الدم : "رفعت راية بيضاء باتجاه السفينة في علامة على السلام ، وقال لهم صديقي إن لدينا طفلة صغيرة مريضة."  

وقد انتشرت القصة بسرعة على وسائل الإعلام الاجتماعي كمثال على العواقب المأساوية لانهيار النظام الصحي في ليبيا وسط تردي الأوضاع الأمنية، وأزمة التمويل، والنقص الحاد في الأطر الطبية.

ويقول الشايبي إنه قرر خوض غمار الرحلة بعد زيارة مستشفى طرابلس المركزي في وقت سابق من هذا العام، حيث عثر عليه "في حالة كارثية، ومائة مرة أسوأ من ذي قبل" ، مضيفا "لم يكن هناك طاقم التمريض في الليل، ولا دواء، ولم تكن هناك رعاية صحية على الإطلاق. "

المستشفى يوجد الآن في حالة مزرية ويعاني من انقطاع في التيار الكهربائي والمياه ومحروم من الموارد.

وقبل ثلاثة أشهر تم إغلاق غرفة الطوارئ بعد مقتل أحد الممرضين وتعرض آخر للضرب . وضاقت المشرحة لأن الموظفين ينتظرون الحصول على إذن لدفن الجثث مجهولة الهوية. ومن أصل 250 ممرضة أجنبية، بقي 40 فقط، أما الممرضات الليبيات فتخشين العمل بسبب التهديدات الأمنية.

من جانبه ، قال المدير العام : ""نجري عمليات طوارئ الآن"،  وليس لدينا أي مواد تخدير، أو مواد تعقيم، فكيف يمكننا أن نعمل؟"

إنها حكاية مماثلة في أنحاء ليبيا. ويقول هارون رشيد، وهو مسؤول في منظمة الصحة العالمية إن حوالي نصف مستشفيات البلاد الـ 159 ، إما مغلقة أو بالكاد تقدم الخدمات.

ويبدو أن المشاكل لم تزد إلا حدة منذ وصول الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس شهر مارس الماضي في محاولة لإنهاء الصراع المسلح والاضطرابات السياسية التي تعاني منها ليبيا لسنوات. وهي تحاول تدريجيا تأكيد سلطتها، لكنها ماتزال تلقى  معارضة من بعض الفصائل على الأرض.

قبل الانتفاضة التي أطاحت معمر القذافي في عام 2011، كانت ليبيا تتوفر على بعض أفضل المؤشرات الصحية في المنطقة، يوضح هذا المسؤول ، وذلك على الرغم من أن البلاد كانت تعتمد أيضا على نحو غير عادي على الأطباء والممرضين الأجانب، مستخدمة عائدات النفط بشروط سخية. لكن الاضطرابات السياسية، والفساد، والضغوط المالية الناجمة عن الانخفاض الحاد في عائدات النفط قطعت التمويل عن المرافق الصحية.

وكانت النتيجة أن نحو 80 في المئة من هؤلاء الموظفين غادروا، مما حرم المرافق الطبية من الرعاية المتخصصة اللازمة في وحدات حديثي الولادة أو لعلاج ارتفاع معدلات الإصابات الناجمة عن حوادث المرور.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن حالات الإصابة بالملاريا المحلية قد عادت إلى الظهور مؤخرا في الجنوب، وتخشى من عودة ظهور شلل الأطفال فضلا عن زيادة المقاومة للعقاقير فيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز" بسبب نقص المعروض.