قال المترشح المستقل للانتخابات الرئاسية مصطفى كمال النابلي إنّه يتقدم لهذا السباق حاملا لعديد الافكار التي يمكن ان تساهم في انقاذ البلاد من الوضع الذي آلت اليه على عديد المستويات،  وأكد النابلي في حوار نشرته صحيفة «الشروق»  التونسية اليوم انه «مستقلا حقيقيا» عكس ما يقال على الساحة السياسية ، وأن تونس اليوم في حاجة إلى العمل السياسي المستقل على مستوى مؤسسة رئاسة الجمهورية لكن دون التنقيص من قيمة العمل الحزبي. كما اعتبر النابلي انه ليس «ابن الخارج» بل هو ابن تونس جاء لخدمتها بناء على ما يتوفر لديه من تجربة. 

وفي ما يلي نصّ الحوار :

تتقدم للانتخابات بوصفك مرشحا مستقلا.. ما هو مفهوم الاستقلالية في رايك وهل ترى نفسك بالفعل كذلك؟ وبماذا تختلف عن بقية المستقلين؟

الاستقلالية بالنسبة لي اولا وأساسا هي الاستقلالية عن اي منطق حزبي وايضا عن اية تاثيرات داخلية وخارجية وعن اية مصالح فئوية خصوصية داخلية.. ووجود مستقلين آخرين عادي وطبيعي ولكل منهم مفهومه للاستقلالية. المهم ان الاستقلالية لو يقع تطبيقها بحذافرها هي شيء جيد ومفيد وتحتاجها الدول اليوم لخلق التوازن مع العمل الحزبي. 

وأضيف ان هناك مستقلا حقيقيا ومستقلا «مزيفا» على غرار من كان ولا يزال ينتمي لحزب أو من هو قريب من حزب ..بالنسبة لي اعتبر نفسي مستقلا بكل ما في الكلمة من معنى ولا ولم انتم الى اية عائلة سياسية سابقا وحاضرا.

 

لكن كثر الحديث منذ مدة – رغم اعلانك الاستقلالية - عن وجود «اسماء» تقف وراءك إلى جانب وجود جهة جغرافية كاملة تدعمك؟

 

(غاضبا) سبق أن أكدت اني مستقل عن اية تاثيرات فئوية وخصوصية او من مجموعة معينة، وحكاية وجود «اسم» معين ورائي «حكاية فارغة» يكررها كثيرون لمجرد الكلام فحسب..

بالنسبة للانتماء الجهوي، صحيح أنا انحدر من جهة الساحل وتحديدا منطقة طبلبة الواقعة بين المنستير والمهدية .. لكن في الفترة الاخيرة زرت عديد المناطق وهذا يؤكد أني مرشح «وطنيا» وليس عن جهة معينة، وهذا ما يجب ان يكون عليه رئيس الجمهورية القادم من خلال خدمة كل شبر في البلاد وكل الفئات الاجتماعية بنفس الروح والعزيمة. تونس بلد متكامل ويحتاج إلى إعادة شيء من التوازن للجهات.. 

بعض تجارب الانتقال الديمقراطي في العالم اثبتت فكرة «الرجل المعجزة القادم من الخارج» الذي يقع تكليفه من قوى اجنبية لـ«انقاذ» البلاد ..هل يمكن ان يكون مصطفى كمال النابلي كذلك خصوصا انك «تربيت» في مؤسسات اقتصادية دولية يؤكد كثيرون ارتباطها الوثيق بمصالح بعض الدول العظمى؟ 

أنا لم آت من الخارج بل من تونس وعملت في مؤسسات دولية بقدر ما عملت بمؤسسات وطنية وبالتالي لا يمكن ان اكون «مبعوث» اية دولة اجنبية.. وما يقال عن هيمنة الولايات المتحدة الامريكية على المؤسسات التي عملت بها كلام لا يستند إلى اي منطق.. فهذه المؤسسات مستقلة عن اية دولة او قوة. 

