تتصاعد التحركات في ليبيا كغيرها من دول العالم في محاولة للتوقي من فيروس كورونا الذي انتشر في العالم وبات يشكل تهديدا كبيرا.وبالرغم من أنها لم تسجل حتى الآن أي حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد،فان السلطات الليبية بدأت تحركاتها الجدية لمواجهة الخطر الذي بث الرعب والهلع في كامل أنحاء المعمورة.
أعلنت السلطات شرق ليبيا عن فرضها حظر التجوال في الأراضي الخاضعة لسيطرتها في مسعى لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".وأعلن وزير الداخلية بالحكومة الليبية إبراهيم بوشناف، اليوم الأربعاء، حظر التجول في مناطق سيطرة الحكومة الليبية، حظرا تاما من الساعة السادسة مساء وحتى الساعة السادسة صباحا.


وبالتزامن مع ذلك،أعلنت القيادة العامة للجيش الليبي،فرض حظر تجول في كافة المناطق الخاضعة لسيطرة القوات المُسلحة إبتداءاً من يوم غدٍ الخميس 19 مارس 2020 ، على أن تكون فترة حظر التجول من السادسة مساءً حتى السادسة صباحاً ،وذلك لضمان تنفيذ الإجراءات الوقائية التي أقرتها اللجنة العليا والمُشكلة من قبل القيادة العامة لمواجهة إنتشار وباء كورونا المُستجد.
 وأعلنت قيادة الجيش الوطني الليبي، أمس الثلاثاء، بدء جنود السرية الكيميائية في عملية تعقيم المنشآت العامة والمرافق الحيوية ضمن إجراءاتها الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا.وجه الجيش الوطني الليبي بإغلاق كافة الحدود الواقعة بمناطق سيطرته كإجراء احترازي في مواجه تفشي فيروس كورونا المستجد.
وأعلنت مجموع المناطق العسكرية الجنوبية، اليوم الأربعاء، عن إغلاق الحدود الليبية مع دول الجوار السودان وتشاد والنيجر والجزائر ابتداء من هذا اليوم الي حين إشعار آخر.وحذرت عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، من مخالفة القرار، داعية الجميع التقيد بهذا القرار الذي يشمل المناطق الادارية الواقعة تحت نطاق مجموع المناطق العسكرية الجنوبية على النحو التالي "منطقة مرزق العسكرية"، "منطقة أوباري غات العسكرية"، "منطقة الكفرة العسكرية".
ومن جهتها،أعلنت حكومة الوفاق الوطني الليبية ومقرها طرابلس يوم السبت (14 مارس آذار) حالة الطوارئ وأغلقت جميع الموانئ الجوية والبحرية اعتبارا من يوم الاثنين.وقال رئيس الوزراء فايز السراج إن الحكومة خصصت 500 مليون دينار ليبي (360.54 مليون دولار) لمكافحة المرض إذا وصل إلى ليبيا.
ولم تسجل إلى حد الآن أي إصابة بفايروس كورونا في ليبيا، إلا أن خبراء يحذّرون من أن تفشي الوباء قد يؤدي إلى تداعيات كارثية بسبب النظام الصحّي المتداعي في البلاد.وقال رئيس المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا الأسبوع الماضي، إن بلاده ليست في وضع يؤهلها لمواجهة فيروس كورونا إذا انتقلت العدوى إليها ودعا إلى تقديم المزيد من الدعم لنظام الصحة الليبي.
وأضاف بدر الدين النجار في مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء ان بلاده لم تسجل أي حالة إصابة بالمرض حتى الآن وأنها تفحص الوافدين من الخارج عبر الموانئ والمطارات.لكنه أشار إلى أن البلاد لا تملك ما يكفي من منشآت للعزل والحجر الصحي والعلاج وعزا ذلك إلى نقص الأموال.وتابع "في ظل ضعف الجاهزية والاستعدادات الآن أنا أعتبر ليبيا في وضعية غير قادرة على مجابهة الفيروس".


أعربت ممثلة منظمة الصحة العالمية في ليبيا إليزابيث هوف، عن شكرها للجهود التي يبذلها المركز الوطني لمكافحة الأمراض، لمكافحة فيروس كورونا ومنع وصوله إلى ليبيا، بقولها: إن جهود المركز "تستحق الثناء" لكنه يواجه صعوبات هائلة.وأوضحت هوف:"عندما يتعلق الأمر بإمكانية الاستجابة، فهذا بلد في خطر أكبر لأن نظام الصحة فيه ضعيف ومفكك بسبب الصراع"، بحسب ما نقتله وكالة رويترز.
وأشارت ممثلة منظمة الصحة العالمية في ليبيا: إن "الأجهزة، كأجهزة التنفس وما إلى ذلك، ناقصة في العديد من المستشفيات. هناك نقص في الأطباء والممرضات في البلدات وفي الريف".وأضافت إن ما تعانيه ليبيا في القطاع الصحي، بسبب الانقسام السياسي، ولا تملك الوسائل لفرض إجراءات مكافحة لمنع انتشار الفيروس.وختمت هوف حديثها عن الأوضاع المعيشية التي وصفتها بالبائسة للمهاجرين والنازحين، وقابليتهم للمرض، بسبب سوء التغذية التي تجعلهم عرضة للخطر على نحو خاص.
وتشهد ليبيا صراعا عنيفا منذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي في العاصمة طرابلس.وبالرغم من الهدنة المعلنة منذ يناير الماضي فقد تسارعت وتيرة العمليات العسكرية خلال الأيام الماضية وهو ما دفع  البعثة الأممية،للمطالبة في بيان لها أمس،"جميع أطراف النزاع في البلاد إلى إعلان وقف فوري للأعمال القتالية لأغراض إنسانية"، وقالت إن ذلك من شأنه "تمكين السلطات المحلية من الاستجابة بشكل سريع للتحدي غير المسبوق، الذي يشكله فيروس كورونا (كوفيد - 19) على الصحة العامة".
وقالت البعثة الأممية، في بيانها إنها "تنضم إلى الشركاء الدوليين في الدعوة إلى وقف الاقتتال لأغراض إنسانية، وتدعو الأطراف المتقاتلة إلى وقف النقل المستمر لجميع المعدات العسكرية والأفراد إلى ليبيا"، مناشدة جميع الأطراف في ليبيا "اتخاذ هذه الخطوة الشجاعة لتوحيد جهودهم في مواجهة هذا الوباء، في الوقت الذي تواصل فيه البعثة مساعيها في تيسير الحوار بين الأطراف الليبية في المسارات السياسية والعسكرية والاقتصادية".
وأشارت رئيسة البعثة بالانابة ستيفاني توركو ويليامز،في حثّها للأطراف المتحاربة، إلى أن فيروس كورونا "لا يعترف بأي حدود أو انتماءات، وقادر على اختراق كل الجبهات... ولذلك ندعو جميع الليبيين إلى توحيد صفوفهم فوراً، قبل فوات الأوان، لمواجهة هذا التهديد المهول والسريع الانتشار. الأمر الذي يتطلب تضافر جميع الجهود والموارد للوقاية منه، والتوعية به وتوفير العلاج لمن قد يصيبهم هذا الفيروس".


