أعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أن ملتقى الحوار السياسي الليبي سينعقد في تونس مطلع نوفمبر القادم بعد أن كان مقررا تنظيمه في جنيف بداية من 15 أكتوبر الجاري وهو مايعني أن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بغرب ليبيا فائز السراج لن ينفذ وعده الذي صرح به في 16 سبتمبر الماضي بالاستقالة من منصبه في أواخر أكتوبر الحالي ، وأن الحل السياسي قد يتعطل الى ما بعد يناير القادم.
وبين ضغط غربي مرفوق برغبة ذاتية بالاستقالة وضغط تركي من أجل أن يبقى في منصبه ، يواجه السراج مصيره ، فيما لا يستبعد مقربون منه أن يغادر مكتبه في أية لحظة ويعلن اعتزال السياسة ، وهو ما يعني حصول فراغ على رأس السلطة.
حتى الأسبوع الماضي كان المراقبون ينتظرون اجتماعات الحوار السياسي التي من المنتظر أن تنعقد في جنيف منتصف أكتوبر الجاري ، وطالبت تركيا بنقل مقرها الى فاليتا عاصمة مالطا ووافقتها إيطاليا في ذلك ، ثم تم التوافق على إنعقادها في تونس ، وتم ترشيح ثلاث منتجعات تونسية لاستقبال الاجتماعات وهي طبرقة ( شمال غرب ) والحمامات ( شمال شرق) وجربة ( جنوب شرق ).
لكن لماذا تونس بدل جنيف؟ الأمر يتعلق وفق مصادر مطلعة بالترتيبات اللوجستية، وخاصة في ما يتصل بتأشيرات الدخول الى الأراضي السويسرية، وهو ما يعني أن عدد المشاركين سيكون كبيرا وأغلبهم ممن لا صفة رسمية ديبلوماسية ولا حكومية لهم ، لذلك تم التوافق على تونس التي يدخلها الليبيون دون الحاجة الى تأشيرة.
ووفق ما جاء في البيان الصادر عن البعثة السبت الماضي، فإنه ، وفي ظل استمرار جائحة كورونا (كوفيد 19) ومن أجل حماية صحة المشاركين، سيعقد ملتقى الحوار السياسي الليبي وفق صيغة مختلطة، وذلك من خلال سلسلة من الجلسات عبر الاتصال المرئي وكذلك عبر اجتماعات مباشرة ،حيث ستجمع البعثة المشاركين في الملتقى في اجتماعات تمهيدية عبر الاتصال المرئي تبدأ في 26 أكتوبر. وستشمل هذه الاجتماعات أيضاً مشاورات مع شرائح كبيرة من المجتمع الليبي، بما في ذلك الشباب والنساء والبلديات، سيُطلب منها تقديم توصيات ملموسة للمشاركين في ملتقى الحوار السياسي الليبي.
وستقتصر المشاركة في الحوار على القوى المدنية ، في حين ستتولى الأمم المتحدة تيسير محادثات مباشرة بين وفدي اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) في جنيف ابتداء من 19 أكتوبر، باستضافة من حكومة سويسرا. حيث سترتكز المحادثات على المداولات السابقة والتوصيات التي خرج بها اجتماع مدينة الغردقة المصرية في الفترة من 28 – 30 سبتمبر الماضي
وفي الأثناء ، أكدت ألمانيا على أنّ الأمم المتحدة سوف تتولى تيسير محادثات مباشرة بين وفدي اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) في جنيف ابتداء من 19 أكتوبر، باستضافة من حكومة سويسرا. وسوف ترتكز محادثات اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) على المداولات السابقة والتوصيات التي خرج بها الاجتماع الذي انعقد في الغردقة في الفترة من 28 – 30 سبتمبر واستضافته السلطات المصرية تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وقال سفير الألماني لدى ليبيا أوليفر أوفتشا : “في الوقت المناسب وبشكل شامل: نرحب بالتسلسل من المحادثات السياسية والعسكرية الليبية التي تقودها الأمم المتحدة نحو وقف إطلاق النار المتفاوض عليه، نحو إطار حكم موحد، والتحضير لانتخابات وطنية مبكرة” مضيفا “ندعو جميع الأطراف إلى الالتفات حول هذه العملية ودعمها”.