 

الا تخشى، كمستقل، منافسة مرشحي الاحزاب الذين تقف وراءهم ماكينة انتخابية كبيرة منبثقة عن احزابهم؟

 

هذا غير صحيح على ارض الواقع.. فمن خلال جولتنا في عديد الجهات لاحظنا قبولا واسعا وقويا للمستقلين وان الاستقلالية بصدد استقطاب شق واسع من التونسيين.. والمهم أن المستقل يعول بدوره على «ماكينة» انتخابية عبر لجان الدعم في مختلف الجهات والتي تقوم بعمل كبير يمكنه تعويض العمل الحزبي.

 

هل صحيح انك ترشحت لمنافسة طرف ما وليس لانك مصطفى كمال النابلي؟

 

لا لم اترشح ضد اي طرف ترشحت لاني اعتقد انه بامكاني تقديم اضافة لتونس.

 

لو تقترح عليك حركة النهضة دعمك كرئيس توافقي هل تقبل؟

 

انا مترشح كمستقل وسأتقدم للناخب التونسي فإذا اقتنع سيصوت لي وإذا لم يقتنع لن يصوت.

 

وماذا عن الموقف القائل بان ترشحك الآن للرئاسية هي ردة فعل على عدم اختيارك رئيسا للحكومة خلال الحوار الوطني مطلع العام الجاري ورغبة منك في بلوغ السلطة بأية تكاليف؟

 

هذه ايضا مجرد تخمينات ..ترشحت لاني اريد خدمة بلادي التي تمر بمرحلة صعبة وتحتاج لكل ابنائها .. أنا بوسعي المساهمة في الخروج من هذا الوضع ولي نظرة مستقبلية في هذا المجال، وليس بحثا عن السلطة، ولو كانت لي رغبة في الكراسي لبقيت في عملي السابق.

 

المشكل الاساسي اليوم في تونس اقتصادي، وانت صاحب تجربة كبرى في المجال الاقتصادي.. ألا ترى نفسك اليوم تحمل آمال الشعب والبلاد في هذا المجال وماذا اعددت كمقترحات عملية في هذا المجال ؟

 

صحيح مشاكل التونسي اليوم اساسا اقتصادية ( بطالة – فقر – غلاء المعيشة – دراسة الابناء – الآفاق المستقبلية الواضحة).. هذه المشاكل بلغناها بسب المشاكل السياسية والامنية ..هناك ارتباط عضوي بين الاقتصاد والاستقرار الامني والسياسي ..

كرجل اقتصاد وبحكم معرفتي بتجارب دول اخرى حصل فيها انتقال ديمقراطي، لا بد اولا من تحقيق الاستقرار الامني والسياسي ثم يمكن بعد ذلك وضح خطة او برنامج اقتصادي واضح .. رئاسة الجمهورية اليوم يجب ان تلعب دورا بارزا في اعادة الاستقرار السياسي والامني وعندئذ ياتي آليا الازدهار الاقتصادي ولا يمكن الحديث عنه اليوم. 

 

إذن أية ميزات عن غيرك ستدخل بها الانتخابات ؟ 

 

يمكن تلخيص هذه الميزات اولا في التجربة الوطنية والدولية في إدارة مؤسسات الدولة والمؤسسات الدولية ..ثانيا ارى في نفسي القدرة على اعطاء الامل والثقة للتونسيين من خلال ما قمت به سابقا من ادوار لفائدة الصالح العام ولفائدة تونس وليس لفائدة اي طرف آخر.. ثالثا ارى في نفسي مستقلا حقيقيا غير خاضع لاية جهة او فئة او حزب او طرف معين ولا اغلب طرفا على آخر، وهذه الاستقلالية تعطيك حتما القدرة على التجميع وعلى الحلول الوفاقية وهو ما تحتاجه تونس اليوم. 

لكن اؤكد مرة اخرى ان العمل الحزبي يبقى هاما في السياسة.. فالاحزاب تنشط العمل السياسي في اي بلد ما، وبالتالي فان تاكيدي على استقلاليتي ليس بغاية « ضرب» العمل الحزبي بل للقول ان تونس تحتاج اليوم وغدا الاستقلالية على مستوى رئاسة الجمهورية اكثر من التحزب.

