نقلت السلطات التونسية معركتها في إخماد توهج الجامعات الإسلامية المتشددة إلى ضفة أخرى نسبياً، غبر اعتقال أو قتل أبرز قياداتها في الأشهر الأخيرة، وتضيق الخناق على هذه الجماعات في المساجد، التي تعد القلاع القليلة التي تبقت للسلفيين. وتسعى الحكومة الجديدة التي تسلمت السلطة قبل أكثر من 3 أشهر، إلى استرجاع سيطرة الدولة على المساجد، التي ظل أغلبها تحت سطوة إسلاميين متشددين.

وخلال حكم الرئيس السابق العلماني زين العابدين بن علي، واجه السلفيون قمعاً وسجن أغلبهم، ولكن بعد الثورة أصبح حضورهم لافتاً، بالاستفادة من مناخ الحرية، إذ عينوا أئمة تابعين لهم في مئات المساجد.ثم تقلص هذا الحضور نتيجة للملاحقات الأمنية التي شنتها الحكومة على قيادات من جماعة أنصار الشريعة، ومع ذلك فإن السلفيين مازالوا يحكمون السيطرة على حوالي 150 مسجداً في البلاد.

وتتصدى قوات الأمن التونسية منذ أشهر لمتشددين من جماعة أنصار الشريعة المحظورة، وهي من الجماعات المتشددة التي ظهرت بعد سقوط بن علي، ووجهت أصابع الاتهام إلى أنصار الشريعة في التحريض على اقتحام السفارة الأمريكية في 14 سبتمبر (أيلول) 2012، وأدرجتها واشنطن على قائمة التنظيمات الإرهابية التي تربطها صلات بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

ويقول مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية في جنيف رياض الصيدواي: "الدولة استفاقت وفهمت أن الإرهاب ليس سلاحاً فقط بل هو أساساً خطاب مصدره عدة مساجد تروج لفكرة الجهاد وتجاهل الدولة، والحديث عن فكرة وحلم الخلافة".ويضيف الصيداوي "العملية ستكون معقدة وستكون لياً للذراع بين الدولة والمتشددين الذين يحاولون إثبات الذات، لأن المساجد هي آخر المعاقل التي يروجون منها علناً لفكرهم".

وقال مسؤول مكلف بالمساجد في وزارة الشؤون الدينية كمال الفطناسي: إن "السلطات تمكنت فعلاً من استرجاع 30 مسجداً، من مجموع 150 تسعى لاستعادتها".وقال "نحن نريد تجنب سماع خطابات التحريض والدعوات للجهاد في سوريا مثلما فعلوا، وتحييد المساجد لتهيئة أفضل الظروف قبل إجراء الانتخابات".