"بيروت مدينة منكوبة"، تعيش لبنان فترة صعبة و حرجة حيث تعصف بها الأزمات من كل حدب و صوب،انتشار الوباء و الإغلاق بكل تبعاته و تأثيراها، أزمة اقتصادية خانقة و معدلات بطالة عالية إضافة إلى تدهور القطاع السياحي و إعلان البلاد إفلاسها و عدم قدرتها على خلاص ديونها.الوضع في لبنان كان ينتظر وميضا صغير من الانفراج لكنه فوجيء بانفجار هائل يهز العاصمة اللبنانية بيروت، معمقا بذلك الأزمة اللبنانية و فاتحا على مصراعيه أزمة إنسانية فاقت كل التوقعات.

هز انفجار هائل مساء أمس الثلاثاء، مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت  مخلفا خسائر بشرية و مادية فادحة حيث بلغت حصيلة الضحايا حسب السلطات اللبنانية  إلى حد الآن 100 قتيل و 4000 جريح  مع تواصل عمليات البحث و الإنقاذ عن المفقودين بين الحطام حيث من المرجح أن ترتفع حصيلة الضحايا.انفجار هائل هز العاصمة بيروت و ردم في لحظات أحد أجمل المرافيء العالمية و بلغ مداه أحياء كثيرة مجاورة و حتى تبعد عنه مترات و مترات مخلفا خسائر مادية إلى جانب البشرية تناهز خسائر الحروب التي خاضتها لبنان، تتطلب إعادة إعمارها ضخ أموال طائلة حسب الخبراء في وقت تعيش فيه البلاد أسوأ الأوضاع على الإطلاق.



و تعود أسباب الإنفجار حسب ما ذكرته السلطات اللبنانية إلى أن حريقا شب في أحد حاويات التخزين بالعنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، ويبدو أنه كان يحتوي كمية كبيرة من المفرقعات، ما أدى إلى الانفجار. وتعهد رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب أمس الثلاثاء في تصريح تلفزي بمحاسبة "المسؤولين عن هذه الكارثة  التي وقعت في "مستودع خطير"،مضيفا أن "ما حصل اليوم لن يمر من دون حساب، سيدفع المسؤولون عن هذه الكارثة الثمن"، مضيفا "ستكون هناك حقائق تعلن عن هذا المستودع الخطير الموجود منذ 2014، أي منذ ست سنوات".. وقال الرئيس اللبناني ميشال عون، في تصريح له اليوم الأربعاء، إن 2750 طنا من نترات الأمونيا كانت مخزنة بطريقة غير آمنة في مستودع بالمرفأ لنحو ست سنوات. (نترات الأمونيوم مركب كيميائي بلوري عديم الرائحة يتم استخدامه كسماد زراعي، وحين يمتزج بزيوت الوقود يؤدي إلى تفجيرات كثيراً ما يتم اللجوء إليها في أعمال البناء والتعدين، كما تستخدمه جماعات إرهابية لصنع المتفجرات).



أعلنت السلطات اللبنانية حدادا وطنيا على ضحايا الإنفجار وسط هلع و ذعر ووضع "إنساني" مأساوي يمر به سكان بيروت، جرحى في الشوارع تكسوهم الدماء و مستشفيات تعاني من انقطاع الكهرباء و عمليات جراحية يتم اجراؤها في الشوارع باستعمال المولدات...كارثة إنسانية تحرك لها العالم أجمع لدعم الشعب اللبناني و معاضدته في محنة تضاهي فضاعة الحروب التي مرت بها.


تعاني لبنان على غرار هذه الكارثة الوخيمة من تداعيات اقتصادية و اجتماعية "أزمة غير مسبوقة" حيث أعلنت الدولة اللبنانية رسمياً إفلاسها، عشية الاستحقاق الأول هذا العام لسندات الدين السيادية المعروفة باسم "اليوروبوند" في شهر مارس الماضي.و اكد رئيس الحكومة حسان دياب ان "الدين أصبح أكبر من قدرة لبنان على تحمله وأكبر من قدرة اللبناني على تسديد فوائده"، مشيرا إلى ان"كل ألف ليرة من إيرادات الدولة، يذهب أكثر من 500 ليرة منها لخدمة الدين، بدل صرفها على الصحة، والتعليم، والبنية التحتية"، مضيفا أنه "بحسب تقديرات البنك الدولي، أكثر من 40% من السكان قد يجدون أنفسهم قربياً تحت خطّ الفقر". ويبلغ مجموع الدين العام اللبناني 90 مليار دولار، منها استحقاق بقيمة 4.6 مليار دولار في عام 2020، أي ما يعادل 170% من الناتج المحلي، كما أدى تدني مستوى الاحتياط بالعملة الصعبة إلى مزيد من الضغط على العملة الصعبة، حسب رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب.



و عمقت الأزمة الوبائية العالمية  هذه الأوضاع و رفعت في معدلات البطالة حيث تم تسريح العديد من العاملين الإضافيين حسب الخبراء جراء الإغلاق و الحجر كما تضررت السياحة ضررا بالغا بسبب ذلك و قد أعلنت البلاد الأحد الماضي 2 أغسطس الإغلاق التام بعد تفاقم حالات الإصابات المسجلة بكورونا و التي تبلغ حسب آخر الإحصائيات 5271 حالة مؤكدة.
مأساة تلو الأخرى تواجه الشعب اللبناني الذي كان غارقا في محاولة الخروج من الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية الخانقة ليقع في براثن الأزمة الوبائية ثم ليمسي على انفجار هائل يهز العاصمة بيروت و يغطي سماءها بدخان أحمر كثيف محدثا" زلزالا" بقوة 4.5 درجة على مقياس ريختر مسفرا عن خسائر بشرية و مادية فادحة و مخلفا صدمة و لوعة في قلوب اللبنانيين