ينظم معرض لأعمال الرسام "روني  سانتيس" برواق المركز الثقافي الجزائري بباريس و الذي سيدوم  إلى غاية شهر مارس المقبل في إطار تكريم ما بعد الوفاة لهذا  الفنان الذي يعرف برسوماته للحي العاصمي الجزائري العتيق القصبة إبان "معركة الجزائر" و الكدمات التي خلفها الجنون  الإجرامي لمنظمة الجيش السري عشية الإعلان عن الاستقلال الوطني.     و تبرز سلسلة من الصور التي التقطها "روني سانتيس" من العمارة التي كان يقطن  بها آنذاك بحي "لامارين" المواقع المضبوطة للطبيعة الحضرية التي جسدها في أعماله  التي كرسها لمدينة الجزائر العاصمة مسقط رأسه.

و تم عرض ما يقارب 30 لوحة في إطار هذا المعرض الذي استقطب جمهورا كبيرا لم يخف إعجابه الكبير بالطابع الجمالي لهذه الأعمال.

و ترعرع هذا الرسام بحي "لامارين" الذي كان يقطن به الفنانون الذين ميزوا تلك  الحقبة إلى غاية الاعتدائين اللذين ارتكبتهما منظمة الجيش السري يومي 6 و 7 مارس  1962 شهرين قبل اختطافه من قبل كوموندوس "دلتا" للمنظمة وبعدها اختفى "سانتيس" إلى الأبد  عن عمر ناهز 29 سنة فقط و لم يتم العثور على جثته. بعد إقامة بباريس  صادفت عودة "روني سانتيس" إلى الجزائر سنة 1957 اندلاع  "معركة الجزائر" بعد ثلاث سنوات عن انلاع ثورة التحرير الجزائرية بأكملها حيث وقع سكان العاصمة في دوامة من أعمال العنف التي ارتكبها  يوميا المظليون ضد مناضلي القضية الجزائرية. و منذ ذلك الحين  أصبحت المدينة تخضع  لنظام التوقيفات و حظر التجول و الأسلاك الشائكة و القحط و غير ذلك. و بالرغم من الصعوبات اليومية إلا أن هذا الفنان عبر في البعض من لوحاته  عن لحظات عائلية من الفرحة تعكسها الألوان الذهبية "لسوق مليئة بالأنوار".                            

حي "القصبة" مصدر الإلهام .           

عبر الفنان في رسوماته عن التداخلات الطيفية لحي القصبة التي كان يبصر إليها من نوافذ عمارته بحبه الذي كان يقطن فيه،  مبرزا الدم الذي كان يسيل بشوارعه، فقد أصبحت القصبة مصدر إلهامه و هو ما يلاحظ في العديد من لوحاته على غرار  "لامارين" و "التهديد" و "حظر التجول". و تم الاعتراف بالطابع المتميز لرسومات الفنان "روني سانتيس" مما سمح له منذ  شهر جانفي 1960 بتنظيم سلسلة من المعارض التي لقيت نجاحا كبيرا.

مولد وحياة الفنان

ولد "روني سانتيس" بالجزائر سنة 1933 عن أب فرنسي و أم جزائرية و اختفى عن  الأنظار يوم 25 ماي 1962  الوطني بعد أن اختطف  من منزله ب"الأبيار" وسط العاصمة شهرين بعد إعلان وقف إطلاق النار بالجزائر إثر مفاوضات "افيان" الشهيرة التي تلت سبع سنوات ونصف من ثورة التحرير الجزائرية التي أرغمت المستعمر على الخروج بالقوة التي دخل بها منذ 132 سنة وتم الإعلان عن استقلال البلاد رسميا في 5 جويلية 1962. و بالمناسبة تنظيم هذا المعرض  صرحت ابنته "دومينيك" التي حضرت إليه أن الحي الذي قطن به والدها "يعد رمزا لمزيج الشعبين الفرنسي  و الجزائري" مؤكدة أنه "لو كانت الصداقة التي كانت سائدة في هذا الحي قد وسعت لتشمل  كامل الجزائر لما اتخذ مجرى التاريخ منعرجا آخر".