 

أثار حضورك الاخير في برنامج تلفزي مؤخرا جملة من ردود الافعال والجدل خصوصا الراي القائل ان البرنامج أساء إليك أكثر مما افادك باعتبارك كنت شاهدا على تبييض الارهاب على لسان احد الضيوف؟

 

حضوري كان في إطار خطة عملنا الاعلامية لإيصال صوتي وصورتي إلى مختلف اطياف الشعب، ومنهم الفئة التي تتابع ذلك البرنامج والتي كانت هدفنا ( population cible). وخلال حضوري حاولت الحفاظ على صورتي التي يعرفها عني الشعب رغم كل ما قيل عن تلك الحلقة وعما اثير فيها من مواضيع ..لا يهمني الطابع الاستفزازي للبرنامج ولم أتأثر بذلك كثيرا. فقط شيء وحيد استفزني وهو ما قاله احد الضيوف بانه «يتشرف بصداقة ابي عياض..» فهذا غير مقبول تماما وأدينه، وموقفنا من الارهاب واضح وهو ضرورة محاربته ومحاربة من يروج له او الافكار التي تحاول تبييضه عبر الاعلام او غيره . 

 

على مستوى علاقاتنا الخارجية، أية نظرة لديك في المستقبل لهذا الجانب؟

 

التعاون مع الخارج والاستثمار مرتبط بما ان كانت لك نظرة استشرافية للمستقبل ام لا . للأسف عشنا في تونس في السنوات الاخيرة فترة من الضبابية وعدم الوضوح من حيث الوضع الداخلي الذي اثر حتما على علاقاتنا الخارجية من حيث جلب الاستثمار الذي تعطل، فضلا عن تعطل الاستثمار الداخلي. لذلك اعتقد ان رئاسة الدولة سيكون لها دور بارز في هذا المجال في الفترة القادمة.

 

اصوات الناخبين تتوزع بين 3 مناطق كبرى وهي اليمين (النهضة والقريبين منها) واليسار ( الجبهة الشعبية والقريبين منها) والوسط الذي تنتمي اليه انت.. لكن الوسط يعج اكثر من غيره بالمترشحين وستجد نفسك في منافسة اسماء عديدة مثل قائد السبسي والدساترة وغيرهم.. فكيف تنظر الى مكانك بينهم؟

 

ما قلته صحيح، لكن من ناحية اخرى اثبتت استطلاعات الراي ان حوالي 45 بالمائة من الناخبين لا يعرفون لمن سيصوتون. وهؤلاء يمكن التعويل عليهم يوم الاقتراع للتصويت للمترشح الذي يرون فيه انه سيمثلهم وهذا ما ساسعى الى تحقيقه.

 

أثير كلام كثير حول مسالة التزكيات وانت من بين المتهمين بتزوير عديد التزكيات في ملف ترشحك؟

 

ما اؤكده ان حصولنا على التزكيات كان بطريقة سليمة وشفافة ولم نستعمل مالا ولا تزويرا لاستقطاب المتطوعين الذين زكوني..غير ان لخبطة كبرى حصلت حول هذا الموضوع بدليل ان ما قدمناه من تزكيات لهيئة الانتخابات لم تعلن عنه الهيئة بل اعلنت عن تزكيات اخرى لا نعرف كيف تسربت الى ملف ترشحي.. رئيس حملتي قام بتزكيتي لكنه عندما تثبت لم يجد اسمه في القائمة وكذلك عدد من افراد عائلتي قاموا ايضا بتزكيتي فوجدوا انفسهم في قائمة المزكين لمرشحين آخرين او لم يعثروا على اسمائهم اصلا في القائمة.. اشياء غريبة حصلت ووجهت لنا تهم عديدة. ما اقوله هو انه لا بد من التثبت جيدا من هذا الملف قبل توجيه التهمة لاي طرف وقبل ان تحاول بعض الاطراف الركوب على الامر لتشويه المترشحين.

 

* عن  "الشروق" التونسية