رفض مجلس الشيوخ الإيطالي في جلسة صاخبة أمس الثلاثاء، دعوة اليميني المتطرف ماتيو سالفيني بالتصويت بسرعة على حجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء جوسيبي كونتي، وقرر بدلاً من ذلك السماح لكونتي بإلقاء كلمة أمام المجلس حول الأزمة في 20 أغسطس(آب) الجاري.
وطلب وزير الداخلية زعيم حزب "الرابطة" المعادي للهجرة سالفيني التصويت بحجب الثقة بعد انسحابه من التحالف الأسبوع الماضي، إلا أن غالبية أعضاء مجلس الشيوخ من شركاء عضو الائتلاف السابق حركة "الخمس نجوم" ومن المعارضة رفضوا الطلب.
وتم استدعاء مجلس الشيوخ في ذروة فصل العطل بعد أن فشل زعماء التجمعات السياسية في المجلس أمس الإثنين، في الاتفاق على جدول زمني للتصويت على حجب الثقة عن الحكومة طالب به سالفيني.
ودعا سالفيني الأسبوع الماضي إلى إجراء انتخابات عاجلة بعد أن سحب حزبه من التحالف الذي يضم حركة "الخمس نجوم" المعادية للمؤسسات، ما أدخل البلاد في أزمة، ورغم أن الحكومة لا تزال قائمة، دعي مجلس الشيوخ ليقرر ما إذا كان سيصوت على حجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء جوزيبي كونتي، المستقل الذي وافق عليها نائب رئيس الوراء سالفيني وزعيم "الخمس نجوم" لويجي دي مايو العام الماضي.
وكان قرار مجلس الشيوخ متوقعاً، إذ تمتلك حركة "خمس نجوم" و"الحزب الديموقراطي" المعارض ما يكفي من الأصوات لإفشال محاولة سالفيني للإطاحة بالحكومة.
ويسعى سالفيني إلى تشديد الضغوط وصولاً إلى التصويت على مذكرة بحجب الثقة عن حكومة كونتي في مهلة أقصاها 20 أغسطس (آب) الجاري وفرض انتخابات مبكرة في الخريف، مراهناً على استطلاعات للرأي تمنحه 36 إلى 38% من نوايا التصويت التي انعكست عمّا كانت عليه في ربيع العام 2018 حين كانت تتوقع نيل حركة خمس نجوم 32% من الأصوات مقابل 18% للرابطة.
وأنهى الزعيم الشعبوي سالفيني فعلياً الائتلاف الحاكم الخميس الماضي، وقال إنه لا يريد مواصلة العمل مع حركة النجوم الخمس بسبب رفضها التعاون بشأن قضايا رئيسية، وشهد الحزبان انخفاضاً كبيراً في التأييد الشعبي منذ تشكيل الحكومة بعد فوز حزب الخمس نجوم بأكثر من 32% من الأصوات وحزب "الرابطة" بـ 17 من الأصوات في 2018.
ويروج سالفيني، الذي يعشق مواقع التواصل الاجتماعي، لنفسه على أنه "رجل الشعب" من خلال سلسلة من صور السيلفي على الشاطئ وهو بلباس البحر، ويسعى إلى الاستفادة من النتائج القوية التي حققها حزب "الرابطة" في انتخابات البرلمان الأوروبي عندما حصل على 34% من الأصوات، أي ضعف أصوات حركة "الخمس نجوم".
إلا أن الحركة تعارض إجراء انتخابات عاجلة، ودعا زعيمها دي مايو البرلمان إلى القيام أولاً بتطبيق الإصلاحات البرلمانية المخطط لها التي ستخفض عدد النواب من 950 إلى 605 نواب، وهو ما سيضعف قوة حزب "الرابطة".
ويمكن لحركة "الخمس نجوم" وغيرها من الأحزاب دعم حكومة انتقالية لتمرير الإصلاحات البرلمانية وميزانية العام المقبل، لتجنب ارتفاع تلقائي لضريبة القيمة المضافة التي أثرت على الطبقة غير الغنية بشكل كبير.
إلا أن الحزب الديموقراطي يعاني من الكثير من الانقسامات بين الموالي لماتيو رينزي الذي تولى رئاسة الحكومة من فبراير(شباط) 2014 إلى ديسمبر(كانون الأول) 2016، والذي لا يزال من قادة الحزب الديموقراطي، وأنصار الزعيم الحالي للحزب نيكولا زينغاريتي، وسط حديث عن انقسام الحزب.
وينقسم الحزب الديموقراطي وحركة "الخمس نجوم" حول تشكيل تحالف ارتجالي مع بعضهما البعض، وهو ما يرفضه الحزب الديموقراطي بعد انتخابات مايو(أيار) الماضي، ما أدى إلى تحالف بين "الخمس نجوم" و"الرابطة".
وقال دي مايو أمس "لا أحد يرغب في الجلوس على الطاولة مع رينزي"، ويسعى سالفيني كذلك إلى عقد تحالفات سواء في مجلس الشيوخ وللانتخابات المحتملة مع حزب "فورزا إيطاليا" الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو بيرلسكوني، وحزب "فراتيلي ديتاليا" بزعامة جورجيا ميلوني.
ورغم أن الحزبين يمكن أن يحصلا على نسبة تتراوح ما بين 6 إلى 8% من الأصوات في الانتخابات، فلن يتمكنا من توفير الدعم الكافي في مجلس الشيوخ، وتمتلك الأحزاب اليمينية الثلاثة 137 مقعداً من مقاعد مجلس الشيوخ الـ 315، بينما تمتلك حركة "الخمس نجوم" والحزب الديموقراطي معاً 158 صوتاً.