قال مجلس الشورى لحركة لنهضة التونسية أنّ الانتخابات الرئاسيّة تحتاج إلى فتح حوار واسع وعميق حولها بين مختلف الفاعلين السياسيّين والاجتماعيين بهدف الوصول إلى أوسع توافق ممكن حول شخصيّة وطنيّة تواصل العمل من أجل تحقيق أهداف الثورة وترسيخ البناء الديمقراطي و ثمّن في بيان له  عقب انعقاد دورته الخامسة والعشرين الأحد « توافق الحوار الوطني حول ترتيبات الاستحقاقات الانتخابيّة المقبلة » داعيا المجلس الوطني التأسيسي إلى الإسراع بتحديد تاريخ نهائي للانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة في أقرب وقت.

وجاءت الدعوة  الى البحث عن شخصية توافقية لمنصب الرئيس لتطرح الكثير من الأسئلة حول دوافعها الحقيقية، خصوصا وأن أعضاء مجلس شورى النهضة يمثّلون قواعد شعبية تميل الى التشدد في مواقفها، أولا لعدم معرفتها بطبيعة الضغوط التي تتعرض لها قيادة الحركة داخليا وخارجيا ، وثانيا لإحساسها بخيبة الأمل في تحقيق مشروعها العقائدي على أرض الواقع ،وثالثل لمواقفها المعادية للأحزاب والحركات المنافسة وعلى رأسها حركة نداء تونس التي يمثل مشروعها نقيض مشروع قوى الإسلام السياسي في تونس 

دعوة بلا صدى 

دعوة البحث عن توافق حول مرشح للرئاسة لن تجد صدى لمعطيات عدة منها أن الفاعلين السياسيين والإجتماعيين في البلاد لا يمثّلون ألا نسبة بسيطة من عموم الشعب ، وهناك أحزاب تحظى بالحضور الإعلامي المكثف ، وتشارك في الحوار الوطني وفي التصويت على القرارات داخله ،غير أنها  تفتقد الى أي حضور مؤثر في الشارع ، كما أن التونسيين في غالبيتهم الساحقة لا يريدون تكرار ما حدث بعد إنتخابات المجلس الوطني التأسيسي عندما تم إختيار رئيس للدولة عبر التوافق بين مكونات الترويكا ، حيث وصل المنصف المرزوقي الى سدة الرئاسة في قصر قرطاج بسبعة الاف صوت فقط ، عندما ترشح لعضوية المجلس الوطني التأسيسي ، وقد فاز بإحتساب بواقي الأصوات ، ثم تم ترشيحه لمنصب الرئيس من داخل التحالف الأغلبي بالمجلس الوطني التأسيسي ، وطبقا لحسابات سياسية ذات علاقة بتوازنات داخلية وخارجية 

وكانت حركة النهضة بعد إنتخابات أكتوبر 2011 قد تحالفت مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي للعمل والحريات وتقاسمت معها السلطة لضمان الأغلبية داخل التأسيسي ، غير أن المشهد إختلف لاحقا بعد التصدع في صفوف حلفائها ، مما جعلت تبحث عن حلفاء جدد وجدت بعضهم في المستقلين والمنشقين الطامحين الى ضمان مصالحهم السياسية معها في المرحلة القادمة 

دوافع قوية

ونتيجة للتحولات التي تشهدها المنطقة العربية ، وللخسائر التي تكبدها الإسلاميون وخاصة في مصر ، وللمأزق الذي يتعرضون له في ليبيا ، ولفشل رهاناتهم في دول أخرى ، وكذلك للتحولات التي يشهدها المزاج الشعبي العام في تونس ، ولتراجع شعبية الإسلاميين في تونس ، باتت حركة النهضة تعمل على تأمين وضعها من خلال تلميع صورتها في الغرب وتقديم نفسها على أنها حركة ديمقراطية تتنازل عن مكاسبها لمصلحة البلاد ، وكذلك من خلال البحث عن ضمانات لها في الداخل ،أخرها الدعوة الى الإتفاق حول رئيس توافقي ، بما يعني التوافق حول مرشح تطمئنّ له ، وتتحالف معه ، وتتفق معه في المواقف داخليا وخارجيا ، ويكون قريبا من قناعاتها ورؤاها ، وهذا المرشح ، حسب بعض الفاعلين داخل الحركة ،  يمكن أن يكون الرئيس الحالي منصف المرزوقي أو زعيم الحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي ، أو سكرتيرها العام المتخلّي حمادي الجبالي ،أو رئيس الحكومة السابق علي العريض ، 

السبسي مستهدف 

ولا يخفي الإسلاميون التونسيون رفضهم للباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس لأسباب عدة منها أنه يدافع عن النموذج المجتمعي التونسي السائد ويعتبر إمتدادا للرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة رائد مشروع الحداثة في تونس ، كما أنه يرفض وبقوة أخونة مفاصل الدولة ، وقاد معركة طويلة ضد مشاريع الإقصاء والإجتثاث التي كانت القوى الراديكالية من داخل حركة النهضة تسعى لفرضها ، وكان من أؤل المنادين بحل رابطات حماية الثورة ، إضافة الى مواقفه الخارجية ودعمه لثورة الثلاثين من يوليو في مصر وترحيبه بإنتخاب عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر ، ومساندته لعملية الكرامة التي ينفذها الجيش الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر ضد التكفيريين والخارجين عن القانون وحكم الإخوان ،وللإرتباط بعلاقات متوازنة مع جميع الدول العربية ، وإحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ،  وكل هذه المواقف لا ترضي أنصار حركة النهضة وقياداتها المركزية والقاعدية ، وترى فيها تناقضا مع مواقفها ومصالحها وحساباتها الحالية والمستقبلية