يبدو أن عملية "طوفان الكرامة" التى أطلقها الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر فى أبريل الماضى تتجه نحو مرحلة حاسمة، وذلك بعد دفع القوات المسلحة الليبية لتعزيزات عسكرية ضخمة إلى محاور القتال فى طرابلس،وتصاعد العمليات العسكرية وهو ما يشير إلى قرب عملية اقتحام القوات لقلب العاصمة لتحرير من قبضة المليشيات المسلحة التي تسيطر على دواليب الدولة منذ سنوات.

الى ذلك،نفّذ سلاح الجو الليبي ضربات مكثفة على مقرات الجماعات الإرهابية بمدينة غريان، جنوب غربي طرابلس، أسفرت عن تدمير شاحنات أسلحة ومقتل إرهابيين.وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة بالجيش الليبي إن سلاح الجو نفّذ ضربات مركزة على المليشيات، مساء الخميس وفجر الجمعة، على مقرات إرهابيي تنظيم شورى بنغازي (الموالي لتنظيم القاعدة) المتمركزين بمدينة غريان.

وأضاف المركز، في بيان له، أن الضربات كانت دقيقة وأصابت الأهداف مباشرة، وقد تسببت في جرح وقتل الإرهابيين الموجودين بالمواقع (لم يحدد عددهم) وتم رصد سيارات الإسعاف وهي تنقل الحالات إلى طرابلس.وكشف البيان أن من بين الضربات الدقيقة للقوات الجوية الليلة البارحة استهداف ما يعرف بمعسكر "أبومعاذ" بغريان الذي يتمركز به عدد من المرتزقة التشاديين.

وأسفرت الغارات عن العديد من القتلى بحسب مصادر المركز الإعلامي لعملية الكرامة من داخل مدينة غريان، الذي أشارت إلى أن عملية الدفن تتم بصورة جماعية.وكثف الجيش الليبي غاراته الجوية الليلية مستهدفًا تجمعات للميليشيات بمدينة غريان منذُ أكثر من 4 أيام، وكانت أقوى غاراته استهدفت مبنى ثانوية الشرطة بالمدينة، والتي تتخذها الميليشيات مقرًا ومخزنًا للسلاح والوقود.

وتأتي هذه العمليات في إطار عملية الرد القاسي التي أطلقها المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي،في 29 يونيو/حزيران الماضي، للرد على خيانة الخلايا النائمة بمدينة غريان وتصفية أسرى الجيش الوطني الليبي بمستشفى غريان والتي أعتبرت جريمة حرب أقدمت عليها المليشيات الموالية لحكومة الوفاق ولقيت تنديدا واسعا في الأوساط الليبية وأماطت اللثام على حجم الفضائع التي تقوم بها هذه المليشيات في حق الليبيين.

وتتسارع تحركات الجيش الوطني الليبي على تخوم العاصمة الليبية حيث دفعت القوات المسلحة الليبية خلال الأيام القليلة الماضية بتعزيزات العسكرية هى الأكبر منذ إطلاق عملية "طوفان الكرامة"، وتضم التعزيزات وحدات من قوات المظلات والصاعقة وقوات برية مدربة على حرب الشوارع.

ونشر الجيش الوطني الليبي مشاهد مصورة لتعزيزات عسكرية كبيرة قال إنها تتجه إلى محاور القتال جنوب العاصمة طرابلس في ما وصفه بالمرحلة الثانية من المعركة الدائرة حول المدينة.وظهرت في الفيديو أرتال من سيارات الدفع الرباعي المسلحة والعربات المدرعة تغطيها طائرة مروحية هجومية، وحافلات قيل إنها ستنقل أكثر من 800 جندي للقتال على تخوم طرابلس.

وكان الجيش الليبي قد تمكن من تحييد سلاح الجو لحكومة الوفاق بعد تمكنه من اسقاط عدة طائرات يقودها في الغالب مرتزقة من دول غربية.وأكد المتحدث باسم القيادة العامة للجيش الوطني الليبي أحمد المسماري،في وقت سابق أن القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني فقدت سلاحها الجوي. وأصبحت تعتمد على الطائرات المسيرة.وقال المسماري إنه "لم يتبقّ لحكومة الوفاق إلا الطائرات بدون طيار بعد القضاء على سلاحها الجوي".

واندلعت الأربعاء اشتباكات عنيفة، في عدد من محاور القتال جنوب العاصمة طرابلس بين قوات الجيش الليبي والميليشيات المدعومة من حكومة الوفاق، تمكن خلالها الجيش من تحقيق تقدمات ميدانية جديدة في محوري خلة الفرجان، الذي تم السيطرة عليه بالكامل والخلاطات،وأظهرت مقاطع فيديو، مشاهد اقتحام وحدات الجيش الليبي، لمواقع الميليشيات بإحدى المحاور البريّة، كما وثّقت لضراوة المعارك بين الطرفين، باستخدام مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة.

