قال الباحث التونسي المختص في الدراسات الأمنية والإستراتيجية ومكافحة الإرهاب الدكتور مازن الشريف أن الفيديو الذي تم بثّه، مثّل صدمة للبعض وخوفا للبعض الآخر، وردود أفعال مختلفة، لكنه لم يستغربه، لأنه ضمن خط منطقي يوجب أن يكون . هو إخراج محترف بتقنيات تصوير عالية وجودة رفيعة مع جعل الصورة تبدو قادمة من اللامكان، وملابس أنيقة وأسلحة جديدة خلفها تمويل كبير وأجهزة كاميرا متطورة وأيدي مخابرات دويلة معلومة ومن كان معها . قوة الخطاب في تركيزه وجمعه بين أمرين: التأثير على كل متعاطف معهم وتحفيز كل خلية نائمة في تونس .ومحاولة إرباك الشعب التونسي قبل يومين من الانتخابات وضرب معنويات الأمن والجيش.
وأضاف الشريف في مقال تحليلي نشره على صفحته الخاصة « قلت سابقا أن الإرهاب في تونس - وهو حكم اقليمي عام أيضا - بلغ مرحلة الارهاب الانتقامي - مصطلح خاص بي اعني به طبيعة من الفعل الارهابي تقوم على الانتقام والغدر بعد أن كان الارهاب قبل ذلك نوعيا بنيويا يهدف إلى تفكيك الدولة واختراقها - وضمن هذا الارهاب الانتقامي الذي بدأ في يقيني بعد نجاح عملية وادي الليل وتمكن القوات الأمنية والعسكرية من استباق الارهابيين وتم تنفيذ أول خطوة منه في عملية نبر ضد الطلبة الجنود. ثم تمظهر أكثر مع قتل حسن السلطاني وقطع رأسه ثم الظهور في محلات تجارية لاخذ المؤونة بالقوة مما أطلقت عليه ارهاب الذئاب الجائعة وهو منضو ضمن الارهاب الانتقامي»
وأضاف « هذا الفيديو يمثل حلقة أخرى، بعد رسالة كمال زروق وتهديده لعموم التونسيين وتكفيرهم، ورسالة إرهابي كوباني والكلام عن كون داعش لا يفصلها عن تونس سوى 60 كيلومتر. وكلها كشف أقنعة جزئية، والآن سيتم كشف الأقنعة بشكل أكبر. فما زيارة ليفي لتونس سوى كشف قناع للضرورة، فهو كان يعلم أن الشعب التونسي سيرفضه لكنه وضع وجهه القبيح أمام الشمس ليختلس ساعة يضرب فيها ضربته التي لا غنى له عنها: إشعال فتنة جهوية في تونس وبوادر ربيع عبري في الجزائر ودعم فجر ليبيا. وما كلام بعض الثورجيين وصولا لزعيمهم عن الطاغوت والدم في الشوارع، والدعم الصريح والاجتماع العلني مع احد زعماء السلفية التكفيرية - لا وجود حقيقي لسلفية علمية واخرى جهادية فكمال زروق كان يوهم انه سلفي علمي وتتم استضافته في الاعلام مرارا حتى ظهر ان الخيط الفاصل خيط وهمي مخادع - ولا رفع شعار رابعة بدلالاته كلها واستقالة حمادي الجبالي ووجود شق يرفض طاعة زعيم الحركة راشد الغنوشي بل يتهجم عليه وبتهمه بأنه خان الحركة، كل ذلك سقوط لأقنعة ترتبط ببعضها بأكثر من طريق. فالداعم القطرائيلي يحرك خيوط كل تلك الأقنعة ويعمل بها ضمن ذات المشروع، مع تحريك الدمى بحرفية كبيرة: دمية تقطع العلاقات مع سوريا وتعفو عن الارهابين. ودمية تخترق اجهزة الدولة. ودمية أخرى تدافع عن الارهابين من وجهة نظر حقوقية وتبيض الإرهاب بادعاء الانتساب للاعلام الاستقصائي. ودمى تتحرك لحرق الزوايا والسيطرة على المساجد وانشاء الجمعيات ورياض الاطفال والتوغل في المعاهد والجامعات والاحياء الشعبية والراقية وفي العقول المهمشة والعقول التي تحمل الدكتوراه لزرع الفكر التكفيري. ودمى تنسج الشبكة التي تسفّر الشباب التونسي لسوريا وتدربه في درنة او انطاكية. مع بعض الدمى في الجريمة المنظمة والتهريب من الاسلحة الى المخدرات. وكل هذا حلف واحد»
