تعتبر الزنتان إحدى مدن ليبيا في قمم الجبل الغربي،  وتعتبر ثاني تجمع حضري من حيث الكثافة السكانية بعد مدينة غريان،  وهي تجمع قبلي بطابع البداوة،  لديها امتداد فلاحي رعوي في اتجاه منطقة الحمادة الحمراء الصحراوية في اتجاه الجنوب.

غير أن المنطقة قد ذاعت شهرتها منذ التحاقها بأحداث 17 فبراير 2011 ضد العقيد الليبي الراحل معمر القذافي في حركة فاجأت جميع المراقبين في الداخل و الخارج. ومنذ سقوط النظام بقيت كتائب المدينة تسيطر على عديد المواقع داخل العاصمة طرابلس،  قبل أن تخرج منها اثر عملية "فجر ليبيا" في العام 2014.

انكفأت فصائل الزنتان بعد خروجها من طرابلس في 2014 إلى مدينتها الواقعة جنوب غرب العاصمة. وتعارض هذه الفصائل التيارات الإسلامية وأبقى عدد منها على صلات مع حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي في الوقت نفسه. وتسيطر هذه الفصائل على حقول النفط في غرب البلاد. وعينت حكومة الوفاق أخيرا ضابطا من الزنتان قائدا عسكريا على المنطقة الغربية.

فهذه المدينة ذات الطابع القبلي منقسمة في ولاءاتها للأطراف المتصارعة بالبلاد إذ تتبع الحكومة المؤقتة في الشرق إداريا إلا أن العديد من مجموعاتها المسلحة تابعة لحكومة الوفاق بطرابلس.

وظهر هذا الانقسام جليا تزامنا مع بداية العملية العسكرية التي أطلقها الجيش الليبي لتحرير طرابلس في أبريل الماضي، حيث تقاتل مليشيات من الزنتان الآن تحت قيادة أسامة الجويلي في صفوف المجموعات لحكومة الوفاق بطرابلس،  وقد ارتكبت هذه المليشيات عدة خروقات للقانون الدولي الإنساني وجرائم حرب.

ولعب أسامة جويلى دورا بارزا فى التحالف مع المليشيات المسلحة فى العاصمة طرابلس وتوزيع الأدوار على قادة التشكيلات التى تتمركز داخل العاصمة.

وينحدر أسامة جويلى من مدينة الزنتان وهو من مواليد عام   1961 و تم تعيينه وزيرا للدفاع فى الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الرحمن الكيب،  واتهم بمحاولة تشكيل مليشيات مسلحة موازية للجيش الليبى أطلق عليها "قوات درع ليبيا" ذات الولاء الاخواني.

وتنشط مليشيات "الزنتان" الموالية لقائد ما يسمى المنطقة الغربية العسكرية التابعة لحكومة الوفاق في طرابلس أسامة الجويلي،  ويعاونه في إدارة عمليات هذه المليشيات عماد الطرابلسي.

وتساند هذه المليشيات مجموعات أخرى من الجبل الغربي ومن مليشيا تدعى "أحرار الزنتان" تأتمر بإمرة "عبدالرؤوف الحاري.

في نفس الإطار،  كشفت   وكالة رويترز نقلا عن مصدر داخل حكومة الوفاق،  عن الأهداف وراء قرار اعتبار 710 مقاتلين لاقوا حتفهم في معارك 2014 "شهداء" حيث أكدت الوكالة،  أن حكومة الوفاق تهدف بالقرار كسب دعم القوات في الزنتان القريبة في المعركة ضد قوات الجيش الليبي.

وقال المصدر الحكومي "الحكومة اتخذت هذه الخطوة في محاولة للحصول على الدعم من بلدة الزنتان الجبلية وذلك من أجل تقوية قواتها في مواجهة الجيش الليبي في معركة طرابلس".

من الجانب المقابل، أعلن العقيد رمضان بورقيقة،  مدير مطار طرابلس الدولي السابق،  وأحد قادة الزنتان العسكريين،  انشقاقه عن الحرب ضد الجيش الوطني التي تقوم بعملية عسكرية لتحرير طرابلس من الميليشيات المسلحة،  داعيًا إلى حقن الدماء بيان أوردته وكالة الجماهيرية للأنباء في شهر أبريل.

وقال"بورقيقة" في بيان انشقاقه،  الذي اعتبر فيه أن المشير خليفة حفتر قائد قوات الكرامة،  هو من زرع بذرة المؤسسة العسكرية،  "إنه يبريء نفسه من الخوض في هذه الحرب،  حتى يفيء إلى أمر الله".

ودعا "بورقيقة"،  كل من عبدالسلام الحاسي،  آمر غرفة عمليات طرابلس التابعة لقوات الكرامة،  وأسامة جويلي آمر المنطقة العسكرية الغربية برئاسة آركان الوفاق،  ومحمد الحداد،  آمر المنطقة العسكرية الوسطى،  إلى الوقوف مع الحق وتجنب الدماء ما استطاعوا.