وتشير هذه التطورات الى دخول معركة تحرير طرابلس مرحلة جديدة قد تكون حاسمة وهو ما أكده آمر مجموعة عمليات المنطقة الغربية عبد السلام الحاسي، في تصريحات صحافية،قائلا أن المرحلة الثانية من عملية "طوفان الكرامة" ستكون مرحلة حاسمة في اتجاه تأمين العاصمة وطرد ميليشيات المرتزقة والإرهابيين منها، مشيرا إلى جاهزية القوات المسلحة التامة لتنفيذ أوامر القيادة العامة.

وأوضح الحاسي، أن الجيش يعمل على المحافظة على سلامة المؤسسات وعدم تعريضها للتخريب، كما يرفض أن تسقط قطرة دم واحدة من المدنيين، قائلا "كل تأخير يسجل الهدف منه مزيد ضمان تحقيق الهدف النهائي بأقل قدر ممكن من الخسائر".

وكان اللواء علي القطعاني، آمر اللواء 73 مشاة التابع للجيش الليبي،قال إن قوات الجيش أتمت بنجاح المرحلة الأولى من معركة تحرير العاصمة طرابلس من المليشيات والمجموعات المتشددة.وأضاف القطعاني في تصريح نشرته صفحة اللواء الرسمية على "فيسبوك" مساء الخميس، أن "قوات الجيش سيطرت على المناطق المستهدفة مسبقًا حسب الخطة الموضوعة من القيادة العامة للجيش الليبي، وتتمركز الآن بالقرب من وسط العاصمة".

وتابع أن "الخطوة التالية هي استنزاف العدو والسيطرة التامة على المواقع الحساسة وتجنيب المدينة الخسائر البشرية والمادية".وقال إن "قوات الجيش في طرابلس بانتظار تعليمات القيادة العامة للجيش الليبي لتنفيذ المرحلة الثانية بجميع خطواتها للوصول إلى الهدف الأكبر وهو تحرير العاصمة".مؤكدا أن "الجيش يسعى لتأمين الوطن وإعادة الأمن والأمان للمواطن الليبي بعكس المليشيات ومن يدعمها فهم يقاتلون من أجل المصالح الشخصية"، على حد قوله.

وتتقدم قوات الجيش الليبي في عدة محاور، وتمركزت قواته في عدة أحياء قريبة من وسط العاصمة مثل جوازات صلاح الدين، وخلة الفرجان، وسط تراجع كبير لقوات الوفاق والمليشيات الداعمة لها،والتي باتت الخيارات أمامها محدودة مع تواصل تضييق الخناق حولها رغم الدعم الذي تحضى به من دول اقليمية على رأسها تركيا التي يسعر رئيسها أردوغان لمنع سقوط أذرعه التخريبية في طرابلس لضمان نهب الثروات الليبية.

ولجأت الأطراف الداعمة للمليشيات الى التفجيرات الارهابية لتشتيت الجيش الليبي،حيث حمّل المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مسؤولية الهجوم الذي وقع، الخميس، بمقبرة "الهواري" في بنغازي خلال تشييع جثمان اللواء خليفة المسماري.وقال المتحدث باسم الجيش الليبي في تصريحات صحفية، الخميس، إن أردوغان مسؤول بصورة مباشرة عن التفجيرات الإرهابية التي ضربت بنغازي، وفايز السراج دفع بشكل مباشر أموالا لبعض الخونة والإرهابيين في المدينة. 

ويرى مراقبون أن العملية الارهابية في بنغازي تشير الى الخطر الكبير الذي بات يشكله التدخل التركي في ليبيا حيث يسعى أردوغان لتحويل البلاد الى ملاذ جديد للعناصر الارهابية التي يقوم بنقلها من سوريا الى طرابلس لدعم المليشيات الموالية له.وأشارت العديد من التقارير الاعلامية الى وصول أعدادا كبيرة من عناصر تنظيمي داعش والقاعدة إلى الداخل الليبي وهو ما دفع الرئيس الروسي للتعبير عن مخاوفه مؤخرا.

وفي ظل عجزها وارتهانها الواضح للمليشيات وللأجندات الخارجية المشبوهة،يزداد عجز حكومة الوفاق التي يشير متابعون للشأن الليبي بأنها ورطت نفسها مع المسلحين وقامت بتحالفات مشبوهة بهدف البقاء في السلطة.ويؤكد هؤلاء أن الخناق بدأ يضيق على هذه الجماعات المسلحة في محيط العاصمة الليبية خاصة بعد نجاح الجيش الليبي في التقدم على جميع المحاور والجبهات،وتزايد الخسائر في صفوف المليشيات،وهو ما يؤكد اقتراب الحسم في معركة الدفاع عن سيادة الدولة واستقرار البلاد وأمن المواطن.