الرئيس التركي يدفع بالمرتزقة السوريين الى الحرب في ليبيا أملا في دعم حلفائه ومنع سقوطهم في ظل المؤشرات المتصاعدة على الأرض الى قرب حسم المعارك من طرف الجيش الليبي.
منذ اندلاع المعارك في العاصمة الليبية طرابلس بين قوات الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق،برزت تركيا على سطح الأحداث حيث كثفت من دعمها لحلفائها في محاولة لعرقلة دخول الجيش الليبي الى العاصمة لكن هذا الدعم لم يمنع القوات المسلحة الليبية من مواصلة تقدمها ما دفع الرئيس التركي لاطلاق التهديدات المتتالية بارسال وات بلاده الى ليبيا ودخول الحرب دعما لقوات الوفاق.


مزاعم أردوغان وتهديداته التي أطلقها بشكل متكرر خلال الأشهر القليلة الماضية ربطها في بداية الأمر بضرورة طلب حكومة الوفاق للدعم العسكري من تركيا،وهو ما فعلته حكومة السراج التي طلبت رسميًا دعمًا عسكريًا من تركيا – جويا وبحريًا وبريًا،وفق ما أكده رئيس مجموعة الاتصال الروسية لتسوية النزاع الداخلي الليبي،"ليف دينغوف"،في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية.
الرئاسة التركية،بدورها أكدت أن حكومة الوفاق الوطنى الليبية برئاسة فايز السراج، طلبت دعما عسكريا من أنقرة، مؤكده أنها ستحترم اتفاق التعاون الأمنى معها فى هذا الإطار، حسبما ذكر "روسيا اليوم".وقال رئيس دائرة الإعلام والاتصال فى الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، فى سلسلة تغريدات نشرها، مساء الجمعة، على حسابه الرسمى بموقع "تويتر": "حكومة ليبيا طلبت دعما عسكريا من تركيا.. ونحن بالطبع، كما أكد الرئيس أردوغان، سنحترم الاتفاق بيننا".
 بعد الطلب الرسمي هذا،ربط أردوغان ارسال قوات بلاده الى ليبيا بضرورة موافقة البرلمان التركي على ذلك،وقال أردوغان في خطاب بالعاصمة أنقرة "سنقدم المذكرة لإرسال جنود إلى ليبيا فور استئناف أعمال البرلمان" يوم 7 يناير/كانون الثاني المقبل. وأضاف الرئيس التركي "إن شاء الله سنكون قادرين على إقراره يوم 8 أو 9 يناير/كانون الثاني وعلى تلبية دعوة الحكومة الليبية الشرعية".


ومن جهته،قال مبعوث الرئيس التركي إلى ليبيا، أمر الله إيشلر، إن بلاده لا يمكن إلا أن تستجيب لطلب الدعم الذي تقدمت به حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا. وقال إيشلر في تغريدة على تويتر إن موافقة البرلمان التركي على تفويض الحكومة التركية بتقديم العون العسكري لليبيا سيظهر مرة أخرى للشعب الليبي الشقيق ولحكومته المشروعة أن تركيا ستكون دائما بجانبهم.على حد زعمه.
أردوغان الساعي وراء أطماعه الاستعمارية وأحلامه في احياء "ارث أجداده العثمانيين" في ليبيا،يبدو مترددا في ارسال جنود بلاده الى ليبيا وخوض غمار معارك عنيفة سيكون له فيها خسائر كبيرة ستزيد من أزماته الداخلية خاصة في ظل الأصوات المعارضة للتدخل التركي ولسياسات أردوغان العدوانية التي وضعت تركيا في عداء مع أغلب دول المنطقة.
ويبدو أن الرئيس التركي قرر دخول الصراع الليبي عبر المقاتلين السوريين الذين جندهم نظام أردوغان ليرمي بهم في أتون الحرب الدائرة في طرابلس ليكونوا الوقود الذي يزيد من تأجيج الصراع في بلد يعاني منذ سنوات من صراعات وانقسامات تسبب فيها التدخل الغربي في العام 2011 الذي اغتال الأمن والاستقرار وحول البلاد الى ساحة للتنظيمات الارهابية والمليشيات المسلحة التي استنزفت ثروات الشعب وجعلته رهين أجندات خارجية.
وكشفت مصادر مطلعة أن الحكومة التركية تسعى لتجنيد 8 آلاف مقاتلٍ سوري بهدف القتال في ليبيا في صفوف الميليشيات التي يقودها فايز السرّاج رئيس حكومة "الوفاق" الليبية.ونقلت "العربية.نت"عن المصادر،السبت،قولها إن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعهّد لحكومة السرّاج بإرسال 8 آلاف مقاتلٍ سوري على أقل تقدير إلى الأراضي الليبية، وقد وصل منهم إلى الآن نحو 120 مقاتلٍ فقط".


