اعتبرت شخصيات مسلمة بارزة من إفريقيا الوسطى قرار الأمم المتحدة بنشر نحو 12 ألف عنصر من "القبعات الزرق" في البلاد بـ "غير ذي جدوى" فيما عبر البعض عن تحفظهم بخصوص تاريخ الانتشار الذي وصفوه بالـ "متأخر".

وصوت مجلس الأمن بالأمم المتحدة أمس الخميس بالإجماع على تكوين بعثة جديدة للحفاظ على السلام في إفريقيا الوسطى (مينوسكا) وهي قوة تتكون من 10 آلاف جندي و 1800 رجل شرطة، على أن يتم الانتشار الفعلي للبعثة الجديدة بدءا من يوم 15 سبتمبر/أيلول القادم  وحتى 30 أبريل/نيسان 2015.وقد أثار القرار الأممي في مجمله نوعاً من التحفظ لدى المسلمين في إفريقيا الوسطى.

 وأشاد الجنرال "عبد القادر خليل" (عنصر من السيليكا) في حديث هاتفي مع الأناضول بالقرار الأممي من حيث "المبدأ" مشيراً إلى أن ذلك سيخفف من حدة التوترات التي تشهدها البلاد، قائلا: "مجيء القبعات الزرق سيساعد شعب إفريقيا الوسطى على الخروج من الأزمة بشرط أن تقود القوات عملياته على الأرض بكامل الحياد ومن دون الخضوع لأي تلاعب سياسي".

غير أن خليل أبدى في الوقت نفسه " تحفظه على تاريخ انتشار هذه القوات (15 سبتمبر/أيلول القادم) مشيرا إلى أن الوضع في البلاد لا يحتمل هذا "التباطؤ والتأخير" وطالب بـ "الإرسال الفوري" للقوات الأممية إلى إفريقيا الوسطى.في السياق ذاته اعتبر"خليل" أن العراقيل الحقيقية التي تقف أمام تحقيق السلام في إفريقيا الوسطى ليست دينية، حيث تعايش المسلمون والمسيحيون في سلام طوال حياتهم، لكن الصراع "سياسي بحت" بحسب رأيه.وأكد "خليل" على أنه: "يتعين على السياسيين الدعوة إلى المساواة الاجتماعية واللحمة والمصالحة الوطنية. لقد حان الوقت لوضع حد للتلاعب الديني الذي يقوم به بعض الساسة لخدمة مصالحهم الشخصية. على البعثة الأممية الجديدة التحرك على الأرض من أجل خدمة هذه  الخيارات المبدئية...".

من جهته، نظر "محمد صالح شيبي" أحد القادة الدينيين في بانغي إلى الأمور من زاوية أخرى حيث اعتبر أن انتشار الـ (مينوسكا) في إفريقيا الوسطى لن يكون "ذا جدوى" ولن يفضي إلا إلى "مزيد تأجيج التوترات".وتابع "شيبي": "لن يحصل السلام في إفريقيا الوسطى حتى مع نشر 500 ألف من القبعات الزرق طالما لم يقع حل المشاكل الجوهرية للصراع والمضي في تجاهلها".  وأشار "شيبي" في ذات السياق إلى أن مجيئ قوات "سانغريس" (عملية فرنسية في إفريقيا الوسطى) "أزمت وضع المسلمين الذين يجدون أنفسهم اليوم محاصرين من الجنود الفرنسين في مساحة لا تتجاوز 1 كم مربع" في العاصمة بانغي. وعبر عن خشيته من يحصل هذا الأمر من جديد مع عناصر الـ "مينوسكا"، مضيفا: أن الحصار الذي يعاني منه المسلمون "غير عادل" وتسبب في أضرار كبيرة بمصالحهم، مشددا على ان "الحل لن يمر عبر نشر المزيد من القوات لكن عبر تحقيق العدالة".

وشاطر "هارون غاي"، وهو تاجر ماس في بانغي، القائد الديني في رأيه عندما اعتبر أن وجود القوات الفرنسية يمثل عائقا كبيرا أمام تحقيق السلام.  وقدم "غاي" كدليل على ذلك الأحداث التي شهدها شمالي البلاد ليل الخميس الجمعة على بعد 150 كم على بانغي، حيث "أطلقت عناصر من السليكا النار على طائرة عسكرية  فرنسية كانت تحلق في المنطقة كرد على استفزازات الفرنسيين الذين لجأوا إلى الأنتي بالاكا للانتقام لهم". .وأكد "غاي" على أن "تحقيق السلام لا يمر عبر نشر قوات لحفظ السلام وان الأمر بيد شعب إفريقيا الوسطى وحده" .غاي ختم قائلا: "السيليكا والمسلمون عموما جاهزون للمصالحة الوطنية. على شرط الاعتراف بمواطنتنا والكف عن اعتبارنا مواطنين من درجة ثانية".