وفيما كان منتظرا أن تكون جولة الحوار السياسي في جنيف مصيرية ،ينبثق عنها التوافق حول تكوين مجلس رئاسي جديد برئىس ونائبين وحكومة وحدة وطنية ، جاء بيان البعثة الأممية لينقلب على كل ذلك، ويعيد خلط الأوراق من جديد ، بالإعلان عن عقد ملتقى جامع بتونس ، ففي 16 سبتمبر الماضي ،أعلن رئيس المجلس الرئاسي في حكومة الوفاق الليبية فايز السراج أنه "سيسلم مهامه إلى السلطة التنفيذية في موعد أقصاه نهاية أكتوبر على أمل أن تكون لجنة الحوار قد انتهت من تشكيل المجلس الرئاسي الجديد وحكومة جديدة" ، وبعد ثلاثة أيام ،قال مستشار رئيس مجلس النواب الليبي، فتحي المريمي،، إن الاجتماع المرتقب عقده في جنيف سيكون هدفه الأساسي اختيار مجلس رئاسي ورئيس حكومة ونائبين جدد، ومن خلالهم سيتم تكليف وزارة جديدة يقرها ويعتمدها مجلس النواب الليبي، خاصة بعد إعلان فايز السراج رئيس حكومة الوفاق تقديم استقالته في أكتوبر، وهو أمر كان متوقعا بسبب الضغوط الشعبية.
لكن ما حصل لاحقا، هو أن البعثة الأممية أطاحت بذلك التوجه ، وأعلنت عن نقل جوار جنيف الى تونس لتنظيم ملتقى وطني جامع هو في الأصل اجترار لمشروع غسان سلامة المبعوث الأممي المستقيل في الثاني من مارس الماضي ، والمتمثل في عقد ملتقى غدامس الجامع في 14 أبريل 2019 والذي ألغى من الأساس بعد إطلاق الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر لعملية « طوفان الكرامة » لتحرير المنطقة الغربية والعاصمة طرابلس من الميلشيات والتي انتهت بانسحابه الى مناطق الخط الأحمر سرت الجفرة نتيجة الضغط الإقليمي والدولي والتدخل التركي المباشر في المواجهات.
وقال سلامة آنذاك إن "الملتقى هدفه ليس القضاء على الأجسام (المؤسسات) القائمة ومن يقضي على هذه الأجسام هي صناديق الاقتراع". موضحا أنه "سوف يطلب من الليبيين تحديد تاريخ الانتخابات والطريقة التي ستجرى بها". مستدركا بالقول "الأغلبية الصامتة تريد انتخابات برلمانية ورئاسية وبلدية".
وقال بيان بعثة الأمم المتحدة الصادر السبت الماضي ، أنه سيتم اختيار المشاركين في ملتقى الحوار السياسي الليبي بتونس من مختلف المكوّنات الرئيسية للشعب الليبي، وذلك على أساس مبادئ الشمولية والتمثيل الجغرافي والعرقي والسياسي والقبلي والاجتماعي العادل مع التزام راسخ بالمشاركة الهادفة للمرأة الليبية والشباب. مشيرا الى أن البعثة ستسعى جاهدة لضمان إجراء مشاورات واسعة وشفافة مع اتباع نهج مبني على الحقوق في جميع مراحل العملية التي يقودها الليبيون ويمسكون بزمامها والتي سيتمكن خلالها الكثيرون من إسماع أصواتهم والتعبير عن آرائهم.
وبعد أن كان عدد المشاركين في اجتماعات جنيف محددا بحوالي 80 مشاركا من بينهم 30 يمثلون مجلس النواب ومجلس الدولة إضافة الى فاعلين سياسيين من القوى الحالية والنظام السابق وناشطين مستقلين وخبراء ، يتجه العدد ليرتفع في منصة تونس حيث سيشمل ممثلي المجالس البلدية ومنظمات المجتمع المدني في مختلف المناطق وأنصار النظام الجماهيري وأعيان القبائل ووجهاء المناطق وممثلي الأقليات من الأمازيغ والتبو والطوارق إضافة الى القوى النسوية والشبابية.
