تدرس الأمم المتحدة إمكانية الموافقة على عمل عسكري أوروبي لمكافحة مهربي البشر في المياه الإقليمية الليبية وداخل الموانئ والمرافئ على طول السواحل الليبية، وذلك حسب ما علمت به صحيفة التلغراف.
ويعمل دبلوماسيون بريطانيون على صياغة قرار لمجلس الأمن الدولي بشأن السماح باستخدام القوة العسكرية من قبل البحرية الأوروبية لمكافحة عصابات الاتجار بالبشر، التي تعمل بحرية في هذا البلد الشمال إفريقي الذي يعيش حالة من الفوضى.
وقد تنضم للمشاركة في ضربات عسكرية محتملة على الموانئ والسواحل قوات البحرية البريطانية (HMS Bulwark) التي كانت قد انضمت إلى عملية البحث والإنقاذ في عرض المتوسط في وقت سابق من هذا الشهر، حيث أنقذت حوالي 600 مهاجر حاولوا العبور نحو الأراضي الإيطالية.
وتتميز هذه السفينة الحربية، التي يبلغ وزنها 19000 طن، بتوفرها على منصة استقبال طائرات الهليكوبتر وبكونها مجهزة بجناح خاص بمشاة البحرية الملكية.
تحتاج صياغة قرار للأمم المتحدة لبعض اللمسات الأخيرة. وقد جاء في ورقة أعدها الاتحاد الاوروبي هذا الأسبوع أن العمليات العسكرية المحتملة قد تحتاج لوحدات من القوات الخاصة من أجل تدمير مواقع المهربين، بما فيها أماكن تخزين الوقود.
وسيتم تعميم قرار الأمم المتحدة بعد لقاء سيُعقد الإثنين بين فيليب هاموند ونظرائه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة خيارات استخدام القوة العسكرية ضد شبكات التهريب الليبية.
ومن المتوقع أن يتم اتخاذ قرار رسمي خلال هذا الاجتماع يقضي بالقيام بمهمة عسكرية، ومن المرتقب أن يُطلب من القادة العسكريين الأوروبيين وضع خطط لها.
ويُتوقع أن تُعطى الانطلاقة لهذه العملية بمناسبة انعقاد قمة للاتحاد الاوروبي في يونيو حزيران المقبل.
وتكمن أهمية قرار الأمم المتحدة في كونه يوفر غطاء قانونيا دوليا لعمليات عسكرية خارج أراضي ومياه الاتحاد الأوروبي.
قال دبلوماسي أممي رفيع إن "المهمة ستركز على تفكيك تجارة هؤلاء المهربين الذين يجنون ملايين الدولارات من هذه التجارة الفظيعة".
وسيكون الهدف الرئيسي منها هو تدمير قوارب المهربين، على غرار العمليات العسكرية الناجحة التي نفذت ضد القراصنة الصوماليين في المحيط الهندي.
ومن المستبعد أن يتمكن مجلس الأمن من التصويت على القرار قبل الشهر المقبل بسبب مناقشة المخاوف الروسية بشأن احتمال تفاقم استقرار ليبيا نتيجة لعملية عسكرية من هذا الحجم.
ويُتوقع أن يحدد القرار ثلاث مناطق جغرافية لتكون هدفا لعملية عسكرية ترمي لتدمير شبكات التهريب، في أعالي البحر الأبيض المتوسط والمياه الإقليمية والسواحل الليبية.
أما المنطقة الثالثة وهي الأكثر إثارة للجدل، فهي التي ستستدعي استخدام قوات خاصة لتعقب قوارب التهريب في الموانئ والشواطئ، بل والوصول إلى القواعد والمعسكرات التي تستخدمها عصابات التهريب، وذلك بالرغم من تأكيدات دبلوماسية سابقة من أنه لن تكون هناك "عمليات برية ".

الأمم المتحدة لا تناقش تفاصيل أي عمل عسكري

لكن، تلك ستكون مهمة فيديريكا موغيريني، منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وقد صرح دبلوماسي أممي رفيع أن قرار الأمم المتحدة سيبين بوضوح أن العملية العسكرية ستكون جزءً من عملية واسعة بقيادة بحرية الاتحاد الأوروبي.
"إننا نتحرك هنا بالموازاة مع التحركات في بروكسل" يضيف ذات المسؤول.
هذا واعترضت روسيا، التي تملك حق النقض في المنظمة الدولية، على استخدام كلمة "تدمير" في إشارة إلى قوارب المهربين.
ولتفادي اعتراضات موسكو، قد تُستبدل هذه الكلمة بعبارة "مراقبة، حجز وتعطيل القوارب".
"إن المرجع في مثل هذه العمليات هو العملية التي نفذت ضد القراصنة الصوماليين. لن يكون هناك أي شكل من أشكال الغزو البري"، يقول الدبلوماسي.
لكن القوات الأوروبية قد تجد نفسها أمام عمليات إطلاق نار من قبل الميليشيات والمهربين الليبيين المدججين بالأسلحة في حالة وصولها إلى الشواطئ أو الموانئ على السواحل الليبية.
قد يتعرضون لهجومات بواسطة "الأسلحة الثقيلة (بما فيها بطاريات المدفعية الساحلية) كما من قبل ميليشيات الجيش القوية"، يقول تحذير جاء في ورقة الاتحاد الأوروبي الاستراتيجية. هذا فضلا عن الخطر القادم من "الدولة الإسلامية" (داعش)، التي أصبح لها وجود في بعض المناطق الليبية.
وبالموازاة مع ذلك، يسعى زعماء الاتحاد الأوروبي أيضا إلى الحصول على دعم السلطات الليبية للقيام بعمل عسكري بتفويض من الأمم المتحدة.
لكن يبقى هذا بمثابة تحدي كبير بالنظر إلى كون الحكومة الليبية لا تتوفر على إدارة مركزية متمكنة.
ومعلوم أن الحكومة المعترف بها دوليا اضطرت لمغادرة العاصمة طرابلس، ويوجد مقرها حاليا في مدينة طبرق الساحلية الشرقية.
وقد اضطر القادة الأوروبيون للتحرك في هذا المنحى بعد وقوع سلسلة من الحوادث المأساوية في عرض البحر الأبيض المتوسط، منها تلك التي وقعت الشهر الماضي، حين غرق قارب تهريب وعلى متنه حوالي 800 مهاجر محاصرين داخله.
ولم ينج منهم سوى 28 شخصا، من بينهم مهربان أودعا السجن في صقلية في انتظار المحاكمة.
في المجموع، لقي حوالي 1800 مهاجرا حتفهم وهم يحاولون عبور المتوسط خلال هذا العام.