يواصل الجيش التونسي تحركاته الميدانية في مختلف المحافظات لتطويق الجماعات المتشددة وحصر نشاطها الإرهابي استنادا إلى استراتيجية أمنية آتت أكلها في المدة الأخيرة، حيث تمكنت الوحدات العسكرية من اكتشاف أكثر من 60 مخيما لعناصر إرهابية متمركزة في الجبال والمرتفعات غرب البلاد، تستعملها للتدريب والاحتماء.

ووفقا لصحيفة العرب، أوضح بلحسن الوسلاتي الناطق باسم وزارة الدفاع التونسية أن مخيمات المجموعات الإرهابية تقع أغلبها في جبال محافظة القصرين من بينها جبل السلوم والشعانبي وهو البؤرة الرئيسية التي تتمركز بها عناصر كتيبة عقبة بن نافع قرب الحدود الجزائرية.

وتعد كتيبة عقبة بن نافع امتدادا لتنظيم داعش في تونس بعد أن أعلنت مبايعتها للبغدادي وتمثل خطرا حقيقيا على أمن واستقرار البلاد. وتقف الكتيبة خلف أغلب العمليات الإرهابية في تونس بما في ذلك الهجوم الذي استهدف متحف باردو في مارس الماضي والذي أوقع 24 قتيلا بينهم 22 سائحا أجنبيا.

وأضاف بلحسن الوسلاتي، أن قوات الجيش اكتشفت أيضا مقابر جماعية في جبل الشعانبي يلجأ إليها عناصر الجماعات المتطرفة عند المواجهة مع الأمن.

وأفاد، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء التونسية الرسمية، بأن تلك المقابر “أعدّت لإخفاء الجثث بهدف إبعادها عن العيون”.

واعتبر أن دافع الجماعات المتطرفة وراء إخفاء خسائرها هو “استقطاب عدد آخر من الأفراد لتعزيز صفوفها”، كما أنها تسعى إلى الظهور بمظهر القوي غير القابل للهزيمة، مؤكدا أن مثل هذه الممارسات تدخل “في باب حرب الأشباح التي من شأنها إدخال الشك في نفوس القوات العسكرية وكذلك الشعب الذي لن يكون متأكدا من النجاح في القضاء على هذه العناصر دون رؤية الدليل على ذلك والمتمثل في جثث الإرهابيين”.

ويخوض الجيش التونسي منذ أكثر من ثلاث سنوات مواجهات مفتوحة ضد الكتائب الجهادية المتطرفة، وقد خلفت تلك المواجهات التي تتركز أساسا في المناطق الحدودية، عشرات القتلى والجرحى من الطرفين. ودعما للقدرات العسكرية قامت الحكومة الحالية برئاسة الحبيب الصيد بالرفع في ميزانية وزارة الدفاع بهدف توفير كل المعدات الضرورية لدحر العناصر الإرهابية المتحصنة بالجبال.

وعرف الإرهاب في تونس منحى تصاعديا حيث انطلق من تفجير الألغام إلى نصب الكمائن واستهداف وحدات الأمن والجيش ثم تنفيذ هجمات نوعية على مناطق حساسة ومراكز أمنية في مختلف مناطق البلاد.

وتعد التهديدات الإرهابية التي تواجهها تونس تهديدات إقليمية على اعتبار اشتراك حدود ليبيا مع الدول الأفريقية من جهة وبقية دول المغرب العربي من جهة أخرى، وكثيرا ما حذر خبراء أمنيون وعسكريون والعديد من وسائل الإعلام من تنامي الأنشطة الإرهابية في تونس سواء تلك المتعلقة بتهريب الأسلحة من وإلى ليبيا والجزائر أو من خلال عمليات التجنيد.

ويرى مراقبون أن حدود ليبيا تعتبر بؤرة توتر تغيب فيها الدولة والسلطة وتستقطب كل أشكال التطرف، وهي ساحة مهيّأة للتدريب على استعمال السلاح المنتشر بكثافة في ليبيا، وسبق للجنرال ديفيد رودريغز قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا أن كشف عن وجود معسكرات تدريب في المناطق الواقعة شرقي ليبيا تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية.

وكشفت تقارير أمنية أن عدد التونسيين الذين يتلقون تدريبات عسكرية في معسكرات ليبية يتجاوز 500 شخص منهم من كان يقاتل في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، ومنهم من كان في شمال مالي، ومنهم من سافر إلى ليبيا من تونس بعد سقوط نظام معمر القذافي. وأمام هذا الوضع دفعت تونس بتعزيزات عسكرية على الشريط الحدودي مع ليبيا، بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها والممثلة في تغول تنظيم داعش وقيامه بأعمال إرهابية خطيرة، وقد شملت التعزيزات العسكرية المدعومة بوحدات من الحرس الوطني والجمارك كامل الشريط الحدودي البري والبحري، من أجل تأمينه ومنع أي تهديد من شأنه زعزعة استقرار تونس.