إنه الفيروس الذي يسبب النزيف من الأذنين وانفجار الأوعية الدموية، انتقل من الغابات الاستوائية النائية في غينيا صوب الناحية الغربية حيث العاصمة التي تعج بالسكان .

وقد قفز الحدود بسرعة في اتجاه ليبريا، حيث يشتبه أن يكون قد خلف أكثر من 90 حالة وفاة، في الوقت الذي وصفه فريق من أطباء بلا حدود بـ "غير المسبوق". إنه فيروس مميت، ولم يثبت أن له لقاح أو علاج.

هل أصبح الوضع مثيرا للذعر؟

الجواب الذي صرح به العاملون في مجال الرعاية الصحية ردا على تفشي إيبولا في غرب أفريقيا منذ شهر كان بالنفي، "لا".

إن انتقال العدوى يستوجب ملامسة مباشرة لحامل الفيروس وهو الأمر الذي يقلل من فرضية انتشار الوباء على نطاق واسع.

وبالرغم من محاولة مسؤولي الرعاية الصحية تجنب خلق حالة هستيريا وسط السكان، فإنهم يحاولون أيضا التشديد على أن يحرص الناس الذين يعيشون في المناطق المهددة على مراقبة الأعراض وتجنب الاتصال المباشر مع الأشخاص الذين يعانون من المرض وتجنب تقاليد الدفن التي تقتضي لمس الموتى.

يقول دانيال باوش، مدير علم الفيروسات في وحدة الأبحاث الطبية التابعة للبحرية الأميركية في ليما، بيرو، في إشارة إلى عاصمة غينيا، أنك "إذا ذهبت إلى كوناكري الآن، فمن المرجح أنك لن تصاب بعدوى إيبولا، إذا ما حاولت تجنبه".

تنتقل عدوى إيبولا من خلال سوائل الجسم، بواسطة الدم أو اللعاب أو العرق، لدى المصابين بالمرض. أمر آخر مهم جدا، هو أن المرض يبقى في حضن المصاب لمدة قد تصل إلى 21 يوما قبل أن تظهر الأعراض عليه، علما أنه لا يمكن بأي حال أن يُعدي شخصا آخر خلال هذه الفترة.

ويشير الخبراء الطبيون أن أعراض المرض الحادة (نزيف داخلي وخارجي، ارتفاع درجة الحرارة، آلام في العضلات، والتقيؤ) تجعل من غير المحتمل البقاء على اتصال مباشر بالشخص المريض.

وكما هو شائع، فعمال الرعاية الصحية هم الأكثر عرضة للعدوى بإيبولا عند مزاولتهم عملهم.

يقول ألفيس نداو، وهو طالب في القانون بكوناكري، أن السكان يتخذون الاحتياطات اللازمة، لذا فحالات الذعر في المدينة قليلة.

ويضيف أنه يغسل يديه باستمرار، وأن البعض دأبوا على تغسيل أطفالهم بمحلول منظف قبل و بعد المدرسة. ومع ذلك فالناس يخرجون هنا وهناك.

"الجميع يذهب إلى عمله بشكل عادي" يقول ألفا با، وهو سائق سيارة أجرة في العاصمة، مشيرا إلى أنه كان يعاين نفس حركة المرور كما في السابق.

ولكن عدد حالات  الإصابة بالمرض ظلت في ارتفاع مستمر، بموازاة مع حملات وسائل الإعلام المحذرة من أعراض إيبولا الرهيبة، وأنه يقتل حوالي 90 ٪ من المصابين.

لقد أكدت الفحوص الطبية، اعتبارا من يوم السبت الأخير، أن 54 حالة من إيبولا سجلت في غينيا واثنتين في ليبيريا، وفقا لما ذكرته منظمة الصحة العالمية. كما يشتبه في وجود 107 حالات أخرى، معظمها في غينيا.

خرج سكان العاصمة مالي باماكو الى الشوارع احتجاجا على تقارير تفيد بوجود أشخاص يشتبه في حملهم عدوى المرض تم احتجازهم في عزلة في الجوار.كما اشتعلت موجات من الغضب في جنوب غينيا عندما هاجم المتظاهرون مركزا صحيا يأوي المرضى المصابين بفيروس إيبولا .

وكانت السنغال قد أغلقت حدودها مع غينيا، وشدد المغرب من تدابير الرقابة على حدوده، فيما دعت فرنسا الأطباء والمستشفيات لتوخي الحيطة والحذر تحسبا لأية أعراض الفيروس.

صباح الجمعة الماضي، اجتمع أفراد طاقم الخدمات الطبية بطائرة تابعة للخطوط الفرنسية إير فرانس في باريس، بعد عثور المضيفات على آثار قيء في واحدة من حمامات الطائرة القادمة من كوناكري. وقال المتحدث باسم شركة الطيران، سيدريك لاندي، أنه تم الإفراج عن جميع الركاب وافراد طاقم الطائرة بعد أن لم تظهر أية علامات الحمى.

وفي حين أن البعض من هذه الإجراءات التي تزرع الرعب بين المسافرين أضحت لا مفر منها، يقول مسؤولو الصحة أن الكثير منها غير ضروري، فمنظمة الصحة العالمية، مثلا، لا توصي بوضع أية قيود على السفر لأن ذلك لن يجدي شيئا.

شدد غريغوري هارتل، المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة في جنيف، على أن انتشار الوباء لم يكن أمرا غير عادي خصوصا بالنسبة  للأجانب، لكن أطباء بلا حدود أكدوا أن المرض نادرا ما قد ينتشر في منطقة شاسعة .

وقد استطاع المجتمع الدولي احتواء تفشي الوباء، بتوفير وسائل ومعدات واقية للعاملين في الرعاية الصحية، وعزل المرضى وتتبع كل الأشخاص الذي لهم اتصال بالمصابين، كما جاء في حديث جون أوكونور من المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض، الذي لديه فريق في غينيا.

" إن الأمر لا يختلف كثيرا عن حالات سابقة"، يعلق هارتل.

* سارة دي لورينزو