في السياق ذاته، طالبت سفارات الجزائر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا، والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وبعثة الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى سفارتي تونس والإمارات، الأطراف المتقاتلة في طرابلس إلى إعلان "وقف فوري وإنساني للقتال"، ودعت "جميع أطراف الصراع الليبي إلى وقف النقل المستمر لجميع المعدات والأفراد العسكريين إلى ليبيا من أجل السماح للسلطات المحلية بالاستجابة لتحدي الصحة العامة، غير المسبوق الذي يشكله الفيروس".
وأبدى أصحاب المبادرة أملهم في أن تؤدي هذه الهدنة الإنسانية إلى اتفاق قيادات كلا الطرفين الليبيين على مشروع وقف إطلاق النار، الذي يسّرته الأمم المتحدة في 23 فبراير (شباط) الماضي، والذي تم التوصل إليه في جنيف في إطار اللجنة العسكرية المشتركة الليبية "5+5"، والعودة إلى الحوار السياسي.
وطالبت أطراف ليبية،بتوجيه دفّة المعركة تجاه وباء كورونا، في ظل عدم توفر الإمكانيات الصحية اللازمة لمقاومة هذا الوباء الذي يجتاح العالم حاليا.وقالت الدكتورة فاطمة الحمروش، وزيرة الصحة الليبية السابقة، إن "الاستمرار في الاقتتال سيزيد من فرصة انتشار (الوباء)، وينقص من فرص مقاومته، ولا بد من إعلان هدنة شاملة"، ودعت السلطات المحلية إلى عدم إغلاق الأسواق في وجوه الناس بهدف طمأنة المواطنين، والابتعاد عن التدافع والازدحام بالأسواق.
بدورها،دعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا ،جميع الأطراف العسكرية في محيط مدينة طرابلس، بالوقف الفوري والشامل لإطلاق النار،ولجميع أشكال العنف والتصعيد والتحشيد العسكري والإلتزام بإعلان الهدنة الذي أبدت جميع الأطراف العسكرية الإلتزام به،وذلك لدواعي إنسانية إستثنائية تفرضها الظروف الصحية الطارئة جراء تفشي فيروس كورونا الذي بات يمثل وباء عالمي وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية.
وأكدت اللجنة أن هذه الهدنة الإنسانية العاجلة ، تمثل أهمية قصوة لتخفيف من وطأة المعاناة الإنسانية التي يمر بها الابرياء والمدنيين ،وتسهم في الاستجابة بشكل سريع للتحدي الصحي والإنساني الغير مسبوق الذي يشكله فيروس كورونا (كوفيد-19) على الصحة العامة للمجتمع الليبي .وكما حثت جميع أطراف النزاع ،على أهمية إحترام التزاماتها الإنسانية والقانونية وفقا لما نص عليه القانون الدولي الإنساني.


وتجاوزت الإصابات العالمية بفيروس كورونا الجديد الذي ظهر لأول مرة في وسط الصين نهاية العام الماضي، 200 ألف إصابة، وتخطت الوفيات 8 آلاف حالة وفاة، فيما وصل عدد المتعافين إلى أكثر من 80 ألفا.وفي حين كانت أغلب الحالات مسجلة في الصين حتى منتصف الشهر الماضي، فإن مرض "كوفيد 19" انتشر على نحو متسارع في مناطق مختلفة من العالم، وبلغت الإصابات أكثر من 31 ألفًا في إيطاليا و17 ألفًا في إيران و13 ألفًا في إسبانيا، إلى جانب المئات في نحو 160 دولة أخرى.
  ودخلت الأزمة الليبية فيما يعرف بمرحلة الجمود بعد استقالة المبعوث الاممي غسان سلامة التي عطلت محادثات جنيف.وبات المشهد أكثر تعقيداً مع أزمة وقف إنتاج النفط، والإجراءات المتعنتة التي اتخذتها سلطة طرابلس بإيقاف المرتبات عن الليبيين متحججة بهذا العامل، ما تسبب في انخفاض سعر الدينار وظهور بوادر أزمة اقتصادية ومعيشية زادت في صعوبتها المخاوف من انتشار وباء كورونا.