وبحسب المصادر فإن أغلب من وصلوا إلى الأراضي الليبية حتى الساعة، هم تركمان سوريون، غادروا الأراضي السورية باتجاه مدينة غازي عنتاب التركية ومن ثم غادروا من هناك إلى أنقرة، ومنها بالطائرة إلى تونس، فالحدود البريّة مع ليبيا.وأوضحت تلك المصادر أن الاستخبارات التركية أوكلت مهمة تجنيد السوريين الّذين سيحاربون في ليبيا إلى فصيل "السلطان مراد"، وهو من الفصائل السورية الموالية لأنقرة ويقوده مقاتلون تركمان سوريون.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن عن فتح فصائل مسلحة سورية موالية لأنقرة مراكز لتسجيل أسماء الأشخاص الراغبين بالذهاب للقتال في ليبيا إلى جانب الميليشيات.وتابع "المرصد" أن هذه الفصائل تقدم مغريات ورواتب مجزية تتراوح بين 1800 و2000 دولار أمريكي لكل مسلح شهريا، علاوة على تقديم خدمات إضافية تتكفل بها الدولة المضيفة.
 وبدوره كشف مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبد الرحمن، أن تركيا بدأت شحن مقاتلين موالين لها من سوريا إلى ليبيا، للمشاركة في المعارك الدائرة هناك إلى جانب حكومة السراج، في خطوة هي الثانية من نوعها خلال أشهر. وجاء كلامه في وقت نقلت وكالة "بلومبرغ" الأميركية عن مصدر تركي كبير،إن تركيا تستعد لنشر قوات برية وبحرية لدعم حكومة السراج إلى جانب خطة مقررة لنقل مقاتلين موالين لها من الفصائل السورية إلى ليبيا.
ويتحرك أردوغان بناء على أطماعه التوسعية حيث يسعى للسيطرة على النفط والغاز في ليبيا من خلال تحالفه مع حكومة فايز السراج، فضلا عن التقارب الفكري الذي يجمعه بجماعة "الإخوان" المسيطرة على العاصمة الليبية،والتي تمثل ذراع أنقرة التخريبي في البلاد والمنطقة.وفي وقت سابق كشف أردوغان عن أهدافه من التواجد في ليبيا وسوريا زاعما أنها أرث أجداده العثمانيين،كما ادعى وجود مليون تركي في ليبيا وهو ما أثار سخرية كبيرة في الأوساط الليبية.


وكانت تركيا قد وقعت مع السراج أواخر الشهر الماضي اتفاقا أمنيا وعسكريا موسعا، كما وقّع الطرفان على نحو منفصل مذكرة تفاهم حول الحدود البحرية، وندد نواب أوروبيون بتلك الاتفاقية، مؤكدين رفضهم هذه الاتفاقية التي تخالف القرارات والمواثيق الدولية.كما تسببت التصريحات التي أطلقها أردوغان ، حول التدخل في الشأن الليبي وإرسال قوات إلى ليبيا فى موجة غضب دولى.


