قالت مصادر مطّلعة إن خلافات كبيرة تشق ما تبقى من تنظيم جماعة الإخوان المسلمين بسبب محاولات تبذلها بعض القيادات للمصالحة مع السلطات، وهو موقف تعارضه مجموعات شبابية داخل التنظيم.

ولفتت المصادر إلى أن إجماعا حصل داخل الجماعة حول ضرورة إنهاء المواجهات ووقف خيار التصعيد ضد السلطة، وهو تصعيد ألّب عليها الشارع المصري، لكن مجموعات شبابية غالبيتها من الطلبة تتمسك بخيار المواجهة.

وفي الوقت الذي تصر فيه هذه المجموعات على استمرار نهج العنف، جاءت دعوة الإخواني راغب السرجاني لقيادات وشباب الجماعة أخيرا بطاعة الرئيس عبدالفتاح السيسي حتى لا يقعوا في مخالفة شرعية.

وأكد السرجاني، وهو أحد القيادات الدعوية بجماعة الإخوان، في مقال نشره عبر موقع “قصة الإسلام” تحت عنوان “والله أعلم بالظالمين” وجوب طاعة الحاكم، حتى لو كان “ظالما” درءا للفتنة، محذرا من خطورة رفع السلاح على المسلمين أو الجهاد ضد الدولة.

واعتبر مراقبون أن دعوة السرجاني محاولة لما يمكن وصفه بـ”الشرعنة السياسية”، مع أنها أثارت حالة كبيرة من الجدل وسط قواعد وشباب جماعة الإخوان المسلمين، الذين عبروا عن غضبهم من الرجل، خاصة أنه أحد قيادات الجماعة الدعوية، وعضو الجبهة الشرعية للحقوق والإصلاح.

وقد شنت صفحات إخوانية على مواقع التواصل الاجتماعي هجوما على السرجاني ووصفت دعوته بأنها “مغازلة للسلطة من أجل الحصول على منصب حكومي”.

واعتبر المراقبون الدعوة مجرد مناورة إخوانية لتهيئة قواعد الجماعة، للقبول بفكرة المصالحة مستقبلا، والتي تسعى إليها منذ فترة، وإخراجها بطريقة تبدو لائقة.

وقالت صحيفة العرب نقلا عن مصدر أمني إن هناك عدة شروط أساسية للحديث عن فكرة المصالحة، أهمها وقف العنف بكافة أشكاله، وكبح الجماعات التكفيرية القريبة من الإخوان، وترك القضاء يأخذ مجراه مع كل من تلوثت أياديهم بدماء المصريين، بمعنى لا إفراج عن القيادات المتورطة في أعمال جنائية، وأن يصدر التنظيم الدولي للإخوان بيانا يعترف فيه بما جرى في 30 يونيو 2013 وما تلاه من نتائج سياسية على مستويات مختلفة.

وتوقع منير أديب الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أن تكون دعوة السرجاني قد تم عرضها على قيادات الإخوان قبل نشرها، مشيرا إلى أنها محاولة لتهيئة الصف الإخواني للقبول بوقف المظاهرات.

وأوضح أديب أن السرجاني سعى من خلال كلماته إلى التأكيد على أهمية فكرة المصالحة، والتوقف عن رفع السلاح في وجه الدولة.

واعتبر أن هجوم شباب الإخوان على السرجاني يعود إلى عدم تصديقهم أن تقدم الجماعة على التصالح مع الدولة، منوها إلى أن إتمام عملية المصالحة قد يؤدي إلى حدوث انهيارات وانشقاقات كبيرة في جسد الإخوان.

وشهدت جماعة الإخوان خلال الفترة الماضية دعوات متفرقة من داخل السجون، تدعو إلى الاعتذار للشعب المصري والاعتراف بالأخطاء عن الفترة التي تولت فيها السلطة، وبدأت الدعوات من محافظة السويس بعد أن تقدم 9 من قيادات الإخوان المحبوسين بطلب للتصالح مع الدولة والاعتراف بثورة يونيو.

كما دعا محمد السروجي، القيادي الإخواني المحبوس بسجن طرة، في رسالة من سجنه، إلى حل مجلس شورى الجماعة، وإجراء انتخابات لاختيار قيادات جديدة.