في ذات الإطار، أعلن أعيان ومشايخ مدينة الزنتان الليبية،  السبت الماضي،  دعم القبائل لوحدة التراب الليبي ضد التدخل التركي القطري في شؤون بلادهم عبر دعم والمليشيات المسلحة.

وقال بلعيد الشيخ،  مستشار القيادة العامة للجيش للشؤون الاجتماعية،  إن زيارة مشايخ وأعيان مدينة الزنتان جنوب غرب طرابلس،  للقيادة العامة،  السبت الماضي،  تؤكد دعم المدينة للجيش الوطني في مكافحة المليشيات والجماعات الإرهابية.

وتابع الشيخي في تصريح  لـ"العين الإخبارية" أن مشايخ وأعيان وشباب الزنتان أكدوا دعمهم للجيش الليبي وأنهم تحت أوامر القيادة ضد التدخل الأجنبي في البلاد.

وشدد المنسق الاجتماعي للجيش (بلعيد الشيخ) أن شيوخ مدينة الزنتان أوضحوا أن القيادي المليشياوي أسامة الجويلي لا يمثل قبيلة الزنتان مع مليشياته المسلحة "المارقة والمرتزقة".

وأوضح أن من يؤيد الجويلي لا يمثلون الزنتان وهم عملاء وخونة ومرتزقة من "عبدة الدولار"،  حسب قوله.

وأشار إلى أن مدينة الزنتان خرج منها العديد من الشباب للمشاركة في صفوف الجيش الوطني الليبي كقوات إسناد،  مثنياً على جهودهم في مقارعة الإرهاب في طرابلس والقضاء عليه.

وكان مشايخ وأعيان وحكماء مدينة الزنتان وأعضاء المجلس التسييري للبلدية قد قاموا،  رفقة آمر المنطقة العسكرية الغربية اللواء إدريس مادي،  بزيارة مقر القيادة العامة للجيش الليبي بالرجمة شرقاً.

والتقى الوفد القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير خليفة حفتر،  للتهنئة بانتصارات القوات المسلحة في غرب البلاد وجنوبها.

وأكد الوفد للمشير حفتر وقوفهم التام خلف الجيش في حربه على الإرهاب والمليشيات الإجرامية وبنائه الدولة المنشودة لكل الليبيين.

في شهر أبريل، كشفت  كتيبة طارق بن زياد التابعة للجيش الليبي عن  نزول قوات لواء برق النصر من الزنتان إلي العاصمة طرابلس واستلام محور طريق المطار.

وقد نشرت، نشرت شعبة الإعلام الحربي،  التابع لقوات الجيش الوطني،  فيديو لزيارة عدد من مشايخ وحكماء وأعيان مدينة الزنتان إلى عدد من محاور القتال،  من بينها محور مطار طرابلس الدولي.

وحسب التسجيل الذي نشرته صفحة شعبة الإعلام الحربي،  وجه أحد مشايخ الزنتان،  الشكر لجنود وضباط قوات الجيش الوطني،  على جهودهم لصالح الوطن،  موضحًا أن ذلك ليس لصالح مناصب أو مكسب مالي.

في نفس الإطار، رفض متظاهرون في وسط مدينة الزنتان وجود المليشيات المسلحة التي تحكم سيطرتها على العاصمة وتعيث فيها فسادا كما رددوا عبارات رافضة لجماعة الاخوان في شهر مايو الماضي.

وجدد المتظاهرون دعمهم للجيش والقيادة العامة في العمليات العسكرية الجارية لتحرير العاصمة من المجموعات المسلحة.

المظاهرة خرجت مساء الجمعة 24 مايو في مدينة الزنتان تحت عنوان "لن ننسى جريمة فجر ليبيا "لن نسمح بقيام دولة الأخوان"وجابت شوارع المدينة ومن ثم إتجهت لـ "ميدان الشهداء".

وألقى "مجلس الأعيان "بياناً أكد فيه رفضه لأي شكل من أشكال التعاون مع الإخوان المسلمين من قبل أي طرف في المدينة أو مع المجموعات المسلحة في طرابلس مجدداً موقفه من عملية فجر ليبيا كعملية إرهابية،  وذلك وفقاً لنسخة ورقية من بيان صادر عن التظاهرة.

ويرى مراقبون أن الانقسام واضح في الزنتان،  فجزء من تلك القوات التي يقودها اللواء إدريس مادي تتبع الجيش الليبي،  مقابل قوات أخرى يقودها الجويلي تعارض قوات الجيش بشكل واضح و تدعم حكومة الوفاق و نتيجة لثقلها العسكري حيث تنحدر قيادات أمنية مهمة سواء في الجيش أو الميليشيات من مدينة الزنتان نظرا لوعي الجميع بضرورة تمثيلية المنطقة نظرا لدورها في حسم أي معركة مرجح و في إطار معركة طرابلس يرجح خبراء عسكريون أن السيطرة على غريان و هي على تخوم الزنتان تعني حسم الأمور في طرابلس.