وقال نائب وزير الخارجية اليوناني ميلتاديس فارفيتسيوتيس ، تعليقا على خطط الرئيس التركي لإرسال قوات إلى ليبيا، إن أردوغان يلعب بالنار، وإن كل ما يستطيع فعله هو عزل نفسه أكثر.وذكرت وسائل إعلام يونانية ، أن نائب وزير الخارجية بعث برسالة مفادها أن أثينا في "حالة تأهب".وقال نائب وزير الخارجية اليوناني في هذا السياق: "إن ردود الفعل على التوسع العثماني الجديد تجري بكثافة، وتأتي من الجميع شرقا وغربا، مضيفا " أردوغان يلعب بالنار ويثير ردود أفعال ليس فقط من اليونان بل ومن جميع الدول" وفق ما تم نشره  فى موقع "روسيا اليوم".
وحاول أردوغان الايهام بوجود توافق من دول الجوار مع تركيا حول تدخلها في ليبيا،زعم بعد زيارته لتونس أنه تم التوصل إلى اتفاق بين أنقرة وتونس يقتضي تقديم الدعم اللازم إلى ليبيا من أجل استقرارها،فيما قال وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا،خلال مؤتمر صحفي من تونس التي وصلها على عجل في أعقاب زيارة أردوغان،أنه سيكون هناك تعاون كبير مع تركيا وتونس والجزائر.
هذه التصريحات سرعان ما نفتها الرئاسة التونسية من خلال التأكيد على موقف الدولة المحايد تجاه ليبيا وعدم الانضمام لأي تحالف واستهجنت الرئاسة التونسية التصريحات حول انضمام تونس لحلف تركي في ليبيا.ولفت البيان الرئاسي التونسي إلى أن "الادعاءات الزائفة حول موقفنا من ليبيا تنم عن سوء تقدير"، مؤكدة أن الرئيس "حريص على سيادة البلاد وحرية قرارها" ودعا البيان "ندعو لتغليب الحل السلمي في ليبيا وحقن الدماء".


الرد الرسمي التونسي أعقبه رد شعبي رافض للمؤامرة التركية ضد ليبيا،حيث تظاهر عشرات التونسيين، اليوم السبت، أمام السفارة التركية في تونس؛ احتجاجا على التدخل العسكري التركي المنتظر في ليبيا، ورفعوا شعارات رافضة لمحاولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إقحام تونس في الحرب بليبيا.وشارك في التظاهرة نشطاء من المجتمع المدني، عبروا عن إدانتهم لمحاولة إدخال تونس في المخطط التركي الذي يستهدف ليبيا، ورفعوا شعارات كان أبرزها: "لا للتدخل العسكري في ليبيا ولا لإقحام تونس في الصراع الليبي".
وبدورها نفت الجزائر تحالفها مع تركيا للتدخل في ليبيا،وقال عضو مجلس الأمة الجزائري عن حزب جبهة التّحرير الوطني عبد الوهاب بن زعيم إن "الرئيس الجزائري الجديد يولي اهتماما كبيرا بالملف الليبي"، مضيفا أن "الجزائر يهمّها الاستقرار في ليبيا وسيكون لها دورا فعالا في القضية الليبية من ناحية الحوار".وأضاف بن زعيم في تصريحه لوكالة الأنباء الألمانية "تبون سيفعل كل ما بوسعه لدعوة الاخوة الليبيين للحوار لتجاوز الأزمة"، نافيا احتمال التّدخل العسكري لبلاده في أراضيها، بالقول "الجزائر لا يمكنها بأي حال من الأحوال التدخل في ليبيا عسكريا".
أما مصر فقد شدد رئيسها عبد الفتاح السيسي في اتصالين هاتفيين مع نظيره الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، على ضرورة وضع حد لحجم التدخلات الخارجية غير المشروعة في الشأن الليبي.وشدد السيسي خلال الاتصال مع ترمب على أهمية الدور الذي يقوم به الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر "في مكافحة الإرهاب، وتقويض نشاط الميليشيات المسلحة".


