كيف يقرأ ما حصل في تونس منذ الثورة الى الآن؟ لماذا التحق بنداء تونس وما هو موقعه الحالي في المشهد الدستوري؟... أيّة تصوّرات له لمستقبل الحياة الوطنية وما هي قراءته النقديّة لتجربته في الحكم وفي حزب التجمع المنحل؟.. 

 

عن هذه الاسئلة وغيرهاتحدث محمد الغرياني آخر امين عام لحزب التجمّع المنحل لصحيفة « الشروق » في عددها الصادر اليوم 

صمت طويلا وخيّر الابتعاد كثيرا عن الاضواء برغم ما يُشاع عنه من ادوار سياسيّة وحزبيّة وامتلاكه لماكينة انتخابيّة، دخل السجن بعد الثورة وغادره بعد أن برّأه القضاء من كل التهم التي وجّهت له ، يقول إنّه أعدّ ارضية فكرية نقدية لمسيرة التيار الدستوري منذ النشأة الى اليوم ويُؤكّد أن مستقبل تونس في التعايش وفي ترسيخ مبادئ الحريّة والديمقراطيّة.. في ما يلي نص الحديث مع السيّد محمد الغرياني...

كُنتُم آخر أمين عام لحزب التمجّع المنحل ، لماذا لازمتم الصمت عن ما تملكون من حقائق حول مرحلة مهمّة من تاريخ البلاد ؟

اولا ليست ملازمة كلية للصمت لأنني سعيت للظهور في بعض المرات للإدلاء ببعض المواقف وسعيت للانخراط في العمل السياسي .

كما اني أعلنتُ أني سأساهم برؤية تهم المسار الدستوري من ناحية المراجعات الفكرية ، بالعودة الى مرحلة تاسيس الحزب ومختلف المراحل التي مر بها وصولا الى الثورة وكيفية التعاطي مع كل تلك التطورات والتغيّرات.

في حديث لصحيفتنا، قال السيّد الباحي قائد السبسي إنك جئت للنداء هارب «بالروح»...

انا اخترت النداء باعتباره اطارا يُمكن من تحقيق التوازن والدفع باتجاه المصالحة ودعم اركان الوحدة الوطنية فعلاقتي بالنداء بدأت استراتيجية وعميقة ولكن البعض اصبح يريد ان يجعل من وجودي في النداء مجرّد صورة للاستغلال السياسي.

رغم ما اكنّه من احترام للاستاذ الباجي قايد السبسي كشخصية وطنيّة لها مكانتها وكان لها دور في مرحلة ما بعد الثورة فإنّ هناك مجموعة نافذة حاليا داخل النداء تمنعه من الاشتغال على قواعد صحيحة وهي التي تتحكم في الدواليب المركزية وتسند صكوك الغفران لمن تشاء وتنزعها عمن تشاء. 

...عمن تتحدّث تحديدا ؟

هي مجموعة لا يمكن تصنيفها لا في اليسار ولا في اليمين ولا في الوسط هي مجموعة انتهازية وكفى. لقد رفضت ان أكون صورة او ديكورا في فسيفساء الروافد ولست لاجئا حتى اطلب الحماية . والجميع يعلم انّ دخولي للنداء قد ساهم في توسيع قاعدته وكسبه ثقة جزء هام من التجمعيين الدستوريين ، وكان أملي ان يكون للدساترة دور اكبر خاصة في قيادة الحزب ولكن هذا لم يتحقّق على ارض الواقع لعدة أسباب رغم الإرادة التي تحدو سي الباجي لتحقيق التوازن المطلوب بين مختلف الحساسيات.

انخرطت في النداء ورفضت الالتحاق بأحد الاحزاب الدستوريّة؟

لقد تلقيت دعوة من سي الباجي للالتحاق به كمستشار فلبيتها رغم اني كنت أحبذ ان تقترن عودتي للعمل السياسي بمراجعة جذرية للفكر الدستوري، ورغم وعيي بما في النداء من عيوب في الشكل والمضمون . ولكن للاسف هناك من عرقل هذا التمشي، وسعى لتهميش محمد الغرياني وغيره من الأصوات التي تريد ان يكون النداء حزبا ديمقراطيا ومؤهلا للحكم ببرامج واضحة وبنخب قادرة على إدارة شؤون الدولة.