وسيتميز ملتقى تونس للحوار السياسي الليبي بأنه لن يكون للمدعوين للمشاركة فيه أي دور سياسي أو تنفيذي خلال المدى المنظور ، حيث قالت البعثة الأممية ، أنها، استجابت لتوصية الغالبية العظمى من مكونات الشعب الليبي، التي لا أحد يعرف كيف تواصلت معها ، بأن اشترطت على المدعوين الامتناع عن تولي أية مناصب سياسية أو سيادية في أي ترتيب جديد للسلطة التنفيذية وأن يجتمعوا بحسن نية وبروح من التعاون والتضامن من أجل مصلحة بلادهم، وأن يحجموا عن استخدام خطاب الكراهية والتحريض على العنف.
ويرى المراقبون أن هذا الشرط يعني أن المشاركين في الحوار لن يكونوا من أصحاب القرار النافذ وإنما سيكتفون بإصدار توصيات قد تصطدم برفض القوى السياسية الفعلية ، وهو ما يعني الاتجاه الى جولات أخرى من الحوار بما يطيل من عمر الأزمة المستفحلة في البلاد منذ تسع سنوات ، وهو ملا يجعل الملتقى أقرب الى اجتماع لأعيان القبائل وناشطي المجتمع المدني.
وأوضحت البعثة أن قرار عقد ملتقى الحوار السياسي الليبي الموسع والشامل جاء عقب أسابيع من المناقشات المكثفة مع الأطراف الرئيسية المعنية الليبية والدولية، وأن الحوار فيه سيستند إلى التقدم المحرز والآراء التوافقية التي أسفرت عنها المشاورات الأخيرة بين الليبيين، بما في ذلك توصيات مونترو، والتفاهمات التي تم التوصل إليها في بوزنيقة والقاهرة ،وفق نص بيانها، لافتة الى أن الملتقى سينطلق أيضاً من المشاورات المكثفة التي أجريت كجزء من مسار الملتقى الوطني الجامع، والتي سلطت الضوء على مطلب الليبيين المشترك في إنهاء الفترة الانتقالية وإجراء انتخابات وطنية واختيار سلطة تنفيذية فاعلة يمكنها توفير الخدمات الأساسية للشعب الليبي.
وبهذا الشكل، فإن الشعار المستقبلي سيكون تجاوز مقترح المرحلة الانتقالية الجديدة ، والاتجاه الى تنظيم انتخابات كالتي تحدث عنها السراج في بيانها المتزامن مع بيان رئيس البرلمان في 21 أغسطس الماضي لإعلان وقف إطلاق النار ، حيث دعا إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال شهر مارس المقبل، وفق قاعدة دستورية مناسبة يتفق عليها الليبيون.
ويبدو الحديث عن تنظيم انتخابات قريبة محاولة جديدة لتمديد الصراع ، لكنه يحظى بدعم قوى إقليمية ومنها الجزائر التي أعلن رئيسها عبد المجيد تبون أن تنظيم هذه الانتخابات هو الصيغة القادرة على إفراز الشرعية المطلوبة من أجل بناء باقي المؤسسات الأخرى في ليبيا، وأشار إلى أنه عقب الانتخابات سيكون هناك برلمان واختيار لرئيس وزراء أو ربما رئيس البلاد بشكل مباشر، ثم تنظيم التوازن بين القوى السياسية استنادا إلى الدستور، غير أن الحديث عن انتخابات يفترض ألا تكون تحت نفوذ ميلشيات منفلتة ، هذا الأمر سيزيد من تعقيد الوضع المعقد بطبعه ، والذي يحتاج تجاوزه الى فترة من الزمن وكذلك الى ضغط دولي فعلي على مراكز القرار في غربي البلاد.
الحديث عن انتخابات يفرض الحديث عن الدستور الذي يدافع الإخوان وحلفاؤهم عن مسودته المرفوضة من قبل إقليمي برقة وفزان وعموم الأقليات ، والذي أصبح هو الآخر محل حوار من خلال مسار جديد أفتتح الأحد بالقاهرة
وأعلنت المبعوثة الأممية للدعم لدى ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز، أن الامم المتحدة تدرك اهمية الترتيبات على المستوى الدستوري لليبيا لما لذلك من تأثير وأهمية نحو إيجاد حل سياسي شامل للتوصل إلى دستور شامل للبلاد، وقالت خلال كلمتها على الفيديو خلال اجتماع وفدي مجلس النواب وما مجلس الدولة في القاهرة، إن الأمم المتحدة حرصت على تسهيل كافة العقبات أمام تلك اللقاءات لإخراج ليبيا من الأزمة الدستورية التي تشهدها ، مشيرة الى أن الأمم المتحدة تدعم كل جهود التي تهدف إلى جعل الحوار السياسي هو السبيل للتوصل لحل الأزمة الليبية بعيدا عن الاحتكام لقوة السلاح.
