أكد الباحث لورينزو فيدينو المتخصص في الشق الأمني من ظاهرة الإسلام السياسي في الغرب في مقالة نشرتها صحيفة “العرب” أن الحكومة البريطانية تتجه إلى مراقبة شاملة وتمحيص دقيق لكل أنشطة حركة الإخوان المسلمين في بريطانيا حتى لو أن قرارا بعدها بأنها “حركة إرهابية” لن يتخذ كنتيجة للتقرير الذي أعده فريق متخصص.

وتوقع فيدينو الذي سبق وأن أصدر كتاب “الإخوان المسلمون الجدد في الغرب” أن تحظر السلطات البريطانية تنظيمات الإخوان والمرتبطة بأفكارها فوق أراضي المملكة المتحدة إثر الإعلان عن نتائج التقرير الذي أمر به رئيس الحكومة ديفيد كاميرون.

وقال في المقال الذي نشرته “العرب” في الصفحة السابعة في عددها اليوم أن الحكومة البريطانية مدركة لديناميكيات الإخوان المظللة، مذكرا بخطاب كاميرون في ميونيخ عام 2011 حيث صرح بوضوح باقتناعه أن أُسس الإرهاب الذي يُمثّله تنظيم القاعدة تنبع من التطرف الذي تُمثّله جماعات على غرار الإخوان المسلمين.

وأكد أن حكومة كاميرون ترى في الإخوان المسلمين منبعا لأيديولوجية سامة تجد في الإرهاب أبرز تجلياته، عازيا الهدف الحقيقي من التحقيق البريطاني إلى كونه لا يكمن في تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، بل في إجراء دراسة استقصائية على نطاق حكومي حول مجموعة تبقى كيانا غامضا لمعظم المسؤولين البريطانيين، رغم احتلالها لمركز شديد الأهمية، سواء على الصعيد العالمي أو على الصعيد المحلي.

ورأى أن أروقة السلطة في لندن لا تعج بالمسؤولين المُدركين لماهية جماعة الإخوان المسلمين وأيديولوجيتها وأهدافها وأسلوب عملها، باستثناء بعض الأسماء التي تستند آراؤهم إلى آراء بعض المعلقين من خلايا التفكير البريطاني أو الجامعات الذين يكونون إما أعضاء تابعين للتنظيم نفسه أو على علاقات مالية وطيدة مع المجموعة ومختلف مُموّليها.

وشدد بقوله إن الآراء المتعاطفة والمؤثرة تنسج صورة مثالية للتنظيم الإخواني، وتُروج لاعتداله مُنكرة تطرّف آرائه وأعماله، فيما همش معظم منتقدي التنظيم، الذين غالبا ما يفتقرون إلى أي دعم من المؤسسات الممولة.

وقال إن جماعة الإخوان المسلمين ليست تنظيما متجانسا، ولكنّها تملك فروعا في 90 بلدا، ممّا يجعل التدقيق في أنشطتها عملية معقدة بشكل خاص، باعتبار أن لكل فرع تاريخه وطريقة عمله، معتبرا عدم توفر حظر تام على نشاط الإخوان المسلمين لا يعادل بأي شكل حكما بالبراءة من الاتهام أو مصادقة بريطانية على النشاط.

ويعرض فيدينو الباحث المتخصص في الإسلام السياسي للأجواء البريطانية المتساهلة خصوصا في اللجوء السياسي والتي أسهمت في استقرار أعضاء من فروع مختلفة من جماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط ببريطانيا، على مدى الخمسة عقود الأخيرة، الأمر الذي جعلهم يشكلون مجموعات لجمع الأموال ونشر المؤلفات، وتنظيم الأحداث، والضغط، والقيام بمجموعة واسعة من الأنشطة التي تهدف أساسا إلى دعم قضية الإخوان المسلمين.

وكان الأمناء العامون للفروع السورية والعراقية والتونسية للإخوان المسلمين يعيشون في لندن منذ أواخر التسعينات.

وقال إن "رابطة المسلمين في بريطانيا" التي هي إحدى مجموعات التنظيم الدولي للإخوان كانت تهدف أساسا إلى التأثير على طبيعة النقاش الدائر حول الإسلام داخل المجتمعات الإسلامية البريطانية، ودوائر السياسة والجمهور البريطاني بصفة عامة.

وقامت الكيانات المتعددة، التي أنشأها نشطاء الإخوان المسلمين على مدى السنوات العشرين الماضية، بتعزيز هذه الجهود: منابر الفكر والتعبئة، والجمعيات الخيرية، والقنوات التلفزيونية والعديد من أشكال النشاط السياسي الأخرى.

وأشار إلى أنّ هذه الشبكات قامت بنشر شعار "نحن ضد هم" داخل المجتمعات الإسلامية البريطانية مما أدى إلى انقسامات وتوترات بين المسلمين البريطانيين والتيار الرئيسي للمجتمع البريطاني.

وقد قيل أيضا إن جماعة الإخوان المسلمين، وإن لم تشارك مباشرة في أي أعمال عنف داخل المملكة المتحدة، إلّا أنّها قامت بنشر أيديولوجية كوّنت أرضا خصبة داخل المجتمعات المسلمة البريطانية لبروز المجموعات الجهادية.