هناك من يتحدّث عن رغبة في دفع الدساترة لكي يكونوا حطب معركة لأطراف اخرى؟

هذا موجود لدى البعض ، نفس المجموعة الموجودة في النداء التي تحاصرني وتسعى لتهميش دوري هي نفسها كانت تخطط لتحويل الدساترة والتجمعيين الى مجرّد حطب في الانتخابات وليس شريكا فاعلا في بناء الحزب وتفعيل دوره الوطني ، رغم ان القاعدة الاساسية لهذه الحزب هي من الدساترة والتجمعيين.

ما هي علاقتك اليوم بالأحزاب الدستوريّة؟ 

علاقة جيدة وتجمعني بجل قياداتها علاقات وثيقة ممتدة في الزمن رغم الاختلافات في الرأي والتقييم وهو من الاسباب التي دعتني للمساهمة بعرض ارضية سياسيّة وفكرية في المدة القادمة لخلق حوار دستوري ـ دستوري طال انتظاره، وقد اثر تأخره سلبا في علاقة الدساترة ببقية العائلات السياسية، وفي نظرة الناس لهم وفي نظرتهم لذاتهم وحاضرهم ومستقبلهم.

ما هي ابرز ملامح هذه الارضيّة ؟

هي ارضية فكرية وسياسيّة حول مسار التوجه الدستوري في المرحلة القادمة وتتضمن هذه الارضيّة قراءة نقدية لمسار هذا التوجه اضافة الى الموقف من حالة التشتّت في الساحة الدستوريّة وتعدد زعاماتها وارتباك مواقفها من تقييم الوضع الحالي وما يخترقهُ من غموض وضبابيّة كما ستحتوي هذه المبادرة موقفا من الانتخابات الحالية والانتظارات منها.

اولا :عدم الاستفادة من ثراء التجربة الدستوريّة. ذلك ان المسار الدستوري الذي ارتبط بمرحلة الكفاح الوطني ووضع أسس الإصلاحية التونسية والتي كانت وراء بروز نخبة متنوعة ومتعددة تؤشّر على ثراء التجربة التاريخية للشخصية الدستوريّة والتي منع التسلط الاستفادة منها ، فشخصيات مثل عبد العزيز الثعالبي الحبيب بورقيبة ومحمود الماطري الهادي نويرة وصالح بن يوسف وعلي بلهوان ومحي الدين القليبي وأحمد بن صالح والحبيب عاشور واحمد المستيري وغيرهم من القادة والمفكرين لم تستفد منهم الحركة الدستوريّة بالشكل المطلوب خاصة وان هذه التجربة قد ساهمت في بلورة التوجهات الرئيسية للبلاد في أبعادها المتنوعة الفكرية والسياسيّة والدينية وفي مسالة الحداثة. 

ثانيا:الديمقراطية والهويّة ذلك بانه من الضروري أن يتولى التوجه الدستوري حل الإشكاليتين اللتين ظلتا ملازمتين له دون حل جذري وهما المسالة الديمقراطية والتي تسببت في انحراف سياسي خطير تمثل في احتكار السلطة وهيمنة الحزب الواحد وتتطلّب هذه المسالة قراءة نقدية وموقفا واضحا يقطع نهائيا بين الدستوريين وهذه الثقافة.

ومن ناحية اخرى مسألة الهوية وما ساد من صراع في إطارها بين دعاة لائكية تلغي الدين وبين النظرة التي تعتمد على فكر الاجتهاد الديني والقراءة المقاصدية.

وقد شق هذا الصراع التوجه الدستوري منذ بداياته الا ان التسلط طمس هذا الحوار والجدل الفكري الذي رافق هذه المسألة.

ثالثا : البحث عن محاور الالتقاء والاتفاق بين مختلف الحركات السياسية والفكريّة والتي من شانها ان تساعد على تأمين الوحدة الوطنية والمصالحة وحماية البلاد من كل مظاهر التطرّف والغلو والتشدّد فخيارنا هو البحث عن ما يجمعنا والتقليص مما يفرقنا، فبلادنا تحتاج الى ما يوحد . 

