يتعرض المهاجرون واللاجئون، المحتجزون في مراكز الاعتقال التي تديرها الحكومة الليبية، للتعذيب وسوء المعاملة، وذلك حسب الشهادات التي استقتها منظمة هيومن رايتس ووتش حول حالات التعنيف والصعق بالصدمات الكهربائية، والضرب، والتجريد الكلي للملابس من أجل التفتيش وممارسات لا إنسانية من قبيل تعليق المحتجزين من أرجلهم فوق الأشجار.

يوجد في ليبيا حوالي ستة آلاف معتقل في ظروف يعيشون في ظروف غير صحية حيث الاكتظاظ الشديد وغياب أدنى شروط النظافة، وفقا للنتائج الأولية لتحقيق قامت به هيومن رايتس ووتش في أبريل نيسان الماضي. وقد تم توقيف معظم هؤلاء المحتجزين من قبل خفر السواحل الليبية عند محاولة العبور عبر المتوسط إلى أوروبا أو عند دخولهم التراب الليبي بطريقة غير شرعية.

وهذا الرقم هو جزء بسيط جدا من العدد الحقيقي للمهاجرين واللاجئين غير الشرعيين الذي تقدره سلطات طرابلس بثلاثة   ملايين. إذ يُعتقد أن يكون ما بين خمسمائة ألف وثمانمائة ألف مهاجر ولاجئ، معظمهم من الصومال والسودان وإريتريا، يتحينون الفرصة للعبور، في رحلة الموت، إلى أوروبا.

قالت المنظمة، استنادا الى مقابلات أجرتها مع 138 محتجزا في تسعة مراكز اعتقال متفرقة، أن الحكومة الليبية تمارس خرقا واضحا لالتزاماتها الدولية. وأضافت أنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي وإيطاليا منع المساعدة المالية، التي من المتوقع أن تصل إلى حوالي 12 مليون يورو (9.6 مليون جنيه استرليني) في السنوات الأربع المقبلة، إلى غاية توقف الانتهاكات. المال يذهب إلى منظمات غير الحكومية من أجل إعادة تأهيل بعض المراكز.

كما صرح جيري سيمسون من منظمة هيومان رايتس ووتش، قائلا: "حكى لنا المعتقلون كيف أن رجال الحراسة يجردون النساء والفتيات من ملابسهن خلال التفتيش ويعاملون الرجال والفتيان بوحشية"، وأضاف "قد يكون الوضع السياسي في ليبيا صعبا، لكن ليس للحكومة أي عذر لممارسة التعذيب وغيره من أشكال العنف المنبوذة التي يقوم بها الحراس داخل هذه المراكز."

وقد صرح المستجوبون بأن الحراس اعتدوا عليهم بالضرب بقضبان حديدية وعصي وأعقاب البنادق وكونهم تعرضوا للجلد بكابلات وأنابيب وخراطيم مطاطية، وتعرض بعضهم للكي بأعقاب السجائر والإهانة بالركل واللكم، في حين تعرض البعض الآخر للصعق بالصدمات الكهربائية وتلقوا التهديد بإطلاق النار عليهم. وفي أحد المراكز، علق خمسة معتقلين من أرجلهم فوق الأشجار وتعرضوا للجلد.

وتقول المنظمة إن المحتجزين في هذه المراكز، التي تديرها وزارة الداخلية الليبية، يعيشون في اكتظاظ شديد فيغياب ظروف صحية ملائمة. وكان المستجوبون قد صرحوا بحرمانهم من الرعاية الطبية المناسبة.

وجاء في تصرح محتجز صومالي يبلغ 27 سنة: "[الحراس] جلدوني بأسلاك معدنية وضربوني ولكموني، ورأيتهم أيضا يعلقون أربعة أو خمسة محتجزين من أرجلهم فوق شجرة ... وينهالون عليهم بعد ذلك بالضرب والجلد فوق أقدامهم وبطونهم".

وقالت امرأة إرتيرية تبلغ 21 سنة، أنها وُضعت مع 23 امرأة أخرى في غرفة بأحد المراكز، حيث "أمرنا [الحراس] بخلع ملابسنا ووضعوا أصابعهم في عوراتنا".

ويضيف سيمبسون، "في كل المراكز، يتحدث المعتقلون عن الخوف اليومي الذي يعيشون فيه، ويتساءلون عن الجولة المقبلة من الضرب والجلد التي تنتظرهم. أما السلطات، فقد غضت الطرف عن هذه الانتهاكات الفظيعة."

وترى المنظمة أن الحكومة الليبية لا تميز بين المهاجرين لأسباب اقتصادية والاضطهاد والصراع عند احتجاز الأشخاص.

ومن المتوقع أن يستغل رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، قمة بروكسل هذا الأسبوع لمطالبة الاتحاد الأوروبي بمزيد من المساعدات للتصدي لارتفاع أعداد المهاجرين الذين يحاولون العبور إلى أوروبا من شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

وفقا للسلطات الإيطالية، تمت حتى الآن هذا العام عمليات إنقاذ طالت خمسين ألف مهاجر، من بينهم نساء وأطفال، حاولوا العبور إلى إيطاليا، وهو ما يفوق الرقم الإجمالي الذي سجل في 2013، والذي من المتوقع أن يتجاوز أعلى رقم كان قد سجل في سنة 2011، وهو ستون ألف.

ويود الإيطاليون نقل عملية البحث والإنقاذ، المعروفة باسم بحرنا، التي أطلقت الخريف الماضي بتكلفة تسعة ملايين أورو في الشهر،  إلى وكالة فرونتكس، المختصة في مراقبة الحدود في الاتحاد الأوروبي ومقرها في بولندا. وتعهدت إيطاليا بجعل قضية المهاجرين ضمن النقط الرئيسية في جدول أعمال قمة الاتحاد الأوروبي عندما تتولى الرئاسة الدورية الشهر المقبل.