وأعرب عضو مجلس النواب اسماعيل الشريف، عن تطلعه أن يتم تخطى كافة التحديات الصعبة التي تواجه الملف الليبي، متقدما بالشكر لمصر على دورها في تنظيم الاجتماع المعني بمسار الدستور الليبي ،وقال في كلمته خلال اجتماعات المسار الدستوري في القاهرة ان”العملية السياسية هي أساسها عملية دستورية متينة ترتكز على أسس ديمقراطية تحدد المسؤوليات والحقوق والواجبات” ،مشددا على أن السلاح الخارج عن سلطة الدولة يهدد العملية السياسية، داعيا إلى نبذ العنف والانتقال إلى مرحلة تحمل كل الود والتقدير.
ووفق عضو مجلس النواب عيسى العريبي فإنّ هناك رغبة في تشكيل لجنة أخرى لوضع تعديلات في مسوّدة الدستور، لأن هناك اعتراضات على المسودة الحالية في إقليمي برقة وفزان؛ لأنه لا يعالج المشكلة الحقيقية وهي توزيع الثروة بين الليبيين ،معتبرا أنّ هناك اتجاها لتعديل دستور 1951 عبر لجنة تمثل الأقاليم الثلاثة والعمل به لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات ثم الاستفتاء عليه.
غير أن هذا المقترح يواجه معارضة واسعة نظرا لتكريسه مبدأ الانقسام الذي كان سائدا قبل توحيدها تحت لواء المملكة الليبية المتحدة عند استقلال البلاد في العام 1951 ، والذي ألغته تعديلات العام 1963عندما أطاحت بالنظام الفيدرالي وكرست وحدة وطنية تحت حكم مركزي وأصبح إسم الدولة المملكة الليبية بعد إلفاء عبارة « المتحدة » ، حيث يرى أغلب الليبيين أنه لا يمكن أن يكون الأحفاد أقل حرصا على وحدة بلادهم من الأجداد ، أو أن يعود الليبيون الى تقسيم البلاد الى أقاليم في ظل تحولات جديدة منها الدعوة الى تشكيل أقاليم جديدة في حالة العودة الى النظام الفيدرالي كإقليم الجنوب الشرقي أو إقليم مصراتة
وكانت مشاورات المسار الدستوري بين وفدى مجلسي النواب والدولة وأعضاء هيئة الدستور، انطلقت الأحد، بالعاصمة المصرية القاهرة تحت رعاية الأمم المتحدة ، وقال اللواء عباس كامل، رئيس المخابرات العامة، في جلسة الإفتتاح ، إن مصر تتمسك بمسار التسوية السياسية كحل وحيد للحفاظ على ليبيا وإعادة بناء دولة موحدة ، وأضاف أنه يجب أن يتمكن الليبيون من محاسبة من يستغل منصبه لتوجيه موارد الدولة الليبية لدعم الإرهاب، بدلا من تحسين الأوضاع المعيشية ، مؤكدا على ضرورة أن يكون لليبيا دستور يحدد الصلاحيات والمسؤوليات.