رابعا: الموقف من الثورة اذ اعتبر ان الثورة تغيير كبير عاشته بلادنا منذ 14 جانفي يحتاج الى ان ترافقه مراجعات تجعل الدستوريين يتصالحون معها ويستثمرونها لتجديد مشروعهم الوطني عبر التفاعل الإيجابي مع اهداف هذه الثورة وفي مقدمتها مسالة الحريّة والقطع مع الاستبداد واستخلاص العبرة من الماضي. فلا مجال لشخصنة السلطة ولا مجال للتسلط ولا مجال لحكم العائلات والمقربين ولا مجال للفساد. فالخيار الدستوري يحتاج الى تاسيس جديد يقوم على وحدة نوعية تؤمّن مشروعا وطنيّا للبلاد وليس على وحدة كمية فقط.

أنت آخر أمين عام للتجمع تتحدث عن ثورة...

نعم، لا بد من الاعتراف بالثورة كنهاية لمنظومة وبداية لمنظومة جديدة.

انا سياسي منذ شبابي وأتفاعل مع كل التطورات ولست جامدا وحتى اكاديميا ومن خلال دراستي لعلم الاجتماع، فأنا مدعو لفهم الظواهر والمتغيرات، وليس التعامل الجامد ولا العقائدي المحنّط معها.

البلاد عرفت تحولا كبيرا وهي الثورة ولا بد من التفاعل مع الذي حصل، ولم يعد مطروحا عودة المنظومة القديمة، ولا استمرار هذا الوضع الانتقالي الهش الذي يجعل البلاد معرضة لكل من المخاطر مثل الارهاب والانهيار الاقتصادي والتفكك الاجتماعي. تونس تحتاج الى إصلاحات عميقة، وأسس استقرار دائم في نظام سياسي يفعّل كل الطاقات السياسية والثقافية والاقتصادية.

لماذا تجهز اليوم مثل هذه القراءة النقديّة ، ألا تُعتبر متأخرّة نوعا مّا؟

الظرف لم يكن يسمح ، وكانت نزعة التشفي والانتقام تتصاعد ولم يكن الوقت مناسبا لعقد ندوات او ملتقيات او تقديم قراءات أو ورقات عمل. 

الامور تغيّرت الآن، والموقف الذي كان في البداية عدائيا وعدوانيا تطور الى حالة تسمح بتمكين الدساترة من المساهمة والمشاركة في بناء تونس جديدة.

هل كان هناك حقا استعداد سابق وسط التجمعيين للانصهار ضمن حدث الثورة؟

نعم ، كان لدينا احساس أنّ نظام الحكم وصل الى الحد الذي يقتضي تحولا اما من داخله او من خارجه ، وانا من خلال موقعي كنتُ اعرف انزعاج التجمعيين في تلك الفترة من عديد الانحرافات ، كما ساهم الكثيرون من منتسبي التجمع وخاصة الشبان في الاحتجاجات على خلفية اجتماعية تنموية.

بعد هروب بن علي أوحى بقاء بعض رموز نظامه أمثال فؤاد المبزع وكمال مرجان ومحمد الغنوشي وغيرهم في عديد المسؤوليات باستمرارية الدولة وهو ما ساهم في تهدئة الأوضاع وتجنيب البلاد مخاطر الصراع على الحكم في تلك الفترة. والسلوك الثوري في مجمله باستثناء بعض الأصوات المتطرفة كان عقلانيا، ويسر عملية الانتقال السلس والسلمي للسلطة، وعلينا جميعا الاستفادة من هذا الدرس لتجذير خيار الوفاق والتعايش.

...ولكن وقع حل التجمع؟

حل التجمع حدث في وضع احتقان وشيطنة بالغة، انا حاولت تطبيع وضع الحزب مع السياق الجديد في البلاد، وحاولت إعطاء فرصة للتصالح بين التجمعيين والمسار الثوري ولم ادخل في لعبة الاستفزاز . 

واجهت تلك اللحظة التاريخية بمفردي، وتحدثت في وسائل الاعلام الوطنية والعالمية، ودافعت عن حق التجمع في الاستمرار، لان بناء ديمقراطية جديدة لا يكون بحل الاحزاب القائمة وإنما إعطائها الفرصة لاعادة صياغة نفسها وتطوير خطابها ومناهجها. كنت مع فصل الدولة عن الحزب وقدمت برنامجا لفك الارتباط بينهما.

ولكن الوضع لم يكن يسمح بذلك.