،يتساءل الشريف «ما الذي حدث حتى اضطر ارهابيون تونسيون للتصريح بقتل بلعيد والبراهمي والظهور دون قناع الوجه والكلام المباشر والتهديد الصريح لكل التونسيين مع التخصيص للطواغيب حسب زعمهم اي الامن والجيش؟ » ثم يجيب « الكاميرا الرقمية المتطورة التي صورت مسلسل عمر، والاحترافية التي جسدت مشاهد الدم، والمختصون الذين هيؤوا الملابس، هم أنفسهم أو من نفس المصنع من أخرجوا ذلك الفيديو بكل تلك المواصفات. وكل هذا لأن الشعب التونسي بكل بساطة وسلمية صفع الارهاب ومن يدعمه حين انتخب - ولو بنسبة غير مرضية - وحين اتضح ان تونس تتجه نحو استعادة هيبة الدولة واليقظة بعد غيبوبة كاملة »
وأردف « والان وامام الخوف من فقدان الراعي الأخير للمشروع القطري الاخونجي التركي الصهيوني، وانهيار الشبكة بسرعة، وامام انتصارات الجيش الوطني الليبي، وصمود الجيش العربي السوري وما حدث في مصر من اسقاط المشروع الاخواني، وتغير الحكم في العراق وبداية انتصارات للجيش العراق والدعم الشعبي. وفشل اسراج نار الربيع العبري في الجزائر رغم كل القلاقل في الايام الاخيرة في بعض المدن حتى وان كانت مطالب المتظاهرين ذات احقية في الظاهر فمحرك الخيوط خبيث وشيطان ومجرم. وامام اليقين ان تونس سوف تعيد العلاقات مع سوريا وتغلق باب أكبر مصدر للارهابيين في العالم حاليا وهي تونس للاسف. وتستفيد من قاعدة بيانات دقيقة عن دواعش تونسيين في الشام. وامام اليقين ان تلك الفوضى والعمالة وارتهان القرار وجود العفو التشريعي المجاني والحقوقيين المزيفين الذين يحضرون حتى في التحقيقات الاولية مع الارهابيين. وامام تمكن المؤسستين الامنية والعسكرية من الاستباق وامكانيات تطوير ذلك، فان الخناق ضاق بالارهابيين وبمن يرتبط بهم بنفس الخيوط تباعدت مواضعهم او تقاربت، ومع كل قسم منهم مغرر بهم يخدمون ذات المشروع من حيث لا يعلمون، امام كل هذا فلا مناص ولا مفر لهم من الكشف عن وجوههم واسقاط اقنعتهم والكلام الجلي والتهديد الواضح بالتفخيخ والقتل والدمار ربما امتنع التونسيون عن الانتخاب او وجدوا ثغرة لتنفيذ وعيدهم وسيبحثون عن ذلك حتما»
،تابع الشريف « رسالة وجدي غنيم وتكفير اهل تونس وعتاب النهضة، ورفع شعار رابعة بالامس من الحقوقي العظيم، ورسائل الثورجيين المهددة بالقتل وانهار الدماء، والكلام عن التزوير وعن كونه السبيل الوحيد لخسارة نيرون تونس وفوز خصمه. مع خطورة تلك الرسالة المصورة، يجعل الامور تنفتح على احتمالات دموية ان لم يتم التفطن لهان واعطيكم سيناريو من بينها:
- يوم الانتخابات العاشرة صباحا يتم الكلام عن تزوير كبير. منتصف النهار تتم دعوة المراقبين لتقديم تقارير. الثانية ظهرا تتم دعوة الشباب المتحمس والمتعصب لعدم القبول بالتزوير. ليلا يتم رفض النتائج والاعلان انها مزورة. ومناداة اهل الجنوب واحرار بعض المدن للتحرك. وتم التمهيد لذلك عبر الطعون والاصرار عليها، وعبر الكلام الواضح عن ان فوز الخصم لن يكون الا بالتزوير وان التجمع رجع. ويتآلف هذا مع كلام ارهابي كوباني وزروق وغنيم وكلهم ارهابيون عن رجوع التجمع والكفرة والطواغيت. ثم زيارة ليفي والبروفات التي تمت عبر الفتنة الجهوية والمظاهرات والتراشق بالحجارة بالامس في مدنين. كل هذا سيكون وقتا مناسبا لضرات ارهابية ضمن الارهاب الاسود بعد ان تم تكفير التونسيين صراحة والتهديد بالتفخيخ والذبح. وكل هذا حركات ختامية لمحرك الدمى القطرائيلي وزملائه لضرب تونس بضراوة »
وتابع الباحث التونسي أن « هذا السيناريو الاسود ليس محض خيال، فيوم تكلمت منذ ثلاث سنوات عن التنظير والتكفير والتفجير وعن ان حرق الزوايا سيعقبه حرق مراكز الامن والجبال والغابات ثم الاغتيال تم تكذيبي وقيل محض خيال وتخريف. كن هذا السيناريو يمكن منعه ومن اسباب ذلك: فطنة راشد الغنوشي لخطورة ما يفعله المرزوقي وكلامه صراحة عن ان التشكيك في الانتخابات والكلام عن رجوع الاستبداد ومنطق التخويف امر مرفوض. وكلامه المبطن الداعي لدعم الباجي، وربما قال ذلك صراحة في اجتماع مجلس الشورى ولكن تم رفض كلامه من المتشددين في حركته. فالغنوشي يعرف جيدا ان المرزوقي يسرق منه قواعد حركته ويغرر بهم في لعبة خطيرة وهوس للسلطة. ولعله بمنطقه الهادئ في آخر ظهور له في نسمة يسعى لمنع حدوث ذلك.
- ذكاء الشعب التونسي - باستثناء بعض المتعصبين لاسباب مختلفة والمتمعشين من الفوضى والمستفيدين من حكم المؤقت مباشرة - وهذا الذكاء تجسد في الانتخابات التشريعية. واعتقد ان نسبة من داعمي المرزوقي هم وطنيون ولكنهم اخطؤوا الرمي ولا يحيطون بحقيقة الامور، فعسى أنهم لن ينساقوا خلف المحرقة. هو امل على الاقل.
-دور الهيئة المستقلة في اثبات ان الانتخابات لم يتم تزويرها وقد توجيه رسالة بعدم التشكيك.
- دور الاعلام في التوعية.
- دور الامن والجيش في اليقظة والحماية ومنع حدوث اي فوضى او عملية ارهابية.
- دور منظمات المجتمع المدني وعقلاء كل مدن تونس خاصة اهلنا في الجنوب في ايقاف اي فتنة جهوية ومحاولة تهدئة الاجواء ان وقعت اضطرابات بعد الاعلان عن نتائج الانتخابات وهو امر وارد جدا عندي ضمن خط التوقع ولا اريد الخوض في الاستشراف.
حين يتم انجاح الانتخابات وطي صفحة الارتهان والعمالة للمشروع الخبيث فستكون خطوة كبيرة نحو تقليص الارهاب، لكن احتمالات قيام علميات ارهابية وارد ايضا. ويبقى الامر مستمرا لسنوات اخرى لان الخراب كان كبيرا والارهاب اليوم منظمة دولية كبرى لها تمويلات وثروات واسلحة ودول داعمة ومخابرات مساندة. ولكن تونس يوم تسترد قرارها وتنسق مع مصر والجزائر وتعيد العلاقات مع سوريا وتمنع اي فوضى وتضع حد لداعمي الارهاب ايّا كانوا وكيف كان شكل الدعم، حينها سنكون قريبين جدا من الخروج من دوامة الرمل، لكن بأي ثمن؟ ذلك أمر يحدده شيء واحد فقط: مقدار اللطف الإلهي. لا غير»