إن اعتماد مسودة الدستور الجديدة غير متاحة حاليا رغم الدفع إليها من قبل الإسلام السياسي ،كما أن العودة الى دستور 1951 تبدو صعبة المنال رغم تبينها من قبل القوى الفيدرالية والإنفصالية ، كما أن كتابة دستور جديد سيحتاج الى فترة من الزمن قبل الإستفتاء على مسودته ،وهذا يعني المزيد من التمديد في أجل الأزمة
ويعتقد مهتمون بالشأن الليبي أن ما يحدث هو إنقلاب على التوافقات السابقة التي كانت ستفرز مجلس رئاسي جديد برئاسة عقيلة صالح رئيس مجلس النواب ممثلا عن إقليم برقة ، في حين كان من المنتظر أن تؤول رئاسة الحكومة الى فتحي باشاغا الذي يحظى بدعم من واشنطن ولندن وأنقرة ، في حين تدفع جماعة الإخوان ومعها قطر الى الدفع برجل الأعمال المقرب من الدوحة محمد عبد اللطيف المنتصر ، وهو مثل باشاغا ينتمي الى مدينة مصراتة، وسبق أن تحصل على تعويضات من النظام السابق استثمرها في مجال الخدمات النفطية من خلال تأسيسه شركة تحصلت على امتيازات من رئيس المؤسسة الليبية للنفط الأسبق شكري غانم ثم شغل منصب مندوب مصراتة في المجلس الانتقالي 2011، ومن أسابيع كلفه باشاغا بتمثيله في حوار جنيف لينقلب عليه ويطرح اسمه كمشارك مستقل بتزكية من رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا،
وكانت الأسابيع الماضية قد شهدت جدلا واسعا حول مصير مذكرتي التفاهم الموقعتين أواخر نوفمبر 2019 بين فائز السراج والرئيس التركي رجب طيب أردوغان وما تبعها من اتفاقيات ومن فتح أبواب الغرب الليبي للقوات التركية والمرتزقة المستقدمين من شمال سوريا لدعم ميلشيات الوفاق ، في حال وصول عقيلة صالح المتحالف ضمنيا مع قيادة الجيش الى منصة الرئاسة ، في الوقت الذي لا تزال فيه تركيا ترسل بالخبراء والسلاح الى القواعد التي بسطت عليها نفذها في المنطقة الغربية وبخاصة قاعدة الوطية المتاخمة للحدود المشتركة مع تونس
وبات واضحا أن تركيا لا تريد الخروج من ليبيا ، وإنما تسعى الى توسيع نفوذها العسكري والاقتصادي ليس في داخلها فقط وإنما في دول الجوار كالنيجر ومالي ، وتجد دعمها في هذا التوجه من قبل قوى الإسلام السياسي التي باتت تتحكم في مسارات الحوار بقبول من البعثة الأممية ورئيستها بالإنابة ستيفاني وليامز ، رغم أنها لا تمتلك أي رصيد شعبي يؤهلها لذلك ،ورغم أنها باتت مرفوضة من قبل الكثير من الأطراف الفاعلة سواء في طرابلس أو مصراتة ، إضافة الى نبذها من قبل القبائل والمناطق الداخلية
ولم يعد خافيا التحالف الإستراتيجي بين واشنطن وأنقرة في ليبيا وعموم المنطقة بزعم قطع الطريق أمام التغلغل الروسي والصيني وخاصة في منطقة الساحل والصحراء التي باتت حاضنة لطموحات أردوغان التوسعية ، وتأثير تركيا على الموقف الأمريكي في ما يتعلق بالملف الليبي ، وهو ما يستغله الأتراك في تحقيق مزيد التمكن من السيطرة على طرابلس ، ما جعل علي التكبالي، عضو مجلس النواب، يصرخ عاليا : “لسان حال تركيا: انشغلوا أنتم في الحوارات. ونحن سنبني اللواء التركماني الذي سيغير كل شيء على الأرض ثم حينما تفيقون من عبثكم ستجدون طرابلس تركية”.
وفي الأثناء ، لا تزال واشنطن تشتغل على مسارات عدة لتحقيق مصالحها في ليبيا ، معرقلة أي مسعى لاختيار مبعوث أممي جديد ومكتفية بالدفع بمواطنتها ستيفاني وليامز للاستمرار في مهمتها كرئيسة بالإنابة لبعثة الدعم من أجل ضمان الإشراف المباشر على الملف الليبي ، وفق اعتبارات عدة لعل أبرزها السيطرة على منابع الثروة في وسط البلاد بالعودة الى انسحاب الجيش من منطقة الخط الأحمر سرت الجفرة الى تخرم مدينة إجدابيا تنفيذا لما يعتبره إقليميو المنطقة الغربية من أن إقيلم برقة يبدأ من إجدابيا وليس من قوس النصر في سرت حيث يعتقد إقليميو برقة
غير أن الجيش يرفض ذلك ، ولا يبدي إستعدادا لتنفيذه ، وما تدشينه الأسبوع الماضي لإذاعة رعد التابعة لإدارة التوجيه المعنوي بمدينة سرت إلا دليل على أنه باق في مواقع تمركزه الحالية الى أن يأتي ما يخالف ذلك.