هل كان حل التجمع خطأ؟

نعم، كان خطأ لانه كان بالامكان اتاحة الفرصة للدستوريين للتقييم وإعادة البناء.

ما هي ملابسات ذلك القرار؟

حل التجمع جاء في وضع ثوري صعب، وهناك عدة عوامل ساعدت على ذلك، ومعطيات لن أذكرها الان. كما أؤكد ان حل التجمع لم يكن ليؤثر على الدساترة الذين لم يكن انتماؤهم للحزب مصلحيا وانتهازيا والدليل على ذلك استمرارية التيار الدستوري، رغم وجوده في موقع المعارضة اليوم، فالتيار الدستوري متجذر في هذه التربة وهو جزء من هذا الشعب وقد قدم الدساترة دمهم من اجل الاستقلال ، وجهدهم لبناء دولة العصرية. 

ولكن هناك حديث عن تعطل في برامج اصلاح التجمع وإعادة هيكلته...

للأسف عمليات الاصلاح بدأت متأخرة وتسارع الأحداث منع الحزب من التجدد وإعداد مرحلة ما بعد بن علي، وتسارع الأحداث يربك كما هو معلوم كل محاولة اصلاح أو إعادة هيكلة أو بناء ذاتي.

ماذا عن مناشدة بن علي البقاء في الرئاسة والترشح لانتخابات 2014...

الغاية من المناشدة لم تكن بهدف استمرارية بن علي، كانت هناك حالة قلق وكانت هناك حيرة لمسناها حتى لدى رجال الأعمال والمستثمرين، وباعتبارنا ننتمي لنظام يرتكز على شخص الرئيس فكان التلويح بالمناشدة لضمان وحدة النظام وتماسكه وتسهيل عملية التداول السلمي على السلطة، ففي الأنظمة الكليانية يكون من الصعب تحقيق التداول وضمان الاستمرارية بسهولة.

وعلى كل فإن بن علي كان سينسحب من الحكم في نهاية مدته في أكتوبر 2014 وكنا نعلم ذلك.

يُقال انك كنت في جناح داخل الحزب وهو جناح صخر الماطري؟

العكس هو الصحيح. صخر الماطري هو من كان يبحث ليكون في جناحي. انا تقلدت مسؤوليات رفيعة قبل ان يظهر صخر الماطري.

لمن سيصوت التجمعيون حسب رأيكم؟ 

التجمعيون اليوم هم احرار ولا وجود لسلطة عليهم يختارون من يرونه صالحا لخدمة البلاد، من المرشحين الدستوريين أولا ، ولا استبعد ان يستفيد من أصوات التجمعيين كل من سيدفع باتجاه المصالحة ويرفض الاقصاء ومن يحترم حقهم في العمل السياسي العلني والقانوني.

ما هي حظوظ الدستوريين في هذه الانتخابات؟

ستكون هناك كتلة دستوريّة مؤثرة في المجلس النيابي القادم ان شاء الله، بسبب ما يمتلكه كثير من المرشحين الدساترة من إشعاع شخصي على المستوى الجهوي والمحلي حيث ان العديد منهم نجح في ترتيب اوضاعهم وحُسن اندماجهم في الوضع السياسي الجديد الذي تعيشه البلاد ولعمق تجربتهم في فهم اشكاليات الواقع الجديد وتقديم الحلول الملائمة له.

هل هدف الدساترة هو لعب دور قوّة التوازن؟

نعم قوّة التوازن في المشهد السياسي الوطني وتثبيت الخبرة السابقة في التجربة الجديدة وتوظيف كفاءتهم لمتطلبات التاريخ وتحولات المرحلة والتي على رأسها الديمقراطية ورفض التسلط 

الدستوريون تخلوا عن منطق الهيمنة والتسلّط واصبحوا يفكرون بمنطق المشاركة وأصبحت لهم قابلية المشاركة في الحكم وليس الهيمنة.

وماذا عن الرئاسيّة؟

انا اقترح تنظيم حوار بين رموز التيار الدستوري وقياداته مباشرة اثر نتائج التشريعية لبحث مسألتي مستقبل العمل الدستوري في المرحلة القادمة وحسم مسألة الترشح للانتخابات الرئاسيّة.

فالرئيس القادم لتونس يجب ان يكون مجمعا لا مفرقا وان يحرص على وحدة البلاد ويحمي شعبها من كل المخاطر.

