رئيس المخابرات الليبية السابق استقال ونأى بنفسه عن الصراع الدائر في ليبيا، ولم يرشحه أحد لأي منصب، فقد ترك الجمل بما حمل، وهو يفسر ذلك لأنه وصل لقناعة أنه لا جدوى في الاستمرار مع شخوص ليست من أولوياتها حماية الوطن وتأهيله وإعادته إلى مكانته بين الأمم.

هل للأمر علاقة بدسائس انتقامية، لأنه اعترض على اغتصاب سلطة القرار التنفيذي بالقوة في 2014، أو لأنه رفض أن يُحوَّل الجهاز إلى سلطة تخدم أهداف هذا الطرف دون ذاك.

أو لأنه رفض تلغيم الجهاز الاستخباري باتباع جهة ما، أو لأنه رفض إقالة المئات من ذوي الخبرة والمهنية فقط لأنهم عملوا في إطار نظام سابق.

فجأة جاء الصحفي الإيطالي، يبحث في مسيرة مدير جهاز المخابرات الليبية سالم الحاسي، ويستقصي هنا وهناك، بوحي من طرف ما، بحثا عن تهم ومؤاخذات على الفترة العسيرة من تاريخ مخابرات ليبيا بين2012 إلى2015.

لكن رغم البحث والتقصي، لم يجد الصحفي الإيطالي - الذي ربما يكون مدفوعا من جهة بعينها - ما يجهر به مسعاه “الكيدي" إلا ثلاث مسائل. وبدلا من الاعتذار والتصحيح بعد أن جاءه استدراك وتصويب من صاحب الشأن آثر الصحفي التمادي في القدح والتشهير في رسالته المفتوحة.

أولى المسائل الجنسية الأمريكية، التي- حسب الوثائق الرسمية التي قدمها الحاسي لبوابة أفريقيا- تخلى عنها طواعية 2012، ودون أن يُطلب منه ذلك، ولا لشيء إلا لقناعته بأن تحمل مسؤولية رئاسة جهاز المخابرات يستدعي التخلي عن أي جنسية أخرى عدا الجنسية الليبية، "على حد إفادته".

أما المسألة الثانية فكانت الاستقالة، والحاسي- حسب الوثائق- امتثل لقرار البرلمان في فبراير 2015 بإعفائه من منصبه، ولكنه رفض لاحقا العودة إلى سابق عمله رغم طلب رئيس مجلس النواب المنتخب ذلك برسالة رسمية، لأن الأمر قد قضي ولا فائدة ترجى من العمل مع رئيس البرلمان.

وكان الحاسي تقدم باستقالة سابقة قدمها للمؤتمر الوطني العام في 4 يونيو 2014 بعد اقتحام عضو -المجلس الرئاسي الحالي- أحمد معيتيق آنذاك مقر مجلس الوزراء عنوة، لاغتصاب السلطة التنفيذية، لكن الحاسي تراجع عن استقالته بعد أن أعاد القضاء الأمور إلى نصابها، ورفض المؤتمر قبول الاستقالة.

أما قضية تجهيزات القناصة الليبيين الذين تم تدريبهم في أمريكا، يبدو أن الصحفي قد اختلطت عليه الأمور فيما يتعلق بتاريخ بدء التعاون بين ليبيا والولايات المتحدة في هذا نوع من التدريبات، إذ لم يكن التعاون بين أمريكا وليبيا- في هذا المجال تحديدا- موجودا أصلا- في فترة رئاسة الحاسي لجهاز المخابرات- لكي يتم مصادرة معدات.

ويربط البعض بين فتح هذا الملف، وموجة الترشيحات التي يسعى البعض لإظهارها على أنها البديل المناسب لمتسيدي المشهد السياسي الليبي اليوم، والذي يعد الحاسي أحد المنافسين، ما جعل هذه الحملات تأتي للطعن والتشويه في هذا التوقيت الحساس.

تلك ربما من خفايا وخبايا، الحملة الصحفية التي استهدفت سالم حاسي المدير السابق لجهاز المخابرات الليبية، ومن اتصال بوابة افريقيا الإخبارية معه، وضّح الحاسي أن الرسالة المفتوحة من الصحفي الإيطالي جاءت بعد رسالة بعث بها إلي الصحفي ردا على مقالة سابقة حُشر فيها الكثير من المغالطات، والافتراءات، وقد زود الحاسي بوابة أفريقيا الإخبارية بوثائق يعتبرها تفند مزاعم الصحفي.