وكرر هذا الموقف في اتصاله مع رئيس الوزراء الإيطالي الذي أكد إن الحكومة الإيطالية تستنكر التدخلات التركية في الشأن الليبي، مؤكداً سعي بلاده إلى "حل الوضع الراهن وتسوية الأزمة الليبية»، باعتبارها «تمثل تهديداً لأمن المنطقة بأكملها".فيما قال الكرملين إن الرئيس فلاديمير بوتين أبدى قلقه من تدخل أنقرة في ليبيا.بحسب صحيفة "الشرق الأوسط".
وتأتي الخطوة التركية والدفع بالمرتزقة السوريين سريعا الى الأراضي الليبية في الوقت الذي تنهار فيه حكومة الوفاق والمليشيات التابعة لها في العاصمة الليبية طرابلس، أمام ضربات الجيش الليبي المتتالية.حيث أعلن الجيش الوطني الليبي،الجمعة، سيطرته على طريق مطار طرابلس ومعسكر النقلية الاستراتيجي في العاصمة.فيما أعلن المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، التابعة للجيش الليبي، مساء الخميس، على "فيسبوك" تقهقر "الميليشيات" وانهيار ما تبقى من دفاعاتها بمنطقة الهضبة البدري جنوب طرابلس.
وتتزايد المؤشرات حول قرب تحقيق الجيش الوطني الليبي تقدم كبير على أكثر من محور باتجاه العاصمة طرابلس، وخاصة قرب استعداد الجيش لبدء معركة الأحياء السكنية الرئيسية حسب ما أكد المتحدث باسم الجيش اللواء أحمد المسماري الذي أشار أيضا إلى أن الميليشيات المتطرفة تتحصن داخل تلك الأحياء.
وقال المسماري، الجمعة، إن تطورات الساعات المقبلة ستكون مفاجئة لكل الليبيين، لافتاً إلى أن قوات النخبة تستعد لدخول معركة الأحياء الرئيسية في طرابلس.وأضاف في مقابلة عبر الهاتف مع "العربية": "سيطرنا على مناطق استراتيجية في طريق المطار بطرابلس، ونخوض معارك شرسة في المرحلة الأخيرة لتحرير طرابلس".وأكد المسماري أن الجيش الليبي لم يخسر مترا واحدا ولم يتراجع للخلف في أي منطقة اشتباك، مؤكدا أن سيطرة قوات الجيش الليبي تبدأ من مفترق صلاح الدين حتى مقسم النعاجي.
وتثير هذه التطورات مخاوف نظام أردوغان من سقوط قريب لحلفائه من تيار الاسلام السياسي المسيطر على العاصمة الليبية وهو ما سيكون ضربة قاصمة لأطماعه في البلاد التي يسعى لتحقيقها عبر حلفائه.وهو ما يفسر استعجاله الكبير لارسال المقاتلين السوريين الموالين له الى ليبيا أملا في دعم قوات الوفاق وعرقلة دخول الجيش الليبي الى العاصمة الليبية بالكامل.
 ويشير مراقبون الى هذه المغامرة التركية للدخول الى الساحة الليبية ستزيد من عزلة أنقرة دوليا والانحدار الاقتصادي الذي تعانيه في ظل السياسات العدوانية التي ينتهجها أردوغان التي جعلت من بلاده في مرمى العقوبات الدولة.من جهة أخرى،فان الشعب الليبي لن يسمح بتكرار الاحتلال العثماني لبلاده ويؤكد الكثيرون أن ليبيا ستكون عصية على أردوغان وحلفائه وستتحطم على صخرة صمودها أطماعه الاستعمارية وأحلامه بالزعامة الإقليمية.