الحوار الدستوري الدستوري أصبح ضرورة اليوم للاعداد للمستقبل وتصحيح المسار.

وهل سيكون نداء تونس معنيا بهذا الحوار؟

اذا تم الاتفاق على هذه الفكرة فالدعوة مفتوحة لكل الدساترة والتجمعيين. 

يُعاب على الدساترة والتجمعيين التشتت وتعدد الزعامات؟.

هذا شيء طبيعي بعد التجربة المريرة التي مررنا بها بعد نهاية النظام وحل التجمع ، والزعامة يصنعها المسار النضالي ووضوح الرؤية ومدى مشاركة الدستوريين فيها وتجاوبهم معها، فالمرحلة في الوقت الراهن تتطلب الحد الأدنى من العمل الجماعي الذي يؤطره فريق قيادي قادر على اعادة السفينة الى مسارها الصحيح.

وفي اعتقادي لا يُمكن اختزال التوجه الدستوري في شخص فعهد الشخصنة قد ولى وانتهى.

أضيف الى ذلك ، هناك تنوّع داخل الدساترة منذ القدم وهو تنوع موظف اليوم بشكل غير صحيح وكان بالامكان المحافظة على التنوّع في ظل وحدة.

كيف ترون طبيعة الصراع الدائر اليوم في الساحة الوطنية؟

في تقديري لقد تجاوز الصراع السياسي اليوم في تونس مسألة هوية المجتمع ونمطه والذي حدد ملامحه الدستور بالتنصيص على الدولة المدنيّة وحرية الضمير وتدعيم مكاسب المرأة وانهاء الجدل حول مصدر التشريع وتنمية مقومات الحداثة ، الصراع اليوم حول الحكم الرشيد والإدارة الرشيدة وبناء الأمن القومي وارساء الديمقراطية وتحقيق التنمية الشاملة والعادلة. 

على الاحزاب والنخبة السياسيّة أن لا تُغرق المجتمع في صراعات لا تفيد في تحسين الاوضاع المجتمعيّة والاقتصاديّة. 

هناك اليوم تخوفات من عودة النهضة الى الحكم وتغولها؟

الحالة السياسية لا يُمكن أن تفرز الا توازنات تدعم توجه الوفاق والوحدة الوطنية والشعب التونسي بلغ درجة من الثقافة والوعي الذي سيجعل اختياره يتناغم والاتجاه الرافض لعودة التسلط والهيمنة.

النهضة تدعو للوفاق وحكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات وهذا إيجابي، رغم ان البعض يصر على انه مجردة مناورة انتخابية، ولكن في ما يخصنا نحن نلمس تغيرا في موقف النهضة من الدستوريين وقد برز هذا خاصة من خلال التصدي لفصل 167 ولقانون العزل السياسي والفصل 73 الذي يحدد سن الترشح للرئاسية وهو موقف اقدره، كما اقدر موقف الاستاذ احمد نجيب الشابي الذي عارض حل التجمع وإقصاء الدساترة في انتخابات المجلس الوطني التاسيسي، رغم انه كان من ابرز معارضي النظام السابق .

سؤال أخير سي محمد ماذا بقي من تجربة السجن؟

السجن لا أتمناه لأحد وهو تجربة مريرة ولها ابعاد اخرى بالنسبة لمسيرة المناضل السياسي. 

نعم السجن كان قاسيا خاصة على عائلتي ولكنّه كان أيضاً فرصة لي لتأمل الوضع والتحولات. 

والحمد لله السجن لم يخلف للأحقاد بل وسع مشاعري في محبّة الناس ورفض الظلم والاقصاء ، والمهم بالنسبة لي هو المستقبل الذي لا يبنى الا بالمصالحة ومشاركة الجميع.

 

من هو محمد الغرياني؟.

ولد في القيروان يوم 13 اغسطس 1962 

متحصل على الاستاذية في علم الاجتماع

انخرط في العمل السياسي بصفة مبكّرة

تحمل مسؤوليات ادارية في الدولة كوال وسفير ، ومسؤوليّات حزبيّة عديدة تدرج بها من امين عام لطلبة التجمع الى عضو لجنة مركزية الى امين عام للحزب وعضو ديوان سياسي.

 

 

عن « الشروق » التونسية